حديث: من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التزود في الدنيا بالأعمال الصالحة لتنفع في الآخرة

عن جرير بن عبد اللَّه البجلي عن النبي ﷺ قال: «من يتزوّد في الدنيا ينفَعْه في الآخرة».

حسن: رواه الطبراني في المعجم الكبير (٢/ ٣٤٥ - ٣٤٦) عن عبدان بن أحمد (هو عبد اللَّه بن أحمد بن موسى، وعبدان لقبه)، حدّثنا هشام بن عمّار، حدّثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس (هو ابن أبي حازم)، عن جرير قال: فذكر الحديث.

عن جرير بن عبد اللَّه البجلي عن النبي ﷺ قال: «من يتزوّد في الدنيا ينفَعْه في الآخرة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك بما ندرس ونسمع.
الحديث الشريف:
عن الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ يَتَزَوَّدْ فِي الدُّنْيَا يَنْفَعْهُ فِي الْآخِرَةِ».


1. شرح المفردات:


● يَتَزَوَّدْ: من الزاد، وهو ما يُعدُّ للسفر من طعام وشراب وغيرهما. والمقصود هنا الاستعداد والاعتداد بالعمل الصالح.
● فِي الدُّنْيَا: الحياة الدنيا الفانية، وهي دار العمل والاختبار.
● يَنْفَعْهُ: يجلب له المنفعة والخير والثواب.
● فِي الْآخِرَةِ: دار القرار والجزاء، وهي الجنة أو النجاة من النار.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث العظيم يضع قاعدةً أساسيةً من قواعد الإسلام، وهي أن الدنيا مزرعة الآخرة، وما يزرعه المرء هنا يحصده هناك.
● المعنى الإجمالي: يحثُّنا النبي صلى الله عليه وسلم على أن نستفيد من حياتنا الدنيا، وأن نجعلها محطةً نعمل فيها الأعمال الصالحة التي تكون زاداً لنا في رحلتنا إلى الدار الآخرة. فكما أن المسافر لا يغادر بدون زاد يكفيه حتى يصل إلى مقصده، فكذلك المسلم لا ينبغي أن يغادر الدنيا إلا وقد حمل من زاد التقوى والعمل الصالح ما يوصله إلى جنات النعيم.
● الزاد المقصود: ليس المقصود بالزاد هنا المال والطعام المادي، فهذا لا ينفع صاحبه يوم القيامة {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89]. بل المقصود هو زاد القلوب والأرواح، وهو:
● التقوى: قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].
● العمل الصالح: من صلاة، وصيام، وزكاة، وحج، وصدقة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وذكر لله تعالى، وطلب للعلم.
● الأخلاق الحسنة: كالصدق، والأمانة، والكرم، والصبر، والعفو.


3. الدروس المستفادة منه:


1- الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء: يجب على المسلم أن ينظر إلى الدنيا على أنها معبر ومزرعة، وليس دار قرار واستراحة.
2- الحث على الاستعداد للآخرة: الحديث يحضُّ على المسارعة في الخيرات واغتنام الفرص قبل فوات الأوان، قبل أن يأتي الموت وينقطع العمل.
3- المسؤولية الفردية: كل إنسان مسؤول عن تزود نفسه، فلا أحد يمكنه أن يعمل عنك أو يتزود عنك {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38].
4- تفاوت الدرجات في الآخرة: بما أن الناس يتفاوتون في أعمالهم الصالحة في الدنيا، فإن منازلهم ودرجاتهم في الجنة ستكون متفاوتة بحسب ما قدموا من زاد. فمن أكثر من الزاد، ارتفعت درجته.
5- الطمأنينة في القبر والآخرة: هذا الزاد من الإيمان والعمل الصالح هو الذي ينفع صاحبه في قبره عند سؤال الملكين، ويوم الحساب، وعند الصراط، وهو الذي يثقله في الميزان.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● مصدر الحديث: رواه الطبراني في "المعجم الكبير" وقال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح". وهو حسن في "صحيح الجامع" (برقم 6640).
● مناسبة الحديث: يذكر أن جرير بن عبد الله رضي الله عنه كان من الصحابة الذين اشتهروا بالكرم والشجاعة، وهذا الحديث توجيهٌ له ولأمته ليتجه كرمهم وشجاعتهم towards طاعة الله وعبادته، التي هي أعظم كرم وأشرف شجاعة.
● ربط عملي: يسأل المسلم نفسه كل يوم: ماذا أضفت إلى زادي اليوم؟ هل صليت؟ هل تصدقت؟ هل قرأت قرآنًا؟ هل أحسنت إلى والدَيَّ؟ هل نَفَعْتُ الناس؟ بهذا يكون قد طبق هذا الحديث تطبيقًا عمليًا.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لاغتنام أوقاتنا في طاعته، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفعنا بها يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في المعجم الكبير (٢/ ٣٤٥ - ٣٤٦) عن عبدان بن أحمد (هو عبد اللَّه بن أحمد بن موسى، وعبدان لقبه)، حدّثنا هشام بن عمّار، حدّثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس (هو ابن أبي حازم)، عن جرير قال: فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل هشام بن عمّار بن نُصير السلمي فإنه حسن الحديث.
قال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٣١١): «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح».
قوله: «من يتزوّد في الدنيا»: يعني من الأعمال الصالحة.
وفي معناه ما روي عن شداد بن أوس قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الكيّسُ من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجزُ من أتبع نفسه هواها، وتمنّى على اللَّه». رواه الترمذيّ (٢٤٥٩)، وابن ماجه (٤٢٦٠)، وأحمد (١٧١٢٣)، والحاكم (١/ ٥٧) كلهم من طريق أبي بكر بن أبي مريم الغسّاني، عن ضمرة بن حبيب، عن شدّاد بن أوس، فذكره.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري».
وتعقبه الذهبي فقال: «لا، واللَّه أبو بكر واهٍ».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإن أبا بكر بن عبد اللَّه بن أبي مريم الغساني ضعيف باتفاق أهل العلم؛ لأنه طرقتْه لصوصٌ فأخذوا متاعه فاختلط كما قال أبو حاتم، فلعل هذا القول لأحد الصالحين فنسبه خطأً إلى النبي ﷺ.
وله طريق آخر عن شداد بن أوس عند الطبراني في الكبير (٧١٤١)، وفي إسناده عمرو بن بكر السكسكي متروك.
قال الترمذيّ: «ومعنى قوله من دان نفسه يقول حاسب نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة، ويروى عن عمر بن الخطاب قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر، وإنما يخفُّ الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا. ويروى عن ميمون بن مهران قال: لا يكون العبد تقيا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه
وملبسه» اهـ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 60 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة

  • 📜 حديث: من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب