حديث: ابن قمعة يجر قصبه في النار وأول من سيب السائبة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب رؤية النبي ﷺ عمرو بن عامر الخزاعي في النار وهو أول من سيّب السوائب

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «عرضت علي النار، فرأيت فيها ابن قمعة بن خندف، وهو يجر قصبه في النار، وهو أول من سيب السائبة، وغيّر عهد إبراهيم، وأشبه من رأيت به أكثم بن الجون». قال: فقال أكثم: يا رسول اللَّه أيضرني شبهه؟ قال: «لا، إنك مسلم وهو كافر».

حسن: رواه أبو يعلى (٦١٢١) عن أبي موسى (محمد بن المثنى)، حدّثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، حدّثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «عرضت علي النار، فرأيت فيها ابن قمعة بن خندف، وهو يجر قصبه في النار، وهو أول من سيب السائبة، وغيّر عهد إبراهيم، وأشبه من رأيت به أكثم بن الجون». قال: فقال أكثم: يا رسول اللَّه أيضرني شبهه؟ قال: «لا، إنك مسلم وهو كافر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله، معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. نص الحديث وفهم سياقه
يقول الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَرَأَيْتُ فِيهَا ابْنَ قُمُعَةَ بْنِ خِنْدِفَ، وَهُوَ يَجُرُّ قُصَبَهُ فِي النَّارِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّائِبَةَ، وَغَيَّرَ عَهْدَ إِبْرَاهِيمَ، وَأَشْبَهُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ أَكْثَمَ بْنَ الْجَوْنِ». قَالَ: فَقَالَ أَكْثَمُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَضُرُّنِي شَبَهُهُ؟ قَالَ: «لَا، إِنَّكَ مُسْلِمٌ وَهُوَ كَافِرٌ».
### ثانياً. شرح المفردات
● عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ: أي أُظهرت لي النار ورأيتها في منام أو في حالة من الإلهام والإيحاء الإلهي، كما جرت عادة النبي صلى الله عليه وسلم في رؤية الحقائق الغيبية.
● ابْنَ قُمُعَةَ بْنِ خِنْدِفَ: هو رجل من العرب في الجاهلية، من بني خندف، واسمه "عبد العزى بن قمعة"، وكان من ساداتهم وزعمائهم.
● يَجُرُّ قُصَبَهُ: "القصبة" هنا هي الأمعاء، والمعنى: أنه يُعذَّب في النار بسحب أمعائه وجرها، وهو عذاب شديد يدل على شناعة فعله.
● سَيَّبَ السَّائِبَةَ: "السائبة" في الجاهلية كانت نذْراً يفعله المشركون، حيث كانوا إذا تحقق لهم مراد (كشفاء مريض أو نجاة من أزمة) يتركون ناقة أو بعيراً سائباً لا يُركب ولا يُحلب ولا يُمنع من مرعى، تقديماً لها للآلهة! وهذا من الشرك والجهالة.
● غَيَّرَ عَهْدَ إِبْرَاهِيمَ: أي بدَّل دين إبراهيم عليه السلام التوحيدي الذي كان عليه العرب أولاً، وحرفه إلى الشرك والعبادة الوثنية.
● أَكْثَمَ بْنَ الْجَوْنِ: هو أكثم بن صيفي، من حكماء العرب وكان معاصراً للنبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم وحسن إسلامه.
### ثالثاً. شرح الحديث
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في النار رجلاً من زعماء الجاهلية وهو "ابن قمعة"، يعذب بعذاب شديد حيث يُجر قصبه (أمعاؤه) في النار. وسبب هذا العذاب أنه:
1- أول من سيب السائبة: فهو رأس البدعة في هذا الشرك، وقد قال العلماء: "كل من ابتدع بدعة ضلالة فهو آثم، وآثم من فعلها بعده؛ لأنه السبب الأول في انتشارها".
2- غير عهد إبراهيم: أي حوَّل دين التوحيد الذي كان عليه إبراهيم والخليل إلى شرك وعبادة أصنام.
ثم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل يشبه أكثم بن الجون (وهو من حاضري المجلس وكان لا يزال على الكفر أو حديث عهد بالإسلام)، ففزع أكثم وخاف أن يضره هذا الشبه، فأطمأنه النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشكل الظاهري لا يضر إذا كان القلب سليماً والإيمان ثابتاً، فقال: «لَا، إِنَّكَ مُسْلِمٌ وَهُوَ كَافِرٌ».
### رابعاً. الدروس المستفادة من الحديث
1- عظمة عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشرك: فقد رأى بعينيه مصير المشركين في النار.
2- خطر الابتداع في الدين: فابن قمعة لم يقتصر على كفره، بل ابتدع بدعة السائبة التي أضلت كثيراً من الناس.
3- أن أول المبتدعين أشد إثماً: لأنه يتحمل وزر كل من اتبعه على ضلالته.
4- أن التشابه في الصورة لا يعني التشابه في المصير: فالأعمال بالنيات والاعتقادات، وليس الشكل أو النسب.
5- الفرق بين الإسلام والكفر هو الفيصل: فالمسلم في الجنة ولو كان يشبه كافراً، والكافر في النار ولو كان يشبه مسلماً.
6- بيان عدل الله تعالى: حيث يعذب كل إنسان بما كسبت يداه، وليس بسبب شكله أو نسبه.
7- جواز سؤال العالم عن ما يخفى أو ما يقلق القلب: كما فعل أكثم رضي الله عنه عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم للطمأنينة.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
● مصير أكثم بن الجون: أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان من حكماء العرب، ومات في طريق الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من السابقين إلى الإسلام.
● الوعيد الشديد للمبتدعين: خاصة من يغيرون دين الله ويحرفونه، كمثل من استحدث عبادة غير ما شرع الله.
● الحديث يرد على من يتشبه بالأشرار أو الكفار: فلا يضر المسلم شبهه بكافر إذا كان قلبه سليماً وعمله صالحاً.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل التوحيد الخالص، وأن يبعدنا عن الشرك والبدع، وأن يحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٦١٢١) عن أبي موسى (محمد بن المثنى)، حدّثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، حدّثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو (هو ابن علقمة) فإنه حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 234 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابن قمعة يجر قصبه في النار وأول من سيب السائبة

  • 📜 حديث: ابن قمعة يجر قصبه في النار وأول من سيب السائبة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ابن قمعة يجر قصبه في النار وأول من سيب السائبة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ابن قمعة يجر قصبه في النار وأول من سيب السائبة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ابن قمعة يجر قصبه في النار وأول من سيب السائبة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب