حديث: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

عن أبي سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته قال: يا رب! رجوتك وفرِقت من الناس».

حسن: رواه ابن ماجه (٤٠١٧)، وأحمد (١١٧٣٥)، وصحّحه ابن حبان (٧٣٦٨) كلهم من حديث يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أبو طوالة، حدثنا نهار العبدي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: فذكره.

عن أبي سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته قال: يا رب! رجوتك وفرِقت من الناس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أسعد بتوضيح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو حديث عظيم يحمل معاني عميقة حول مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الحديث بلفظه:


«إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته قال: يا رب! رجوتك وفرقت من الناس».

شرح المفردات:


● ليسأل: سيحاسب ويستفسر بعناية.
● العبد: الإنسان المؤمن.
● المنكر: كل ما حرمه الله ورسوله من الأقوال والأفعال.
● تنكره: تدفعه وتغيره بيدك أو لسانك أو قلبك حسب الاستطاعة.
● لقن حجته: أعطاه الله سببًا للاعتذار مقبولاً.
● رجوتك: خشيت عقابك.
● فرقت من الناس: خفت من أذى الناس.

شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى سيحاسب العبد يوم القيامة على تقصيره في إنكار المنكر إذا رآه ولم يغيره، فيسأله: لماذا لم تغير هذا المنكر عندما رأيته؟ فيعتذر العبد بأنه كان يخاف الله (رجوتك) ويخشى عقابه إن لم ينكر بقلبه على الأقل، ولكنه في نفس الوقت خاف من الناس (فرقت من الناس) أن يؤذوه أو يضروه إذا أنكر المنكر بيده أو لسانه.
وهنا يظهر أن الاعتذار المقبول هو أن يكون العبد قد أنكر المنكر بقلبه على الأقل، وهذا أضعف الإيمان، كما في الحديث: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (رواه مسلم).
فمن لم ينكر المنكر مطلقًا لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه، فهو آثم ولا عذر له. أما من أنكره بقلبه ولكنه خاف من الناس أن يغير بيده أو لسانه، فهذا يعتذر بهذا الاعتذار وقد يقبله الله إذا كان صادقًا.

الدروس المستفادة:


1- وجوب إنكار المنكر حسب الاستطاعة، والقلب هو الحد الأدنى الذي لا عذر لأحد في تركه.
2- خوف الله مقدّم على خوف الناس، فلا يجوز أن يمنعك خوف الناس من أداء الواجب الشرعي.
3- اليوم الآخر يوم حساب، حيث يسأل الله العباد عن تقصيرهم في الواجبات.
4- رحمة الله تعالى حيث يقبل الاعتذار من عباده إذا كانوا صادقين.
5- الحكمة في الإنكار، فلا يعني هذا الحديث التهور والتعرض للأذى، بل يجب الإنكار بالطريقة المناسبة التي لا تؤدي إلى منكر أكبر.

معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وهو حسن.
- يجب على المسلم أن يوازن بين إنكار المنكر واجتناب الضرر الأكبر، فإذا كان إنكار المنكر سيؤدي إلى فتنة أو ضرر أكبر، فينكر بقلبه ويبتعد عن موطن المنكر.
- من أعظم أسباب قوة الأمة وتماسكها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104].
أسأل الله أن يجعلنا ممن يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٤٠١٧)، وأحمد (١١٧٣٥)، وصحّحه ابن حبان (٧٣٦٨) كلهم من حديث يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أبو طوالة، حدثنا نهار العبدي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: فذكره.
وإسناده حسن من أجل نهار العبدي فإنه حسن الحديث.
وروي أيضا عن أبي سعيد قال قال رسول الله ﷺ: «لا يحقر أحدكم نفسه» قالوا: يا رسول الله! كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: «يرى أمرا لله عليه فيه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله عز وجل له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول خشية الناس، فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى».
رواه ابن ماجه (٤٠٠٨)، وأحمد (١١٢٥٥) كلاهما من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد، فذكره.
وأبو البختري هو سعيد بن فيروز الطائي لم يسمع من أبي سعيد الخدري، وبينهما رجل، فقد رواه أحمد (١١٨٦٨) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن رجل، عن أبي سعيد، فذكره.
والقول قول شعبة كما قال الدارقطني في العلل (١١/ ٣٥٤)، وفيه رجل مبهم.
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود قال: انتهيت إلى النبي ﷺ وهو في قبة حمراء من أدم في نحو من أربعين رجلا فقال: «إنكم مفتوح عليكم منصورون ومصيبون فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليأمر بالمعروف، ولينه عن المنكر، وليصل رحمه، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومثل الذي يعين قومه على غير الحق كمثل بعير ردي في بئر فهو ينزع منها بذنبه».
رواه أحمد (٣٨٠١ و٣٦٩٤)، وأبو داود (٥١١٧، ٥١١٨)، والترمذي (٢٢٥٧)، وابن ماجه (٣٠) كلهم من طرق عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، فذكره. والسياق لأحمد في الموضع الأول، ومنهم من اختصره.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».
قال الأعظمي: سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه محل خلاف، والصحيح أنه لم يسمع من أبيه إلا أربعة أحاديث، وليس هذا منها إلا أن لبعض فقراته أصول صحيحة، وتصحيح الترمذي وغيره يعود إلى أن الحديث من أهل البيت وهم معروفون، وليس فيهم متهم.
فائدة مهمة: الضوابط في الإنكار على المنكر:
قال العلامة ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين (٣/ ٤): «أن النبي ﷺ شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر.
فإنكار المنكر أربع درجات؛ الأولى: أن يزول ويخلفه ضده، الثانية: أن يقل وإن لم يزل بجملته، الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله، الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه؛ فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 785 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟

  • 📜 حديث: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب