حديث: إني لأعجب ممن يأكل الغراب فقد أذن النبي في قتله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في الحيوانات التي أُمرَ بقتلها

عن عائشة قالت: إني لأعجب ممن يأكل الغراب، فقد أذن النبي ﷺ في قتله، وسماه فاسقا، والله! ما هو من الطيبات.

حسن: رواه البزار - كشف الأستار (١٢١٤)، والبيهقي (٩/ ٣١٧) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة قالت: إني لأعجب ممن يأكل الغراب، فقد أذن النبي ﷺ في قتله، وسماه فاسقا، والله! ما هو من الطيبات.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتمدين عند أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «إني لأعجب ممن يأكل الغراب، فقد أذن النبي ﷺ في قتله، وسماه فاسقًا، والله! ما هو من الطيبات».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وصححه الألباني).


1. شرح المفردات:


● أعجب: أتعجب وأستغرب.
● الغراب: طائر أسود معروف بنعقه وشراهته.
● أذن: أباح وأجاز.
● فاسقًا: الخارج عن طاعة الله، والمتجاوز لحدوده. وفي سياق الحيوان: الخبيث المؤذي الذي لا يُؤمن شره.
● الطيبات: ما أحله الله من الأطعمة الطيبة الحلال، النظيفة والمقبولة طبعًا وشرعًا.


2. شرح الحديث:


تتحدث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن حكم أكل لحم الغراب، فتبدأ بتعجبها الشديد من شخص قد يرتكب هذا الفعل (أكل الغراب) مع وجود الدليل النبوي الصريح على تحريمه أو كراهته الشديدة.
واستدلت رضي الله عنها على تحريم أكل الغراب بثلاثة أدلة متتالية:
1- الإذن في قتله: فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الغراب، والأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأذن بقتل حيوان إلا لسبب، إما لكونه مؤذيًا (كالحية والعقرب) أو لكونه محرم الأكل (كالكلب والسبع). والإذن بقتله يدل على أنه ليس من الحيوانات المحترمة التي يحرم قتلها، بل هو من المؤذيات أو الخبائث.
2- وصفه بالفِسْق: فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم "فاسقًا"، والفاسق في لغة الشرع هو الخارج عن الطاعة. وإطلاق هذا اللفظ على الحيوان يعني أنه خبيث مؤذٍ، متجاوز لحدوده في الأذى، مما ينفر الطبع السليم من أكله.
3- نفي كونه من الطيبات: تؤكد السيدة عائشة رضي الله عنها بحلفها ("والله!") أن الغراب ليس من الطيبات التي أباحها الله تعالى في قوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]. والطيبات هي ما تستطيبه النفوس السليمة والعقول الصحيحة، والغراب بما فيه من خبث ونهش للجيف يجعل النفوس تنفر منه وتستقذره.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم أكل لحم الغراب: هذا الحديث أصل عند جمهور العلماء (من الحنفية والشافعية والحنابلة) في تحريم أكل الغراب، لأنه من الطيور المستخبثة ذات الناب التي تأكل الجيف، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالفسق. وهو داخل في عموم النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع.
2- الحكمة من التشريع: يربط الشرع بين الحكم (الحل والحرمة) وبين الحكمة والوصف غالبًا. فتحريم أكل الحيوانات الخبيثة (مثل الغراب) له حكمة ظاهرة وهي صحة البدن وسلامة النفس، حيث إن الأطعمة الخبيثة تؤثر سلبًا على صحة الإنسان وأخلاقه.
3- ذم الاستهانة بالمحرمات: يعلمنا الحديث ذم الاستهانة بأحكام الشرع والتعجب ممن يرتكب المحرمات أو المستقذرات مع وضوح الأدلة، كما فعلت السيدة عائشة رضي الله عنها.
4- قوة استدلال الصحابة: يظهر لنا قوة فقه الصحابة رضي الله عنهم ودقة استنباطهم للأحكام، حيث استدلت عائشة بالإذن في القتل على تحريم الأكل.
5- النهي عن أكل كل مستقذر: يستفاد من الحديث النهي عن أكل كل ما تستقذره النفوس السليمة وتنفر منه، ولو لم يرد فيه نص خاص، عملاً بالقاعدة العامة في تحريم الخبائث.


4. معلومات إضافية:


● حكم أكل الغراب: ذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم أكل الغراب للأدلة السابقة. وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
● الفرق بين الإذن بالقتل وتحريم الأكل: ليس كل ما أذن الشارع في قتله يكون حرام الأكل (مثل الوزغ "أبو بريص" فأمر بقتله ولكنه لا يؤكل لاستقذاره)، ولكن كل ما حرم أكله يجوز قتله إذا كان مؤذيًا.
● الحيوانات التي يؤذن بقتلها: ورد في الحديث الصحيح الأمر بقتل (الفواسق الخمس: الغراب، الحدأة، الفأرة، العقرب، الكلب العقور) في الحل والحرم. وهذه صفاتها التشويه والأذى.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار - كشف الأستار (١٢١٤)، والبيهقي (٩/ ٣١٧) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.
وإسناده حسن من أجل إسماعيل بن أبي أويس وأبيه، وبقية رجاله ثقات، يحيى هو ابن سعيد الأنصاري.
قال الهيثمي في المجمع (٤/ ٤٠): «رواه البزار، ورجاله ثقات».
تنبيه: ورواه شريك القاضي عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر، فذكر بمثله. رواه ابن ماجه (٣٢٤٨)، والبيهقي (٩/ ٣١٧) كلاهما من طريق الهيثم بن جميل، ثنا شريك به.
وشريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي تفرد بهذا الإسناد وهو سيئ الحفظ فلا يحتج به إذا انفرد، فكيف وقد خالف الثقة وهو يحيى الأنصاري كما سبق.
وأما البوصيري فقال في زوائد ابن ماجه (٣/ ٦٨): «إسناده صحيح».
وفي قول عائشة أم المؤمنين: إني لأعجب ممن يأكل الغراب» ثم تعليلها ذلك بكون النبي ﷺ قد أذن في قتله صريح في أنها تذهب إلى حرمة أكل ما أُمرَ بقتله وهو قول لأهل العلم، وكذا الحكم عندهم فيما نُهي عن قتله.
يقول الحافظ البيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٣١٨): «فالذي أمر بقتله في الحل والحرم يحرم أكله إذ لو كان حلالا لما أمر بقتله في الحرم ولا في الاحرام وقد نهى الله عن قتل الصيد في الإحرام والذى نهى عن قتله يحرم أكله إذ لو كان حلالا لأمر بذبحه ولما نهى عن قتله كما لم ينه عن قتل ما يحل ذبحه وأكله والله أعلم».
وقال الخطابي في معالم السنن (٨/ ١١٣): «فأما الهدهد والصرد فنهيه في قتلهما يدل على تحريم لحومهما، وذلك أن الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لحرمته ولا لضرر فيه كان ذلك لتحريم لحمه».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 899 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إني لأعجب ممن يأكل الغراب فقد أذن النبي في قتله

  • 📜 حديث: إني لأعجب ممن يأكل الغراب فقد أذن النبي في قتله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إني لأعجب ممن يأكل الغراب فقد أذن النبي في قتله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إني لأعجب ممن يأكل الغراب فقد أذن النبي في قتله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إني لأعجب ممن يأكل الغراب فقد أذن النبي في قتله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب