الذين إذا رؤوا ذكر الله

حديث: الذين إذا رؤوا ذكر الله

عن ابن اعباس قال: قال رجل: يا رسول اللَّه، من أولياء اللَّه؟ قال: «الذين إذا رُؤوا، ذُكر اللَّه».

حسن: رواه البزار - كشف الأستار (٣٦٢٦)، والطبراني في الكبير (١٢٣٢٥)، وابن صاعد في زياداته على الزهد لابن المبارك (٢١٨) كلهم من طرق عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن ابن اعباس قال: قال رجل: يا رسول اللَّه، من أولياء اللَّه؟ قال: «الذين إذا رُؤوا، ذُكر اللَّه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم فيه بيانٌ لصفة أولياء الله تعالى، الذين هم أحباؤه والمقرَّبون إليه. وإليك الشرح المفصّل له:

نص الحديث:

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله، من أولياء الله؟ قال: «الذين إذا رُؤوا، ذُكر الله».
(أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" وابن أبي الدنيا في "كتاب الأولياء"، وهو حسن في "صحيح الجامع").

1. شرح المفردات:

* أولياء الله: مفردها "ولي الله". الولي في اللغة: القريب، فوليّ الله هو من تقرّب إلى الله تعالى بطاعته وعبادته، فاقترب الله منه برحمته وتوفيقه ونصرته. وأولياء الله هم الذين اجتمع فيهم محبة الله لهم ومحبتهم لله، وطاعته واتباع أوامره واجتناب نواهيه.
* إذا رُؤوا: أي عندما يُرى هؤلاء الأشخاص أو يُنظَر إليهم.
* ذُكر الله: أي حَضَرَ ذكرُ الله في قلب الناظر، فاستحضر عظمة الله وجلاله، وتذكّر الآخرة والقيام بين يدي الله.

2. شرح الحديث:

يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علامةً ظاهرةً لأولياء الله، وهي أنَّ مجرد رؤيتهم تثير في نفس من يراهم ذكرَ الله تعالى والخوفَ منه.
وذلك لأن أولياء الله:
* في هيئتهم: تظهر عليهم علامات الصلاح والتقوى، من خلال ملابسهم المحتشمة، وهيئتهم المتواضعة، ووقارهم وسكينتهم، فلا يُرى عليهم التكلُّف أو التَّبذُّل.
* في سلوكهم وأخلاقهم: يتعاملون بالصدق والأمانة والرفق، وأقوالهم طيبة، وأفعالهم حميدة، فلا يُرى منهم ما يُغضب الله من غيبة أو نميمة أو كذب أو خيانة.
* في تأثيرهم: يكون لهم حَالٌ وقُربٌ من الله ينعكس على من حولهم، فمجرد رؤيتهم تذكِّر بالله وبالمسجد وبالقرآن وبالجنة والنار، وتُوقظ القلب من غفلته.
فليس وليُّ الله من يدَّعي الولاية بشعارات أو مظاهر خارجية، بل من كان حاله وأثره يدلان على صدق تعلقه بالله تعالى.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- معيار حقيقي للولاية: ولاية الله لا تُعرف بالادعاءات أو المظاهر الخادعة، بل بآثارها الإيجابية على الإنسان نفسه وعلى من حوله. فالصالح يُعرف من أثره.
2- الدعوة بالحال قبل المقال: أعظم دعوة إلى الله هي الدعوة بالقدوة الحسنة والأخلاق الفاضلة، فحياة المسلم الصادق دعوة صامتة إلى الخير.
3- الاستعداد للقاء الله: إذا كان مجرد رؤية العبد الصالح تذكر بالله، فكيف بلقاء الله تعالى يوم القيامة؟ وهذا يدفع المسلم إلى الاستعداد لذلك اليوم.
4- الحرص على أن يكون المرء ذا أثر طيب: على المسلم أن يجتهد في أن يكون وجوده among الناس خيراً، وأن تكون رؤيته تذكيراً بالخير، لا منفراً أو مثيراً للفتن.
5- الولاية لله بالتقوى وليست بالانتساب: ولاية الله تعالى لا تُورَّث ولا تُكتسب بالجاه أو النسب، بل هي ثمرة للإيمان والتقوى، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].

4. معلومات إضافية:

* صفات أولياء الله في القرآن: قد بيّن الله تعالى صفات أوليائه في كتابه الكريم، فقال: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62-63]. فأصل ولاية الله هو الإيمان والتقوى.
* الفرق بين الولاية والتصوف المنحرف: يجب التفريق بين مفهوم الولاية الشرعي الذي يعني التقوى والصلاح، وبين ما يدعيه بعض أهل التصوف المنحرف من أمور خارقة للعادة (الكرامات) أو ادعاءات باطلة تتعلق بعلم الغيب أو التصرف في الكون، فهذه من الأمور التي انفرد الله بها.
* الكرامات: قد يُكرَم وليُّ الله بكرامة، وهي أمر خارق للعادة يجريه الله على يديه على سبيل الإعزاز له، ولكنها ليست شرطاً في ولايته، وأعظم كرامة هي الثبات على دين الله والهداية والتوفيق للطاعة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أوليائه المتقين، وأن يرزقنا التأسي برسوله صلى الله عليه وسلم، وأن نكون ممن يذكر الناس برؤيته بالله والخير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار - كشف الأستار (٣٦٢٦)، والطبراني في الكبير (١٢٣٢٥)، وابن صاعد في زياداته على الزهد لابن المبارك (٢١٨) كلهم من طرق عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل جعفر بن أبي المغيرة فإنه حسن الحديث.
وروي هذا الحديث عن سعيد بن جبير مرسلا والحكم للموصول.
وفي معناه أحاديث أخرى ضعيفة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 59 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الذين إذا رؤوا ذكر الله

📜 حديث: الذين إذا رؤوا ذكر الله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الذين إذا رؤوا ذكر الله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الذين إذا رؤوا ذكر الله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الذين إذا رؤوا ذكر الله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية