لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة

حديث: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة

عن أبي برزة الأسلمي قال: بينما جارية على ناقة، عليها بعض متاع القوم، إذ بصرت بالنبي ﷺ، وتضايق بهم الجبل، فقالت: حل، اللهم العنها، قال: فقال النبي ﷺ: «لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة».
وفي لفظ: «لا أيم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله».

صحيح: رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٩٦) من طرق عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن أبي برزة الأسلمي، قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه موعظة بليغة ودلالات مهمة. وإليك الشرح الوافي له على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:

● جارية: امرأة شابة.
● متاع القوم: أمتعتهم وأغراضهم.
● تضايق بهم الجبل: ضاق الطريق عليهم بسبب مرتفعات الجبل.
● حل: كلمة تقال للإبل لتركض وتسير بسرعة (أي أسرعي).
● لعنة: الطرد والإبعاد من رحمة الله.
● راحلة: الدابة التي يُرتحل عليها، وهي هنا الناقة.

2. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه عن موقف حصل أثناء سفر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. كانت هناك جارية (امرأة شابة) تركب ناقة وتحمل بعض متاع القوم، فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم والطريق ضيق بسبب الجبل، أرادت أن تسرع الناقة لتفسح الطريق للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالت لها: "حل" (أي أسرعي). ولكنها في غضبها وسرعة تفكيرها، دعت على الناقة فقالت: "اللهم العنها" (أي اطلب من الله أن يبعدها عن رحمته).
فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه الدعوة على حيوان بريء لم يقترف ذنباً، فقط لأنها استثقلت بطئها في الطريق الضيق. فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل أشد الإنكار، وقال: «لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة». وفي الرواية الأخرى أكد بقسمه: «لا أيم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله».
معنى قوله: أنه رفض أن تسير هذه الناقة معهم في الركب أو تكون في صحبتهم، لأنها صارت محلاً لدعوة باللعنة، وهو لا يريد أن يكون في رفقه شيء عليه لعنة.

3. الدروس المستفادة منه:

هذا الحديث العظيم يحوي كنوزاً من الفوائد والعبر، منها:
● تحريم الدعاء على الحيوان أو أي كائن بغير حق: فالناقة لم تفعل شيئاً يستحق اللعن، وكان اللعن ظلماً لها.
● الحث على الرحمة بالحيوان: وهو من أخلاق الإسلام العظيمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر بشدة على من دعا على حيوان بغير ذنب.
● التحذير من اللعن بغير حق: فاللعن طرد من رحمة الله، وهو كلمة عظيمة لا ينبغي أن تقال إلا على من استحقها من الكفار أو العصاة على الوجه الشرعي.
● تقدير النبي صلى الله عليه وسلم للبركة والطهارة في صحبته: فهو لا يريد أن يكون حوله شيء مشؤوم أو عليه دعوة سوء.
● التأكيد على اختيار الكلمات: فالكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الخبيثة قد تجلب الشر واللعنة.
● أن الدعاء على الغير قد يستجاب: فحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء على أحد ظلماً، فقد يُستجاب فيهلك الإنسان أو الحيوان.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في باب الرفق بالحيوان، وهو من الأدلة التي يستدل بها الفقهاء على وجوب الإحسان إلى الحيوان وعدم إيذائه أو لعنه.
- فيه أيضاً التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في محبة الخير والبركة واجتناب كل ما فيه شؤم أو دعوة سوء.
- يستفاد منه النهي عن المصاحبة أو المخالطة لكل ما فيه لعنة أو إثم، تطييباً للقلب وتجنباً للشر.
- الحديث يدل على عظمة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه، حيث رحم حتى الحيوان وأنكر على من ظلمه بالدعاء عليه.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الرحمة والرفق في كل أمورنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٩٦) من طرق عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن أبي برزة الأسلمي، قال: فذكره.
قولها: «حلْ» بسكون اللام هي كلمة زجر للإبل واستحثاث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 884 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة

📜 حديث: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية