يا رسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك. وما أعددت لها؟

حديث: يا رسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك. وما أعددت لها؟

عن أنس أن رجلا من أهل البادية أتى النبي ﷺ، فقال: يا رسول اللَّه، متى الساعة قائمة؟ قال: «ويلك. وما أعددتَ لها؟» قال: ما أعددتُ لها إلا أني أحب اللَّه ورسوله، قال: «إنك مع من أحببت»، فقلنا: ونحن كذلك قال: «نعم»، ففرحنا يومئذ فرَحًا شديدًا، فمرَّ غلام للمغيرة، وكان من أقراني، فقال: إن أُخِّرَ هذا فلن يدركه الهرمُ حتى تقومَ الساعةُ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأدب (٦١٦٧)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٥٣: ١٣٩) كلاهما من طريق همام، عن قتادة، عن أنس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من الأحاديث التي تبين رحمة النبي ﷺ وحرصه على هداية أمته، وهو من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله ﷺ، وهو حديث صحيح متفق عليه، أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● أهل البادية: سكان الصحراء، المعروفون بغلظة الطبع وقوة البنية وبساطة التفكير.
● ويلك: كلمة تقال للتحذير والتهويل، ومعناها الهلاك أو الشقاء، وهي هنا على سبيل التوجيه والتنبيه لا الدعاء.
● ما أعددت لها: أي ما استعددت لها من الأعمال الصالحة.
● أقراني: من القَرْن، أي من هم في سني ومجتمعي.
● إن أُخِّر هذا: أي إذا عاش هذا الغلام وعمّر طويلاً.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً من البادية أتى النبي ﷺ وسأله عن وقت قيام الساعة، وهو سؤال يدل على قلة علمه وبساطته، لأن وقت الساعة من الغيب الذي استأثر الله به، كما قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي} [الأعراف: 187].
فلم يجب النبي ﷺ عن سؤاله مباشرة، بل حوله إلى ما هو أهم وأنفع له، وهو الاستعداد لها، فقال له: «ويلك. وما أعددت لها؟»، أي: вместо أن تسأل عن وقتها الذي لا يعلمه إلا الله، فاسأل نفسك: ماذا أعددت من الأعمال الصالحة لهذا اليوم العظيم؟
فأجاب الرجل بإجابة عظيمة، قال: «ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله»، أي أن حبه لله ورسوله هو أهم ما يرجو أن ينفعه يوم القيامة.
فبشره النبي ﷺ ببشرى عظيمة، فقال: «إنك مع من أحببت»، أي أنك في الآخرة تكون في جوار وحظوة من أحببت، فمن أحب الله ورسوله، فهو معهما في الجنة.
فلما سمع الصحابة رضي الله عنهم هذه البشرى، سألوا النبي ﷺ: «ونحن كذلك؟» أي: ونحن نحب الله ورسوله، أفنكون معكم؟ فأكد لهم النبي ﷺ ذلك فقال: «نعم»، ففرحوا فرحاً شديداً بهذه البشرى العظيمة.
ثم مر غلام صغير (وهو عبد الله بن المغيرة، وكان من أقران أنس في السن)، فقال أنس: إن عاش هذا الغلام وعمّر طويلاً، فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة، أي أن الساعة قريبة، وأن هذا الغلام الصغير قد لا يبلغ الشيخوخة حتى تقوم القيامة. وهذا من دلائل نبوته ﷺ، حيث أخبر عن قرب الساعة، وأنها آتية لا محالة.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:

1- تحويل السؤال من غير المهم إلى المهم: كان النبي ﷺ يحول الأسئلة الفرعية أو غير المهمة إلى ما هو أهم وأنفع للعبد، فبدلاً من الخوض في وقت الساعة الذي لا يعلمه إلا الله، وجه السائل إلى الاستعداد لها.
2- فضل محبة الله ورسوله: أن محبة الله ورسوله من أعظم القربات وأسباب النجاة يوم القيامة، وأنها توجب للعبد أن يكون مع من أحب في الجنة.
3- الجزاء من جنس العمل: من أحب الله ورسوله، فإن الله يجمعه بهما في الدار الآخرة، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 69].
4- قرب الساعة: الحديث يذكرنا بقرب الساعة، ويحثنا على الاستعداد لها بالعمل الصالح.
5- بشائر النبي ﷺ لأمته: فيه بشرى عظيمة لكل من أحب الله ورسوله أنه سيكون معهما في الجنة، وهذه من أعظم البشائر التي تفرح قلب المؤمن.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل عظيم في أن المحبة الصادقة لله ورسوله من أسباب النجاة والفوز في الآخرة.
- وفيه أن الساعة قريبة، وأنه يجب على المسلم أن يعمل كما لو أنها قريبة، ولا يتكاسل عن الطاعة.
- وفيه أيضًا بيان رحمة النبي ﷺ وحكمته في التعامل مع الناس، حيث لم يعنف السائل، بل وجهه إلى ما ينفعه.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يحب الله ورسوله، وأن يحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٦١٦٧)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٥٣: ١٣٩) كلاهما من طريق همام، عن قتادة، عن أنس، فذكره.
واللفظ للبخاري ولفظ مسلم نحوه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 175 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يا رسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك. وما أعددت لها؟

📜 حديث: يا رسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك. وما أعددت لها؟

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يا رسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك. وما أعددت لها؟

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يا رسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك. وما أعددت لها؟

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يا رسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك. وما أعددت لها؟

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية