"ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية"

حديث: "ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية"

عن عبد اللَّه بن الحارث قال: إني لأسير مع معاوية في منصرفه من صفين، بينه وبين عمرو بن العاص، قال: فقال عبد اللَّه بن عمرو بن العاص: يا أبت ما سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول لعمار: «ويحك يا ابن سمية، تقتلك الفئة الباغيه»؟ قال: فقال
عمرو لمعاوية: ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية: لا تزال تأتينا بهنة، أنحن قتلناه؟ ! إنما قتله الذين جاءوا به.

صحيح: رواه أحمد (٦٤٩٩، ٦٥٠٠)، والنسائي في خصائص علي (١٦٧، ١٦٨) كلاهما من طريق الأعمش، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد اللَّه بن الحارث، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الشريف وفق منهج أهل السنة والجماعة:

نص الحديث:

عن عبد الله بن الحارث قال: إني لأسير مع معاوية في منصرفه من صفين، بينه وبين عمرو بن العاص، قال: فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: يا أبت ما سمعت رسول الله ﷺ يقول لعمار: «ويحك يا ابن سمية، تقتلك الفئة الباغية»؟ قال: فقال عمرو لمعاوية: ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية: لا تزال تأتينا بهنة، أنحن قتلناه؟! إنما قتله الذين جاءوا به.

شرح المفردات:

● منصرفه: أي عند عودته ورجوعه.
● صفين: موقع المعركة الشهيرة بين جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجيش معاوية رضي الله عنهما.
● ويحك: كلمة تفيد التحسر والترحم، وهي هنا للتنبيه على المصير.
● ابن سمية: نسبة إلى أم عمار سمية، وهي أول شهيدة في الإسلام.
● الفئة الباغية: الجماعة الظالمة المعتدية.
● بهنة: أي بحجة أو بشبهة أو أمر مُشكل.

شرح الحديث:

1- السياق التاريخي: يروي عبد الله بن الحارث أنه كان يسير مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عند عودته من معركة صفين، وكان معه عمرو بن العاص رضي الله عنه. وفي هذا الموقف، سأل عبد الله بن عمرو بن العاص (وهو من الصحابة العدول) أباه عمرو بن العاص: ألم تسمع رسول الله ﷺ يقول لعمار بن ياسر رضي الله عنه: "ويحك يا ابن سمية، تقتلك الفئة الباغية"؟ وهذا الحديث صحيح متفق عليه، فقد أخبر النبي ﷺ أن عمارًا ستقتله الفئة الباغية.
2- رد عمرو بن العاص ومعاوية: عندما سمع عمرو بن العاص كلام ابنه، نبه معاوية رضي الله عنه إلى هذا القول، فرد معاوية رضي الله عنه بأن هذا الكلام لا يزال يُذكر لهم كحجة أو شبهة (بهنة)، ثم استنكر أن يكونوا هم الذين قتلوا عمارًا، وقال: "إنما قتله الذين جاءوا به"، أي أن الذين أتوا بعمار إلى ساحة القتال هم المسؤولون عن قتله، وليس جيش معاوية.
3- موقف أهل السنة من الفتنة: أهل السنة والجماعة يتوقفون في الحكم على أحد الطرفين في فتنة صفين، ويترضون على الجميع، ويعتقدون أن كلًا من علي ومعاوية رضي الله عنهما مجتهدان، ولكل منهما أدلته، والمصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد. وقد قتل عمار رضي الله عنه في معركة صفين، وكان في جيش علي رضي الله عنه، فاستدل به بعض الناس على أن جيش معاوية هو الفئة الباغية لأنهم قتلوا عمارًا، ولكن معاوية رضي الله عنه أنكر ذلك وفسر القتل بأنه نتيجة للمعاركة وليس دليلاً على البغي.

الدروس المستفادة:

1- الاجتهاد في الفتن: الفتنة التي وقعت بين الصحابة كانت نتيجة اجتهاد، وليس فيها متعمد للباطل، لذا يجب الكف عن الطعن في أي منهم، والاقتداء بموقف أهل السنة في الترضي عن الجميع.
2- عدم الاستدلال بالحديث على اتهام الأفراد: حديث عمار لا يجوز أن يُستدل به على اتهام معين لأشخاص بعينهم، بل هو تحذير عام من الفتن، وتنبيه إلى أن القتال في الفتنة قد يؤدي إلى مقتل الصالحين.
3- الحذر من الفتن: الحديث يذكرنا بخطورة الفتنة والاقتتال بين المسلمين، وأن عواقبها وخيمة، حتى إن الصالحين قد يقتلون فيها.
4- احترام الصحابة: يجب احترام جميع الصحابة رضي الله عنهم، والاعتراف بفضلهم وسابقتهم، وعدم الخوض في ما شجر بينهم إلا بالخير.

معلومات إضافية:

- عمار بن ياسر رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام، وعُذب في الله، وهو من أهل الجنة، وقد قُتل في معركة صفين سنة 37 هـ.
- معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه صحابي جليل، وكتب الوحي، ومن خيار المسلمين، وقد تولى الخلافة بعد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما، وكانت خلافته راشدة.
- عمرو بن العاص رضي الله عنه صحابي فاتح، ومن دهاة العرب، وكان قائد الجيش في صفين.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٦٤٩٩، ٦٥٠٠)، والنسائي في خصائص علي (١٦٧، ١٦٨) كلاهما من طريق الأعمش، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد اللَّه بن الحارث، فذكره.
وإسناده صحيح، وعبد الرحمن بن زياد -وقيل: ابن أبي زياد- مولى بني هاشم، ثقة، وثّقه ابن معين والعجلي كما في التهذيب، وذكره ابن حبان في الثقات، وعبد اللَّه بن الحارث هو ابن نوفل له رؤية.
وقول معاوية: «إنما قتله الذين جاؤوا به» هو تأويل للحديث، وخروج من ظاهره.
وقوله: «الهنة» كناية عن الأمر القبيح، والفعل الذميم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 96 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: "ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية"

📜 حديث: "ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية"

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: "ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية"

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: "ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية"

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: "ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية"

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية