حديث: إذا همّ عبدي بحسنة كتبتها له حسنة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب إذا همَّ العبدُ بحسنةٍ كُتِبَتْ، وإذا همَّ بسيئةٍ لم تُكْتَبْ
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (٢٠٤: ١٢٨) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر هو من الأحاديث القدسية العظيمة، التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث، وفق منهج أهل السنة والجماعة:
أولاً. شرح المفردات:
● هَمَّ: أي نوى وقصد وعزم في نفسه على فعل شيء.
● عَبْدِي: أي الإنسان المؤمن الذي يعبد الله وحده.
● حَسَنَة: أي أي عمل صالح يرضي الله تعالى، من طاعة أو بر أو معروف.
● سَيِّئَة: أي أي معصية أو ذنب أو إثم.
● كَبَّتُها: أي سجلتها ودونتها في كتاب أعماله.
● إِلَى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ: أي أن الأجر يتضاعف إلى هذا الحد العظيم، والله يضاعف لمن يشاء.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن رحمة الله تعالى وسعة فضله وعفوه مع عباده، فيقول:
1- "إذا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبْتُهَا لَهُ حَسَنَةً":
هنا تظهر أولى صور رحمة الله وجزيل عطائه. فالمسلم إذا نوى في قلبه أن يعمل عملاً صالحاً خالصاً لله (كأن ينوي الصدقة على محتاج، أو زيارة قريب، أو قيام الليل) ولكن حال بينه وبين تنفيذها حائل شرعي (كفقر منعه من الصدقة، أو مرض منعه من القيام) دون أن يتركها تكاسلاً، فإن الله تعالى يكتب له أجر النية الصادقة وكأنه فعلها. وهذا من فضل الله تعالى وجوده.
2- "فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ":
فإذا تمكن العبد من تنفيذ نيته الصالحة وعمل الحسنة، فإن الله تعالى يضاعف له الأجر. فأقل المضاعفة أن الحسنة بعشر أمثالها، وقد تزيد إلى سبعمائة ضعف بل وأكثر، كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261]. ويزيد الله على ذلك فضلاً لا حصر له لأهل الإخلاص والتقوى.
3- "وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ":
هنا تظهر أعظم صور رحمة الله وعفوه. فإذا خطرت ببال العبد فكرة سيئة أو وسوسة من الشيطان بمعصية (كأن يهم بالكذب أو الغيبة أو النظر إلى محرم) ولكنه كف نفسه وخاف الله ولم يعملها، فإن الله تعالى يتجاوز عنه ولا يكتبها عليه إثماً. بل قد يكتبها له حسنة لانتصاره على هواه وخوفه من ربه.
4- "فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا سَيِّئَةً وَاحِدَةً":
فإذا لم ينتصر على نفسه وارتكب المعصية، فإن الله تعالى لا يظلمه، فيكتب عليه سيئة واحدة فقط، ولا يضاعفها كما تضاعف الحسنات. وهذا من عدل الله تعالى، مع أن باب التوبة مفتوح إذا أراد العبد الرجوع.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- سعة رحمة الله تعالى وفضله: فالحديث كله ينضح برحمة الله وعفوه وجوده، فهو يحاسب عباده بأفضل ما يعملون ويتجاوز عن أسوأ ما يعملون.
2- الحث على حسن النية: الحديث يربينا على أهمية تصحيح النية والعزم على فعل الخير، حتى لو لم نستطع تنفيذه، فالأجر يكتب مع النية الصادقة.
3- التيسير ورفع الحرج: يريد الله تعالى بتلك الأحكام التيسير على عباده وعدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به، فلا يؤاخذهم بالخواطر والوساوس.
4- الفرق بين العدل والفضل: في السيئات يقف الله عند العدل (سيئة واحدة)، وفي الحسنات يتجاوز إلى الفضل والمضاعفة (إلى سبعمائة ضعف).
5- التحذير من الاستهانة بالمعاصي: رغم أن السيئة تكتب واحدة، إلا أن هذا لا يعني الاستهانة بالذنوب، فسيئة واحدة قد تحرم العبد من توفيق الله وتكون سبباً في هلاكه.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث يدخل في باب "التجاوز عن حديث النفس" أي الخواطر التي لا يستقر عليها القلب ولا يعزم عليها العزم الجازم.
- النية التي تكتب بها الحسنة هي النية الصادقة الجازمة، التي يقترن بها العزم على الفعل لو تمكن منه.
- المضاعفة إلى سبعمائة ضعف تكون للأعمال التي تكون في سبيل الله وابتغاء مرضاته، كالجهاد والإنفاق في سبيل الله.
- هذا الفضل العظيم خاص بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، مما يدل على مكانتها وكرامتها عند ربها.
نسأل الله تعالى أن يوفق
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 20 من أصل 227 حديثاً له شرح
- 1 رجل جاهد بنفسه وماله ورجل في شعب من الشعاب يعبد...
- 2 كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
- 3 ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل...
- 4 مَثَلي ومَثَل الدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها
- 5 ما أبكي حبا للدنيا ولا كراهية للآخرة
- 6 عنوان الحديث: "إنما يكفي أحدكم من الدنيا كقدر زاد الراكب"
- 7 غنى النفس
- 8 الغنى غنى النفس
- 9 إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب
- 10 معنى من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه
- 11 محبة لقاء الله
- 12 حب الموت ولقاء الله
- 13 الموت قبل لقاء الله
- 14 من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه
- 15 من كره لقاء الله، كره الله لقاءه
- 16 من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء...
- 17 من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة
- 18 فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة
- 19 إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة تكتب بعشر أمثالها
- 20 إذا همّ عبدي بحسنة كتبتها له حسنة
- 21 إذا تحدث بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة
- 22 إن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة
- 23 من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة
- 24 المكثرون هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرا
- 25 نحن الآخرون والأولون يوم القيامة والأكثرون هم الأسفلون
- 26 هلك المكثرون إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا
- 27 ما قدّم فهو ماله، وما أخّر فهو مال وارثه
- 28 يقول ابن آدم: مالي مالي، وما لك إلا ما أكلت...
- 29 ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى
- 30 إصبعك في اليم فلينظر بم ترجع
- 31 لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى...
- 32 الدنيا أهون على الله من هذا عليكم
- 33 قيمة الدنيا عند الله اقل من قيمة الشاة الميتة
- 34 الدنيا أهون على الله من هذه السخلة على أهلها
- 35 الدنيا أهون على الله من هذه على أهلها
- 36 الدنيا اهون على الله من السخلة الميتة
- 37 الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه
- 38 حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه
- 39 مطعم ابن آدم جعل مثلا للدنيا
- 40 صفات العبد المحبوب عند الله
- 41 العقبة الكؤود لا ينجو منها إلا كل مخف
- 42 كل مخموم القلب صدوق اللسان
- 43 لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري...
- 44 من يجر على وجهه هرما في مرضاة الله حقره يوم...
- 45 أكثروا ذكر هاذم اللذات.
- 46 أكثروا ذكر هادم اللذات
- 47 القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر...
- 48 كن ورعا تكن أعبد الناس وأقل الضحك تميت القلب
- 49 لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب
- 50 صِل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك
معلومات عن حديث: إذا همّ عبدي بحسنة كتبتها له حسنة
📜 حديث: إذا همّ عبدي بحسنة كتبتها له حسنة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا همّ عبدي بحسنة كتبتها له حسنة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا همّ عبدي بحسنة كتبتها له حسنة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا همّ عبدي بحسنة كتبتها له حسنة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








