إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم

حديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم

عن صفية بنت حيي زوج النبي ﷺ أخبرته: أنها جاءت رسول الله ﷺ تزوره، وهو معتكف في المسجد، في العشر الغوابر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامت تنقلب، فقام معها النبي ﷺ يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد، الذي عند مسكن أم سلمة زوج النبي ﷺ مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله ﷺ ثم نفذا، فقال لهما رسول الله ﷺ: «على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي» قالا: سبحان الله يا رسول الله! وكبر عليهما ما قال، قال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما».

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٦٢١٩)، ومسلم في السلام (٢١٧٥) كلاهما من طريق الزهري، عن علي بن حسين، عن صفية، فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تحمل في طياتها دروساً عظيمة في العقيدة والأخلاق والسلوك.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● اعتكاف في المسجد: لزوم المسجد لعبادة الله تعالى، وهو من السنن المؤكدة في العشر الأواخر من رمضان.
● العشر الغوابر: أي الأواخر، والمقصود بها العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.
● تنقلب: تَرجع إلى بيتها.
● يقلبها: يُمشيها ويُرافقها ليوصّلها إلى بيتها.
● على رسلكما: أي تمهّلا واقفا، وهو أمر بالتبطؤ والتوقف.
● مبلغ الدم: أي مجرى الدم في العروق.
● يقذف: يلقي ويُوحي بخاطر سوء.

ثانياً. شرح الحديث:

تخبرنا السيدة صفية رضي الله عنها -وهي إحدى أمهات المؤمنين- أنها زارت النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف في مسجده في العشر الأواخر من رمضان، وذلك بعد صلاة العشاء. وبعد أن جلسَت معه وتحدثت قليلاً، قامت لتعود إلى بيتها، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ليُمشّيها ويوصّلها تكريماً لها وصوناً لها. وعندما وصلا إلى باب المسجد القريب من بيت أم سلمة، رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من الأنصار، فسلّما عليه ثم مضيا في طريقهما. هنا نادى عليهما النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: "على رسلكما" (أي انتظرا قليلاً)، ثم قال لهما موضحاً: "إنما هي صفية بنت حيي" (أي هذه المرأة التي معي ليست أجنبية، بل هي زوجتي صفية). فاستغرب الرجلان واندهشا من هذا التوضيح، وقالا: "سبحان الله! يا رسول الله" تعجباً وتنزيهاً لك عن أن نظن بك سوءاً. فبيّن لهما النبي صلى الله عليه وسلم سبب هذا التوضيح بقوله: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً" (أي وسوسة أو ظناً سيئاً).

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- جواز زيارة المرأة لزوجها المعتكف: وذلك للحديث معه وقضاء بعض حوائجها، بشرط ألا يكون في ذلك إلهاء له عن عبادته.
2- التواضع العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم: حيث قام بنفسه لتوصيل زوجته إلى بيتها، مع علو منزلته وصَوله.
3- الحفاظ على الأعراض وقطع أسباب التهمة: وهذا من أعظم الدروس، حيث حرص النبي صلى الله عليه وسلم على بيان الحقيقة للرجلين قطعاً لأي وسوسة قد يلقيها الشيطان في النفوس، وهو المعصوم الذي لا يُظن به سوء. فكيف بنا نحن؟
4- بيان حقيقة وسوسة الشيطان: وأنه قريب من الإنسان ويجري منه مجرى الدم، كما في الرواية الأخرى: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم". وهذا يؤكد على ضرورة مجاهدة النفس والاستعاذة بالله من الشيطان ونزغاته.
5- التنزيه والتقدير للنبي صلى الله عليه وسلم: من الصحابة رضي الله عنهم، حيث كان جوابهم "سبحان الله" تعجباً وتنزيهاً لهم عن أن يظنوا برسول الله ظن السوء.
6- الحرص على تطهير القلوب: وإزالة أي شبهة أو سوء ظن قد يقع فيها الإنسان، حتى لو لم يظهر على الجوارح.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل عظيم في سد الذرائع، وهو من باب "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".
- فيه دليل على أن خلوة الرجل بزوجته أو محرمه لا حرج فيها، وإنما حرص النبي على التوضيح لمن رآه لقطع وسوسة الشيطان.
- يستفاد منه أهمية التثبت وعدم تسرع الإنسان في الحكم على الآخرين بمجرد ما يرى، فقد يكون الأمر على خلاف ما يظن.
نسأل الله أن يطهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء، وأن يعيذنا من وسوسة الشيطان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦٢١٩)، ومسلم في السلام (٢١٧٥) كلاهما من طريق الزهري، عن علي بن حسين، عن صفية، فذكرته. واللفظ للبخاري.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 711 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم

📜 حديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية