يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق

حديث: يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق

عن ثوبان مولى رسول اللَّه ﷺ قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «يُوشك أن تداعَى عليكم الأممُ من كل أفق كما تَدَاعى الأكلةُ على قَصْعتها»، قال: قلنا: يا رسول اللَّه أمن قلة بنا يومئذ؟ قال: «أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غُثَاءً كغُثاءِ السيلِ تُنْزع المهابةُ من قلوب عدوكم، ويُجعل في قلوبكم الوهنُ»، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: «حبُّ الحياة، وكراهيةُ الموت».

حسن: رواه أحمد (٢٢٣٩٧) عن أبي النضر، حدّثنا المبارك بن فضالة، حدثنا مرزوق أبو عبد اللَّه الحمصي، حدّثنا أبو أسماء الرحبي، عن ثوبان مولى رسول اللَّه ﷺ قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لحديث ثوبان رضي الله عنه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث بنصه:

عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ قال: قال رسول الله ﷺ: «يُوشك أن تداعَى عليكم الأممُ من كل أفق كما تَدَاعى الأكلةُ على قَصْعتها»، قال: قلنا: يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ؟ قال: «أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غُثَاءً كغُثاءِ السيلِ تُنْزع المهابةُ من قلوب عدوكم، ويُجعل في قلوبكم الوهنُ»، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: «حبُّ الحياة، وكراهيةُ الموت».

1. شرح المفردات:

● يُوشك: يقرب ويقترب.
● تداعى: تتدافع وتتجمع وتتعاون.
● الأمم: الشعوب والجماعات غير المسلمة.
● من كل أفق: من كل جهة وناحية.
● الأكلة: الآكلون.
● قصعتها: قصعتها (بفتح القاف) أي إنائها الذي تؤكل فيه.
● غُثَاءً: ما يحمله السيل من زبد وقش وحطام، لا قيمة له.
● المهابة: الهيبة والاحترام والخوف.
● الوَهْن: الضعف والخور.

2. شرح الحديث:

يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث عن حالة ستحدث للأمة الإسلامية في مستقبل الزمان، حيث تقترب أن تتداعى وتتجمع عليها أمم الكفر من كل صوب وحدب، كما تتدافع مجموعة من الجائعين على إناء الطعام ليأكلوا منه.
فاستغرب الصحابة رضوان الله عليهم من هذا الخبر، وسألوا النبي ﷺ: أهذا بسبب قلة عددنا وضعفنا يومئذ؟ فأجابهم النبي ﷺ بأن العكس هو الصحيح، فقال: بل ستكونون كثيرين في العدد، ولكن العبرة ليست بالكم وإنما بالكيف.
ثم وصف ﷺ حالهم بأنهم سيكونون "غثاء كغثاء السيل"، أي أنهم سيكونون بكثرة عددية هائلة، ولكنهم بلا قيمة حقيقية، كالحطام الذي يجرفه السيل، لا وزن لهم ولا تأثير.
ويبين ﷺ سبب هذه الهزيمة والحالة المزرية، فيقول: "تنزع المهابة من قلوب عدوكم"، أي أن الله سينزع هيبتكم من قلوب أعدائكم، فلا يخافونكم ولا يحترمون قوتكم.
وفي المقابل، "ويجعل في قلوبكم الوهن"، أي سيصيب قلوبكم ضعف وخور. ولما سأله الصحابة عن معنى "الوهن"، بين لهم أنه "حب الدنيا وكراهية الموت". أي أن حب الدنيا والتمسك بالحياة وكراهية الموت (أي كراهية الشهادة في سبيل الله) هو أصل هذا الضعف والهوان.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- تحذير نبوي من المستقبل: الحديث ينبه إلى حالة ضعف وهوان ستمر بها الأمة، ليس بسبب قلة العدد، بل بسبب ضعف الإيمان والتمسك بالدين.
2- الكم لا يكفي دون الكيف: الكثرة العددية ليست ضمانًا للنصر أو القوة، إذا خلت القلوب من الإيمان والعزيمة.
3- الهزيمة تبدأ من الداخل: سبب هزيمة الأمة ونزع المهابة منها هو الوهن الداخلي، وهو مرض القلوب بحب الدنيا وكراهية الموت في سبيل الله.
4- حب الدنيا رأس كل خطيئة: الحديث يربط بشكل صريح بين حب الدنيا وذل الأمة وهوانها على أعدائها.
5- العلاج النبوي: لعلاج هذه الحالة يجب تغيير ما في النفوس، بتقوية الإيمان، والإعداد المعنوي، وغرس حب الآخرة والشهادة في سبيل الله، والتخفف من حب الدنيا والتعلق بها.

4. معلومات إضافية:

● الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وصححه الألباني.
- هذا الحديث من أعلام نبوة النبي ﷺ، حيث أخبر عن أمور غيبية وقعت وتقع، فقد رأينا كيف تتداعى الأمم على الأمة الإسلامية في عصور ضعفها.
- ينبغي للمسلم أن يتفقه في هذا الحديث ويعمل به، فلا يغتر بالكثرة العددية، ويحرص على أن يكون عنصرًا نافعًا قويًا في أمته، لا من "غثاء السيل".
- يجب على الدعاة والعلماء تذكير الأمة بهذا الحديث وتحذيرها من التعلق بالدنيا ونسيان الآخرة، فهو من أسباب النصر والتمكين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٢٣٩٧) عن أبي النضر، حدّثنا المبارك بن فضالة، حدثنا مرزوق أبو عبد اللَّه الحمصي، حدّثنا أبو أسماء الرحبي، عن ثوبان مولى رسول اللَّه ﷺ قال: فذكره.
وإسناده حسن فإن المبارك -هو ابن فضالة- حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، ومرزوق أبو عبد اللَّه الحمصي حسن الحديث أيضًا.
ورواه أبو داود (٤٢٩٧)، وابن أبي عاصم في الزهد (٢٦٨) كلاهما من طريق آخر عن أبي عبد السلام، عن ثوبان، فذكره.
وأبو عبد السلام قيل هو: صالح بن رستم الهاشمي مولاهم، وقيل: هو آخر لا يعرف اسمه، وهو مجهول ولكنه توبع.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 161 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق

📜 حديث: يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية