حديث: المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل التوكل على اللَّه

روي عن عمر بن الخطاب أنه لقي أناسًا من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكّلون. قال: بل أنتم الْمُتَّكِلُونَ، إنما المتوكل الذي يُلقي حَبَّهُ في الأرض، ويتوكل على اللَّه عز وجل.

حسن: رواه ابن أبي الدنيا في التوكل (١٠) بإسناده عن معاوية بن قرة أن عمر بن الخطاب لقي ناسًا، فذكره.

روي عن عمر بن الخطاب أنه لقي أناسًا من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكّلون. قال: بل أنتم الْمُتَّكِلُونَ، إنما المتوكل الذي يُلقي حَبَّهُ في الأرض، ويتوكل على اللَّه ﷿.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً وسهلاً بك، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الأثر العظيم، وإن كان من كلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إلا أنه يحمل حكمة بالغة وافق فيها الحق، فهو يشرح معنى التوكل الحقيقي الذي جاءت به الشريعة الإسلامية.

أولاً. شرح المفردات:


● المتوكِّلون: الذين حققوا التوكل على الله، بمعنى أنهم اعتمدوا على الله اعتمادًا حقيقيًا مع فعل الأسباب.
● المتَّكِلون: (بفتح التاء وتشديد الكاف) الذين تكلوا وكسلوا وتركوا الأسباب اتكالاً سلبياً، وهو المذموم.
● يُلقي حَبَّهُ: يبذر بذره في الأرض، وهو مجاز عن فعل الأسباب و السعي في طلب الرزق.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا هذا الأثر أن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه التقى بجماعة من أهل اليمن، فلما سألهم عن هويتهم، عرّفوا عن أنفسهم بأنهم "المتوكّلون" على الله، فصحح لهم أمير المؤمنين فهمهم، قائلاً: بل أنتم "المتَّكِلون" (أي المتكاسلون المعتمدون على غيرهم)، وأوضح أن المتوكل الحقيقي ليس هو الذي يجلس في بيته ولا يعمل منتظراً نزول الرزق من السماء، بل هو الذي يجمع بين فعل الأسباب المأذون فيها شرعاً وبين اعتماد القلب على الله تعالى.
فالمزارع المتوكل هو من يحرث الأرض ويبذر البذور ويسقيها، ثم بعد ذلك يكل الأمر إلى الله ليُنبِت الزرع ويُخرِج الثمر، وهو مطمئن القلب أن النتيجة بيد الله وحده. أما الذي يترك الحرث والبذر وينتظر المحصول، فهذا ليس متوكلاً بل هو متكِلٌ مذموم، آثم بتعطيله للأسباب التي أمر الله بها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حقيقة التوكل: التوكل عبادة قلبية، ولكنها لا تكتمل إلا بعمل الجوارح. فهو "اعتماد القلب على الله تعالى في استجلاب المصالح ودفع المضار، مع فعل الأسباب المأذون فيها". فالأمران متلازمان: السبب الظاهر، والاعتماد القلبي على مسبب الأسباب.
2- الفرق بين التوكل والتواكل: التوكل (بضم التاء) هو التوكل الإيجابي المشروع. أما التواكل (بفتح التاء) فهو الاتكال السلبي المذموم، وهو ترك العمل والكسل تحت شعار التوكل.
3- الأخذ بالأسباب من الدين: فعل الأسباب لا ينافي التوكل، بل هو جزء منه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ) رواه مسلم. فالأمر بالحرص على المنفعة (وهو فعل الأسباب) مقرون بالاستعانة بالله ونهي عن العجز.
4- تصحيح المفاهيم: على الدعاة والعلماء تصحيح المفاهيم الإسلامية التي قد تُفهم فهماً خاطئاً يؤدي إلى التكاسل أو تعطيل مصالح الحياة.
5- حكمة عمر رضي الله عنه: يشهد هذا الموقف لفقه عمر العميق ونباهته، حيث ميّز بين المعنى الصحيح والمعنى المشوه للتوكل، وعلّم الناس الفرق بين العبادة والكسل.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الأثر رواه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان" وغيره، وهو وإن لم يكن مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه من كلام عمر الذي كان يقول الحق، ووافق فيه الوحي، فهو حجة في باب الفقه والسلوك.
- من الأمثلة النبوية على الجمع بين الأسباب والتوكل: الهجرة من مكة إلى المدينة، حيث أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بأسباب النجاة كافة (الدليل، والمؤونة، واختيار الوقت، والاختباء في الغار) وكان قلبه متوكلاً على الله حق التوكل.
- قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15]. فالأمر بالمشي في الأرض (السعي) مقرون بالأكل من رزق الله (الثمرة) والإيمان بالآخرة.
نسأل الله أن يجعلنا من المتوكلين عليه حق توكله، الذين يجمعون بين السعي في الأرض والاعتماد على رب الأرض. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي الدنيا في التوكل (١٠) بإسناده عن معاوية بن قرة أن عمر بن الخطاب لقي ناسًا، فذكره.
ومعاوية بن قرة لم يدرك عمر بن الخطاب لأنه ولد سنة ٣٧ هـ.
وقال عبد اللَّه بن مسعود: إن أشد آية في القرآن تفويضًا: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣].
وفي رواية: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: ٢].
ذكره ابن أبي الدنيا في التوكل (٥٠)، وعبد الرزاق (٣/ ٣٧٠ - ٣٧١) وغيرهما.
قال بعض الحكماء: التوكل على ثلاث درجات: -
أولها: ترك الشكاية. والثانية: الرضى. والثالثة: المحبة. فترك الشكاية درجة الصبر، والرضى
سكون القلب بما قسم اللَّه عز وجل له، وهي أرفع من الأولى، والمحبة أن يكون حبه كما يصنع اللَّه عز وجل به. فالأولى: للزاهدين. والثانية: للصادقين. والثالثة: للمرسلين. ذكره ابن أبي الدنيا في التوكل (٤٦).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 65 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله

  • 📜 حديث: المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب