حديث: صفات العبد المحبوب عند الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل العبد التقي الغني الخفي

عن عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص في إبله، فجاءه ابنه عمر، فلما رآه سعد قال: أعوذ باللَّه من شر هذا الراكب، فنزل، فقال له: أنزلت في إبلك وغنمك، وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم، فضرب سعد في صدره، فقال: اسكت، سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إن اللَّه يحب العبد التقي الغني الخفي».

صحيح: رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٥٦) من طرق عن أبي بكر الحنفي قال: حدّثنا بكير ابن مسمار، حدثني عامر بن سعد فذكره.

عن عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص في إبله، فجاءه ابنه عمر، فلما رآه سعد قال: أعوذ باللَّه من شر هذا الراكب، فنزل، فقال له: أنزلت في إبلك وغنمك، وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم، فضرب سعد في صدره، فقال: اسكت، سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إن اللَّه يحب العبد التقي الغني الخفي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح الحديث الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده ودروسه.

الحديث بلفظه:


عن عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص في إبله، فجاءه ابنه عمر، فلما رآه سعد قال: أعوذ باللَّه من شر هذا الراكب، فنزل، فقال له: أنزلت في إبلك وغنمك، وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم، فضرب سعد في صدره، فقال: اسكت، سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إن اللَّه يحب العَبْدَ التَّقِيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ».


1. شرح المفردات:


● أعوذ بالله من شر هذا الراكب: أي ألتجئ إلى الله وأتحصن به من الشر الذي قد يأتي مع هذا الراكب. قالها سعد على سبيل الدعابة والملاطفة لابنه، وهو من الأدب النبوي في الاستعاذة من الشر عمومًا.
● يتنازعون الملك بينهم: يشير إلى الفتنة والصراع على الخلافة الذي حدث بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
● فضرب سعد في صدره: ضربة خفيفة للتأديب والزجر، ليوقفه عن كلام غير مناسب.
● العَبْدَ التَّقِيَّ: الذي يخشى الله ويجتنب معاصيه، ويؤدي فرائضه.
● الغَنِيَّ: الغني عن الناس، القانع بما آتاه الله، لا يسأل الناس ولا يتذلل لهم.
● الخَفِيَّ: المتواضع، الذي لا يُظهر نفسه، ولا يحب الشهرة، بل يعمل في خفاء.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه قصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، مع ابنه عمر. فقد اعتزل سعد رضي الله عنه الفتنة التي وقعت بين المسلمين بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، واشتغل بماله وإبله وغنمه، بعيدًا عن الصراع على الدنيا والمناصب.
فلما جاءه ابنه عمر بن سعد (وهو غير عمر بن الخطاب)؛ لامه على اعتزاله الناس وتركهم يتنازعون على الملك (أي الخلافة والسلطة)، فزجره سعد رضي الله عنه وضرب على صدره تأديبًا له، ثم ذكر له هذا الحديث النبوي الشريف الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحديث يبين صفة العبد الذي يحبه الله تعالى، وهو:
● التقي: الذي يتقى الله في جميع أحواله، فيسرّه وعلانيته.
● الغني: ليس الغني بالمال الكثير فقط، بل الغني عن الناس، الذي لا يحتاج إلى سؤالهم، بل يعفّ ويستغني بما أعطاه الله.
● الخفي: الذي لا يحب الظهور، ولا يطلب الشهرة، بل يعمل الصالحات في خفاء، ويكره المدح والرياء.
فهذه الصفات الثلاث تجتمع في العبد المؤمن الذي يحبه الله، لأنه يجمع بين تقوى الله، والاستغناء عن الخلق، والتواضع وعدم حب الظهور.


3. الدروس المستفادة منه:


1- فضل الاعتزال عند الفتن: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قدم قدوة في اعتزال الفتنة وعدم الدخول في الصراعات الدنيوية، وهذا من الحكمة والورع.
2- التحذير من طلب الرئاسة والمناصب: الحديث يذم التنازع على الملك والرئاسة، ويحث على الزهد فيها، لأنها قد توقع في الحسد والعداوة والرياء.
3- حب الله للعبد التقي الغني الخفي: هذه الصفات محمودة، فالتقوى أساس، والغنى عن الناس من كمال الإيمان، والخفاء من علامات الإخلاص.
4- تأديب الأولاد وتوجيههم: تصرف سعد رضي الله عنه مع ابنه يعلمنا كيفية توجيه الأبناء برفق وحكمة، مع البيان الشرعي.
5- الاستعاذة من الشر: حتى في الأمور البسيطة، كان الصحابة يستعيذون بالله من الشر، تأسّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان من كبار الصحابة، وأول من رمى بسهم في سبيل الله، وهو من أهل بدر.
- ابنه عمر بن سعد هو الذي قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما في كربلاء، وقصة اللوم هنا كانت قبل ذلك، وكان عمر بن سعد آنذاك شابًا، ثم انحرف بعد ذلك.
- الحديث يدل على أن خيرية الإنسان ليست بكثرة ماله أو شهرته، بل بتقواه وغناه عن الناس واختفائه عن الأعين.
- يستفاد منه أيضًا ذم حب الظهور والرياء، وأن الإخلاص من أعظم الأعمال.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الأتقياء الأغنياء الأخفياء، وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٥٦) من طرق عن أبي بكر الحنفي قال: حدّثنا بكير ابن مسمار، حدثني عامر بن سعد فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 40 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صفات العبد المحبوب عند الله

  • 📜 حديث: صفات العبد المحبوب عند الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صفات العبد المحبوب عند الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صفات العبد المحبوب عند الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صفات العبد المحبوب عند الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب