حديث: من يجدد للأمة دينها على رأس كل مائة سنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في المجدّدين والأبدال

عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «إن اللَّه يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».

حسن: رواه أبو داود (٤٢١٩)، والحاكم (٤/ ٥٢٢)، والداني في الفتن (٣٦٤) كلهم من طريق ابن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة (هو الفارسي المصري)، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «إن اللَّه يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا».
رواه أبو داود في سننه، وصححه عدد من العلماء.


1. شرح المفردات:


● يَبْعَثُ: يرسل ويُقيم ويُهيئ.
● لِهَذِهِ الأُمَّةِ: أمة الإسلام.
● عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ: عند انقضاء كل مائة سنة هجرية.
● مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا: شخصاً أو أشخاصاً يقومون بعملية التجديد للدين.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث العظيم يبشر الأمة الإسلامية بخير عظيم واستمرارية لعزتها وهدايتها إلى يوم القيامة.
● معنى التجديد: التجديد المذكور في الحديث ليس معناه إحداث دين جديد أو تغيير في أصول العقيدة والشرع، فهي ثابتة لا تتغير. وإنما المقصود به:
● إحياء ما اندثر من السنن: وإظهارها والعمل بها.
● محو ما أحدث من البدع: والتحذير منها ومحاربتها.
● ردّ الشبهات: والدفاع عن الدين ضد المشككين والملحدين.
● شرح العلوم الشرعية: وتقريبها للناس، وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
● جمع كلمة الأمة: على الحق والهدى، والسنة الصحيحة.
● من هو المجدد؟
- قد يكون المجدد عالماً واحداً بارزاً يجمع الله على يديه خيراً كثيراً للأمة، وقد يكون مجموعة من العلماء في تخصصات مختلفة (في العقيدة، الفقه، الحديث، الدعوة... إلخ) يقومون بهذه المهمة collectively.
- ليس بالضرورة أن يكون معصوماً من الخطأ، بل هو بشر يجتهد ويصيب ويخطئ، ولكن الله يوفقه لإحياء الدين في وقته.
- لا يُنتظر أن يُعلن شخص عن نفسه بأنه المجدد، بل هذه مكانة يمنحها الله لمن يشاء من عباده، ويُعرف المجدد بآثاره الإيجابية على الأمة واتباعه للسنة ومحاربته للبدعة.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- رحمة الله بالأمة: هذا الحديث من أعظم بشائر الرحمة والرعاية الإلهية لهذه الأمة، حيث تتعهدها العناية الربانية بتجديد دينها وحمايته من التحريف والاندثار.
2- استمرارية الخيرية: الأمة الإسلامية لا تزال بخير ما دام فيها من يجدد دينها ويقوم بشؤونه، وهذا يبعث على التفاؤل والأمل.
3- بيان أهمية العلماء: الحديث يرفع من شأن العلماء العاملين والدعاة المصلحين، ويبين أنهم ورثة الأنبياء وحماة الدين.
4- الحث على التمسك بالسنة: التجديد الحقيقي هو بالعودة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وليس بالابتداع أو التقليد الأعمى.
5- مسؤولية الأمة: على الأمة أن تبحث عن هؤلاء المجددين، وتقبل على علمهم، وتنصرهم، وتقتدي بهم في إحياء السنن ومحاربة البدع.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- اختلف العلماء في تعيين الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة المجدد في كل قرن، وهذا الاختلاف طبيعي لأنه اجتهاد، والمهم هو الإيمان بوقوع هذه البشارة النبوية.
- من الأمثلة على من أُطلق عليهم وصف المجددين عبر التاريخ (على سبيل المثال لا الحصر):
● القرن الأول: عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
● القرن الثاني: الإمام الشافعي رحمه الله.
● القرن الثالث: الإمام أبو الحسن الأشعري في العقيدة، والإمام البخاري في الحديث.
● القرن الرابع: الإمام الطبري والإمام أبو بكر الباقلاني.
● القرن السابع: الإمام ابن تيمية رحمه الله.
● القرن الثاني عشر: الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (مجدد دعوة التوحيد في نجد).
- التجديد مسؤولية جماعية، وكل من ساهم في إحياء سنة أو محو بدعة أو نشر علم نافع فهو شريك في الخير وله أجر التجديد بحسب عمله.
أسأل الله أن يجعلنا من أنصار دينه، والمقتدين بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يوفق الأمة لمجددين صالحين يقودونها إلى الخير والرشاد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٢١٩)، والحاكم (٤/ ٥٢٢)، والداني في الفتن (٣٦٤) كلهم من طريق ابن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة (هو الفارسي المصري)، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل شراحيل بن يزيد المعافري فإنه حسن الحديث.
وقال أبو داود عقبه: «رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يَجُز به شراحيلَ». أي لم يجاوزه فأسقط من الإسناد أبا علقمة وأبا هريرة.
وعبد الرحمن ثقة، لكن وصله سعيد بن أبي أيوب، وهو ثقة ثبت، فوصْله زيادة مقبولة.
وأما أحاديث الأبدال والأقطاب فكلها ضعيفة، وأشهرها ما روي عن علي بن أبي طالب:
قال شريح بن عبيد: ذُكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب وهو بالعراق فقالوا: العنْهم يا أمير المؤمنين، قال: لا إني سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «الأبدال يكونون بالشام، وهم أربعون رجلا، كلما مات رجل أبدل اللَّه مكانه رجلا، يسقى بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذابُ».
رواه أحمد (٨٩٦) عن أبي المغيرة، حدّثنا صفوان، حدثني شريح بن عبيد قال: فذكره.
وشريح بن عبيد لم يدرك عليا ففيه انقطاع.
وصفوان هو: ابن عمرو بن هرم السكسكي من رجال الصحيح، وقد تكلم فيه النسائي.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه (٢٠٤٥٥) عن معمر، عن الزهري، عن عبد اللَّه بن صفوان قال: قال رجل يوم صفين: اللهم العنْ أهل الشام، قال: فقال علي: لا تسب أهل الشام جمًّا غفيرًا، فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال.
وهذا إسناد صحيح، ومعنى الأبدال هنا الذي يُبدلون المنكر، وينشرون المعروف، وقد روي عن بعض السلف أن فلانا كان من الأبدال.
قال الإمام أحمد: إن لم يكونوا أصحاب الحديث فمن هم؟ .
وقال أيضًا: إن كان من الأبدال في العراق أحد فأبو إسحاق إبراهيم بن هانئ، كما في علل الدارقطني (٦/ ٢٩).
وقال يزيد بن هارون: الأبدال هم أهل العلم. وقال الإمام الشافعي في بعضهم: كنا نعده من الأبدال. وقال البخاري في التاريخ الكبير (٧/ ١٢٧) في ترجمة فروة بن مجالد: «وكانوا لا يشكون في أنه من الأبدال، مستجاب الدعوة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في مجموع الفتاوى (٤/ ٩٧): «وأما أهل العلم فكانوا يقولون: هم الأبدال؛ لأنهم أبدال الأنبياء، وقائمون مقامهم حقيقة، ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه، هذا في العلم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميغا، وكانوا يقولون: هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، الظاهرون على الحق؛ لأن الهدى ودين الحق الذي بعث اللَّه به رسله معهم، وهو الذي وعد اللَّه بظهوره على الدين كله، وكفى باللَّه شهيدًا. انتهى.
وأما ما روي عن جماعة من الصحابة عن وجود الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد فكلها باطلة على رسول اللَّه ﷺ كما قال الحافظ ابن القيم في المنار المنيف (٣٠٧).
وقال: «وأقرب ما فيها لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم البُدلاء، كلما مات رجل منهم أبدل اللَّه مكانه رجلا آخر، ذكره أحمد، ولا يصح أيضًا فإنه منقطع». اهـ
وهو كما قال، وقد سبق تخريجه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 172 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يجدد للأمة دينها على رأس كل مائة سنة

  • 📜 حديث: من يجدد للأمة دينها على رأس كل مائة سنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يجدد للأمة دينها على رأس كل مائة سنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يجدد للأمة دينها على رأس كل مائة سنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يجدد للأمة دينها على رأس كل مائة سنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب