حديث: لن تدع شيئًا لله إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في خصال الخير

عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقلنا: هل سمعت من رسول اللَّه ﷺ شيئًا؟ قال: نعم، سمعته يقول: «إنك لن تدع شيئًا للَّه، إلا بدّلك اللَّه به ما هو خير لك منه».

صحيح: رواه وكيع بن الجراح في الزهد (٣٥٦) -وعنه أحمد (٢٣٠٧٤)، وهنّاد بن السري في الزهد (٩٣٨) - عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال العدوي، عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: فذكراه.

عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقلنا: هل سمعت من رسول اللَّه ﷺ شيئًا؟ قال: نعم، سمعته يقول: «إنك لن تدع شيئًا للَّه، إلا بدّلك اللَّه به ما هو خير لك منه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل في طياته بشرى عظيمة وموعظة بليغة للمؤمن. وإليكم الشرح المفصل له:

الحديث بلفظه كاملًا:


عن أبي قتادة وأبي الدهماء -رضي الله عنهما- قالا: أتينا على رجل من أهل البادية، فقلنا: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا؟ قال: نعم، سمعته يقول: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال الشيخ الألباني: حديث حسن)


1. شرح المفردات:


● لَنْ تَدَعَ: لن تترك. والترك هنا يكون بمعنى التخلي عن شيء أو الكف عنه طاعة لله.
● شَيْئًا: أي أي شيء من أمور الدنيا، سواء كان مالًا، أو منصبًا، أو شهوة، أو علاقة، أو غير ذلك.
● لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أي ابتغاء وجهه تعالى وطلبًا لمرضاته، وامتثالًا لأمره، وإيمانًا بوعده.
● بَدَّلَكَ: أعطاك عوضًا عنه وخلفًا منه.
● مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ: هذا البدل يكون أفضل وأنفع لك في دينك ودنياك وآخرتك من الشيء الذي تركته.


2. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن المسلم إذا ترك شيئًا من محاب الدنيا وشهواتها، أو تنازل عن حق من حقوقه الدنيوية، لا لشيء إلا لأنه يعلم أن الله حرمه، أو لأنه يريد أن يتقرب به إلى الله تعالى، ويطلب رضاه، فإن الجزاء من جنس العمل.
فالله تعالى -وهو الغني الكريم- لن يضيع أجر من أحسن عملًا، وسيعوضه عوضًا لا عجز فيه ولا نقص، بل سيعطيه ما هو خير له من ذلك الشيء الذي تركه.
● الخيرية هنا شاملة: فقد يكون العوض من جنس ما ترك (كمن يترك مالًا حرامًا فيرزقه الله مالًا حلالًا أكثر بركة)، أو من نوع آخر أفضل (كمن يترك غيبة الناس فيعوضه الله حفظًا للسان ورفعة في الدرجات). والخيرية قد تكون في الدنيا (طمأنينة القلب، رزق واسع، محبة الناس) أو في الآخرة (الأجر العظيم، الجنة، رضوان الله).
● الشرط الأساسي هو الإخلاص: أن يكون الترك "لله عز وجل"، أي بنية صادقة خالصة لوجه الله، وليس رياءً أو مراءاة للناس أو لحظ نفس.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- التسليم والثقة بالله: الحديث يغرس في قلب المؤمن ثقة عظيمة بربه، وأنه لن يخسر أبدًا إذا فعل ما يرضي الله، بل سيكون رابحًا دائمًا.
2- الحث على التضحية والبذل: يشجع الحديث المسلم على بذل ما عنده في سبيل الله، من مال وجهد ووقت، دون خوف من الفقر أو الضياع، لأنه موعود بالخلف والعوض.
3- الصبر على الطاعة واجتناب المعصية: يسهل على المسلم ترك المعاصي والشهوات، لأنه يعلم أن ما أعده الله له من أجر وثواب خيرٌ وأبقى من لذة عابرة.
4- الربح الحقيقي: يحدد الحديث معنى الربح الحقيقي في الحياة، فهو ليس في جمع الدنيا، بل في طاعة الله ورسوله، فهي التجارة الرابحة التي لا خسارة فيها.
5- الطمأنينة القلبية: يزيل الحديث هموم القلب وقلقه، فالمؤمن مطمئن بأن رزقه بيد الله وأنه لن ينقصه شيء تركه لله.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من المواعظ الجامعة التي كان الصحابة يروونها لبعضهم لتثبيت الإيمان وتقويته.
- ينطبق هذا الحديث على جميع أنواع التروك والبذل: ترك المعاصي، ترك الشبهات، ترك المباحات أحيانًا للتقوى والزهد، بذل المال في الزكاة والصدقة، بذل الجهد في الجهاد والتعلم، وغير ذلك.
- من الأمثلة العملية على هذا الحديث: من يترك وظيفة فيها محرمات (كالربا أو الاختلاط الفاسد) يفتح الله له باب رزق من حيث لا يحتسب. ومن يترك صديق السوء يعوضه الله بأصحاب صالحين. ومن ينفق ماله في سبيل الله يعوضه الله برزق واسع وبركة في ماله.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على ترك ما لا يرضيه ويبدلنا خيرًا منه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه وكيع بن الجراح في الزهد (٣٥٦) -وعنه أحمد (٢٣٠٧٤)، وهنّاد بن السري في الزهد (٩٣٨) - عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال العدوي، عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: فذكراه. وإسناده صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 52 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لن تدع شيئًا لله إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه

  • 📜 حديث: لن تدع شيئًا لله إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لن تدع شيئًا لله إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لن تدع شيئًا لله إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لن تدع شيئًا لله إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب