كلمة حق أريد بها باطل

حديث: كلمة حق أريد بها باطل

عن عبيد اللَّه بن أبي رافع مولى رسول اللَّه ﷺ أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب قالوا: لا حكم إلا للَّه، فقال عليٌّ: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول اللَّه ﷺ وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء: يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم -وأشار إلى حلقه- من أبغض خلق اللَّه إليه، منهم أسود، إحدى يديه طُبي شاةٍ أو حلمة ثدي، فلما قتلهم علي بن أبي طالب قال: انظروا، فنظروا فلم يجدوا شيئًا، فقال: ارجعوا فواللَّه ما كذَبتُ ولا كُذِبتُ، مرتين أو ثلاثا، ثم وجدوه في خَرِبة، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه، قال عبيد اللَّه: وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول عليٍّ فيهم.
زاد يونس في روايته: قال بكير: وحدثني رجل عن ابن حنين أنه قال: رأيت ذلك
الأسود.

صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٦: ١٥٧) من طرق عن عبد اللَّه بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع مولى رسول اللَّه ﷺ، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث المذكور وفق الخطوات المطلوبة:

1. شرح المفردات:

● الحرورية: هم الخوارج، سُمُّوا بذلك لأنهم خرجوا على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونشأوا في منطقة تسمى "حروراء" قرب الكوفة.
● لا حكم إلا لله: شعار رفعه الخوارج عندما رفضوا التحكيم بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، يعني "لا حاكمية إلا لله"، لكنهم أساؤوا تطبيقه.
● كلمة حق أريد بها باطل: أي أن العبارة صحيحة في ذاتها (فالحكم确实 لله)، لكنهم قصدوا بها إنكار حكم البشر في أمور الدنيا بالشرع، وهو تفسير خاطئ.
● طبي شاة: يعني شبيهة بحلمة ثدي الشاة في شكلها أو لونها، أي أن يده كانت مشوهة أو لها علامة غريبة.
● خرِبة: مكان مهجور أو ruins.

2. شرح الحديث:

هذا الحديث رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (كتاب استتابة المرتدين، باب قتل الخوارج والملحدين) وغيره، وهو من الأحاديث الصحيحة.
القصة:
عندما خرج الخوارج على الإمام علي رضي الله عنه في معركة صفين، رفعوا شعار "لا حكم إلا لله" احتجاجًا على قبول علي للتحكيم. فرد عليهم علي بقوله: "كلمة حق أريد بها باطل"، يعني أن العبارة صحيحة في المبدأ، لكنهم استخدموها لإنكار شرعية حكم الإمام، وهو باطل.
ثم ذكر علي أن النبي ﷺ قد وصف هؤلاء بقوله:
"يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ، لَا يَجُوزُ هَذَا مِنْهُمْ" (أي لا يتجاوز إيمانهم حناجرهم، فلا يصل إلى قلوبهم).
وصفهم أيضًا بأن "منهم أسود، إحدى يديه مثل حلمة الثدي" (أي له علامة جسدية مميزة).
بعد معركة النهروان حيث قتل علي الخوارج، أمر بالبحث عن جثة هذا الرجل الأسود ذي العلامة، فلم يجدوه أولاً، فكرر القسم بأنه صادق فيما نقل عن النبي ﷺ. ثم وجدوه في مكان مهجور، فأتوا به، فتحقق وصف النبي له.

3. الدروس المستفادة:

1- خطر الخوارج: الحديث يحذر من فرقة الخوارج، الذين يستخدمون الشعارات الدينية表面ية لكن مقاصدهم باطلة، ويُكفِّرون المسلمين بالمعاصي أو بالاجتهادات.
2- الصدق النبوي: النبي ﷺ أخبر بأوصافهم، وتحقق ذلك بعد decades، مما يثبت نبوته.
3- لا حكم إلا لله: يجب فهمها correctly: فالله أنزل الشرع، والحكام يحكمون به، وليس معناها رفض الحكم البشري بالشرع.
4- التمييز بين القول والفعل: الخوارج يتكلمون بالحق لكن قلوبهم منكرة، فالعبرة بالأعمال والنيّات.
5- وجوب طاعة الإمام الشرعي: الخروج على الإمام الظالم (بشروط) ليس كما فعل الخوارج، بل بالطرق الشرعية.

4. معلومات إضافية:

- الخوارج من الفرق الضالة، وكثير من العلماء كفَّرهم (كفر عمل لا كفر اعتقاد).
- الحديث يدل على أن النبي ﷺ قد حذر من الفتن قبل وقوعها.
- في الرواية زيادة عن يونس: "رأيت ذلك الأسود" لتأكيد رؤية الراوي للوصف.
- استدل العلماء به على وجوب قتال الخوارج إذا خرجوا على الإمام.

الخاتمة:
هذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تحذر من البدع والفرق الضالة، وتظهر دقة الوصف النبوي، وتعلمنا أن الشعارات البراقة قد تخفي تحتها ضلالات، فالحذر الحذر من الفهم الخاطئ للنصوص.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٦: ١٥٧) من طرق عن عبد اللَّه بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع مولى رسول اللَّه ﷺ، فذكره.
قوله: «طُبي» بالضم والكسر - والمراد: ضرع شاة وهو فيها مجاز واستعارة إنما أصله للكلبة والسباع. وفي النهاية: خِلْفٌ وضَرْعٌ جمعه أطباء أي الأخلاف، وقيل: يقال لموضع الأخلاف من الخلاف والسباع أطباء كما يقال في ذوات الخف والظلف: خِلْف وضرع. النهاية (٣/ ١١٥).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 123 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كلمة حق أريد بها باطل

📜 حديث: كلمة حق أريد بها باطل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كلمة حق أريد بها باطل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كلمة حق أريد بها باطل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كلمة حق أريد بها باطل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية