رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له: «اركبها»

حديث: رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له: «اركبها»

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له: «اركبها» قال: يا رسول الله! إنها بدنة، قال: «اركبها ويلك» في الثانية أو في الثالثة.

متفق عليه: رواه مالك في الحج (١٤٤) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وغيره، وهو من الأحاديث التي تُظهر سماحة الإسلام ورفقه بالناس، ودفع الحرج والمشقة عنهم.

أولاً. شرح المفردات:

● يسوق بدنة: يسوقها أي يُمشيها أمامه بلا ركوب. والبدنة: هي الناقة أو البقرة التي تُهدى أو تُنحر في الحج أو العمرة، وسُميت بذلك لِعِظَمها وبُدنها (أي سمنها وكبر جسمها).
● اركبها: أي اجعلها مركوباً لك بدلاً من سوقها مشياً.
● ويلك: كلمة وعظ وتنبيه، تُقال للتحذير من التفريط أو الإثم، وليس المقصود منها الدعاء بالهلاك، بل هي كلمة تقال للزجر والتنبيه على خطأ ما يفعله المخاطب.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يسوق بدنة (أي يمشي بها ماشياً على قدميه وهي أمامه) من غير أن يركبها.
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يركبها ليستريح من مشقة السير، فاستنكر الرجل ذلك وقال: (يا رسول الله! إنها بدنة) أي كيف أركبها وهي مخصصة للنسك والهدي؟! خوفاً من أن يُعتبر الركوب إهانة لها أو نقصاً في أجرها.
فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم الأمر عليه مرة ثانية أو ثالثة قائلاً: (اركبها ويلك) أي اركبها مع توجيهه وتحذيره من التفريط في الرخصة التي أباحها الله له، وترك الانتفاع بها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- سماحة الإسلام ويسره: فالإسلام دين يسر لا عسر، وقد رفع الحرج عن الناس، وأباح لهم الانتفاع بما تحت أيديهم ولو كان للعبادة، ما دام ذلك لا يؤثر على مقصود العبادة.
2- جواز ركوب الهدي إذا احتيج إلى ذلك: إذا كان السائق يحتاج إلى الركوب لتعب أو مشقة، فلا حرج في ركوب البدنة أو البقرة المهداة، بشرط ألا يُحمّلها فوق طاقتها، وأن تكون صالحة للذبح بعد ذلك.
3- ردع الجهل وسد ذرائع الغلو: النبي صلى الله عليه وسلم رد على توهّم الرجل أن ركوب البدنة ينقص من أجرها أو يحط من قدرها، فبيّن له أن هذا من التنطع والغلو الذي لم يأذن به الله.
4- الأمر بالمشروع ولو بعد التردد: إذا تردد الإنسان في أمرٍ قد أبيح له، وجب عليه أن يمتثل لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ويطمئن لشرع الله.
5- رفع الحرج والمشقة في العبادات: الأصل في العبادات التيسير وعدم تحميل النفس ما لا تطيق، ما لم يرد دليل بخلاف ذلك.

رابعاً. فوائد إضافية:

- هذا الحديث يدخل تحت القاعدة الفقهية: "المشقة تجلب التيسير".
- أن الهدي لا يمنع الانتفاع به بالركوب إذا دعت الحاجة، بخلاف ما يعتقده بعض الناس من تحريم ركوبها مطلقاً.
- ينبغي للمسلم أن يتعلم أحكام دينه حتى لا يقع في التشديد على نفسه أو على غيره بغير دليل.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الحج (١٤٤) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه البخاري في الأدب (٦١٦٠)، ومسلم في الحج (١٣٢٢: ٣٧١) كلاهما من طريق مالك به.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 721 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له: «اركبها»

📜 حديث: رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له: «اركبها»

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له: «اركبها»

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له: «اركبها»

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له: «اركبها»

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية