امرأة تعذب في النار بسبب هرّة ربطتها

حديث: امرأة تعذب في النار بسبب هرّة ربطتها

عن جابر بن عبد اللَّه، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه ﷺ في يوم شديد الحر، فصلى رسول اللَّه ﷺ بأصحابه، وفيه: ثم قال: «إنه عرض علي كل شيء تولجونه، فعرضت علي الجنة، حتى لو تناولت منها قطفا أخذته -أو قال: تناولت منها قطفا- فقصرت يدي عنه، وعرضت علي النار، فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذب في هرة لها، ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار. . .» الحديث.

صحيح: رواه مسلم في الكسوف (٩٠٤: ٩) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا إسماعيل ابن علية، عن هشام الدستوائي، قال: حدّثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فيه موعظة بليغة وعبرة عظيمة، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:

● كسفت الشمس: أي حصل كسوف الشمس، وهو ذهاب ضوئها كلياً أو جزئياً.
● تولجونه: تدخلونه، من (ولج) أي دخل.
● قطفاً: عنقوداً من العنب أو غيره من ثمار الجنة.
● قَصَبَه: أمعاءه أو أحشاء بطنه.
● خشاش الأرض: هوام الأرض وحشراتها التي تخرج بالليل.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن كسوفاً للشمس حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم كان الحر فيه شديداً. فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الكسوف، والتي هي من السنن المؤكدة عند حصول هذه الآية العظيمة.
ثم خطبهم بعد الصلاة، وذكر لهم من خلال هذه الخطبة ما أراه الله تعالى إياه أثناء الصلاة من عجائب الغيب. فقال صلى الله عليه وسلم: (إنه عرض علي كل شيء تولجونه) أي أراني الله تعالى كل شيء تدخله أمتي وتصير إليه من خير وشر، من الجنة والنار.
(فعرضت علي الجنة، حتى لو تناولت منها قطفا أخذته -أو قال: تناولت منها قطفا- فقصرت يدي عنه) في هذا بيان لشدة قرب الجنة منه صلى الله عليه وسلم وعظم رغبته فيها، حتى كاد أن يناول بعض ثمارها، لكنه لم يفعل إما لأنها رؤيا منامية أو لأنها عرضٌ للرؤية والعبرة لا للأخذ الحقيقي.
(وعرضت علي النار، فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذب في هرة لها، ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض) هذه قصة عظيمة فيها عبرة، حيث أن هذه المرأة دخلت النار بسبب تعذيبها لهرة (قطة)، فقد ربطتها فمنعتها من الطعام، ولم تطلقها لتأكل مما تجده على الأرض من الحشرات. فكيف بمن يعذب البشر؟!
(ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار) وهذا رجل من زعماء الكفار في الجاهلية، كان شديد العداوة للإسلام وأهله، فكان مصيره أن يجر أمعاءه في نار جهنم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- بيان حكمة صلاة الكسوف: وهي تذكير الناس بعظمة الله وقدرته، وإيقاظهم من الغفلة، وتحذيرهم من أهوال الآخرة.
2- عظمة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته: حيث أريَ من مشاهد الغيب ما لم يُرَ غيره.
3- قرب الجنة وحقيقة نعيمها: حتى كاد صلى الله عليه وسلم يناول من ثمارها.
4- التحذير من صغائر الذنوب: فالمؤمن لا يحتقر ذنباً، فها هي امرأة تعذب في النار بسبب هرة! فكيف بمن يظلم الناس أو يؤذيهم؟
5- الرحمة بالحيوان: فالإسلام أمر بالإحسان إلى الحيوانات وعدم تعذيبها، وجعل ذلك من أسباب الرحمة ودخول الجنة، كما جعل تعذيبها سبباً لدخول النار.
6- مصير أعداء الله: كما حدث لأبي ثمامة، فإن الكفر والصد عن سبيل الله يؤدي إلى هذا المصير المهين.
7- العدل الإلهي: فالله لا يظلم مثقال ذرة، ويعذب على المعصية ولو كانت في حق حيوان.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من حديث طويل عن صلاة الكسوف، وله روايات أخرى فيها زيادة تفصيل.
- ينبغي للمسلم إذا رأى الكسوف أن يسرع إلى الصلاة والذكر والدعاء والاستغفار، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- القصة الواردة في الحديث عن المرأة والهرة تدل على أن الإنسان سيحاسب على كل شيء، حتى على تعامله مع الحيوانات.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يقينا عذاب النار. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الكسوف (٩٠٤: ٩) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا إسماعيل ابن علية، عن هشام الدستوائي، قال: حدّثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه قال: فذكره.
ورواه مسلم (٩٠٤: . . .) عن أبي غسان المسمعي، حدّثنا عبد الملك بن الصباح، عن هشام بهذا
الإسناد مثله، إلا أنه قال: «ورأيت في النار امرأة حميرية سوداء طويلة»، ولم يقل: «من بني إسرائيل».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 239 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: امرأة تعذب في النار بسبب هرّة ربطتها

📜 حديث: امرأة تعذب في النار بسبب هرّة ربطتها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: امرأة تعذب في النار بسبب هرّة ربطتها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: امرأة تعذب في النار بسبب هرّة ربطتها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: امرأة تعذب في النار بسبب هرّة ربطتها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية