حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الرخصة في المشي في الصلاة عند الحاجة
وفي رواية قال: وإني غزوت مع رسول الله ﷺ ست غزوات أو سبع غزوات وثمان، وشهدت تيسيره، وإنِّي إن كنتُ أن أرجع مع دابتي أحب إليَّ من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق عَليَّ.
صحيح: رواه البخاري في الأدب (٦١٢٧) عن أبي النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن الأزرق بن قيس به مثله.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
الحديث الذي طلبت شرحه رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، وهو حديث عظيم يجسد سماحة الإسلام ويسره.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● الأهواز: منطقة معروفة بين البصرة وفارس.
● نَضَبَ عنه الماءُ: نقص وجف، فصار الشاطئ واسعاً.
● خَلَّى فرسَه: أطلقها ترعى دون أن يربطها.
● له رأي: هنا بمعنى له غلظة وجفاء في الرأي، وليس المدح.
● ما عَنَّفَنِي أحد: ما وبخني أو عاقبني أحد.
● منزلي متراخٍ: بعيد.
● مألفها: المكان الذي تألفه وتعرفه (الاسطبل أو البيت).
● فيشق عَليَّ: يشق عليَّ مشقة كبيرة.
ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:
يحدثنا الراوي (الأزرق بن قيس) أنهم كانوا على شاطئ نهر جف ماؤه، فجاءهم الصحابي أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه على فرسه، فبدأ في الصلاة وأطلق فرسه لترعى. لكن الفرس هربت وابتعدت، فترك أبو برزة صلاته وتبعها حتى أمسك بها، ثم عاد وأتم صلاته من حيث انقطع.
فأنكر عليه رجل حاضر كان فيه غلظة وجفاء، مستنكراً أن يترك الرجل صلاته من أجل فرس! فالتفت إليه أبو برزة غاضباً، وذكر له أنه لم يعنفه أحد منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبرر فعله بأن بيته بعيد، ولو ترك الفرس تهرب لم يصل إلى أهله إلا في الليل متعباً. ثم استدل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتيسيره، وذكر أنه غزا معه عدة غزوات ورأى هذا التيسير بعينه، وأنه يرى أن تتبع دابته وإرجاعها أهون عليه من مشقة ضياعها وتعبه في العودة إلى أهله.
ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- سماحة الإسلام ويسره: هذا الحديث من أظهر الأدلة على يسر الشريعة ورفعها للحرج عن المكلفين. فالصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ومع ذلك أبيح قطعها لأجل دفع ضرر دنيوي محقق.
2- جواز قطع النافلة لأمر مهم: الجمهور على أن الصلاة التي قطعها أبو برزة كانت نافلة وليست فريضة، إذ لا يجوز قطع الفريضة إلا لضرورة بالغة كإنقاذ نفس من هلكة. وهذا يبين أن даже النافلة يجوز قطعها للحاجة الدنيوية المعتبرة التي يترتب على فقدها مشقة.
3- مراعاة الظروف والضرورات: فعل أبي برزة يعلمنا أن العبادات لا تنافي حاجات الحياة المعتبرة. فحاجته إلى الفرس للوصول إلى أهله دون مشقة كبيرة هي حاجة معتبرة شرعاً تبيح له قطع الصلاة.
4- رد العالم على الجاهل بأدب وحجة: لم يرد أبو برزة على المنكر بغضب فقط، بل برر فعله بحجج عقلية وشرعية، مستنداً إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا هو نهج العالم الذي يواجه الجهل بالحكمة والموعظة الحسنة.
5- التيسير سمة الصحبة النبوية: قول أبي برزة: "وشهدت تيسيره" دليل على أن الذين عاشروا النبي صلى الله عليه وسلم وعاينوا تطبيقه للشريعة فهموا أن الدين مبني على اليسر والرحمة، لا على العنت والتشديد.
6- تحذير من التسرع في الإنكار: الرجل الذي أنكر تسبب في إغضاب صحابي جليل، لأنه حكم على الظاهر دون أن يعرف الباعث على الفعل. وهذا درس في وجوب التثبت وعدم التسرع في إصدار الأحكام على الآخرين.
7- العناية بالممتلكات والحفاظ عليها: حرص أبو برزة على فرسه ليس حرصاً على مال فحسب، بل على وسيلة تنقله التي ستحمله إلى أهله وتوفر عليه مشقة السير الطويل. وهذا من الكفاية والعقل الذي يحث عليه الإسلام.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
● أبو برزة الأسلمي هو صحابي جليل، شهد الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان.
- هذا الحديث يستدل به الفقهاء على مسائل عدة، أهمها: قطع النافلة للحاجة، ورفع الحرج في العبادات.
- الفرق بين قطع الصلاة للضرورة في الفريضة والنافلة: الفريضة لا تقطع إلا لضرورة قصوى (كخوف على نفس أو مال كبير)، أما النافلة فأمرها أوسع للحاجة المعتبرة.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في دينه والاتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه ابن خزيمة (٨٦٦) عن أحمد بن عبدة، أخبرنا حماد، يعني ابن زيد به إلا أن فيه: أنه رأى أبا برزة الأسلمي يصلي، وعَنَانُ دابته في يده. فلما ركع انفلت العنان من يده، وانطلقتِ الدابة. قال: فنكص أبو برزة على عقبيه، ولم يلتفِتْ حتى لحق الدابة، فأخذها، ثم مشى كما هو، ثم أتى مكانه الذي صلى فيه فقضى صلاته فأتمها ثم سلَّم ...
وفيه أنه لم يقطع الصلاة، وإنما مشى ليمسكها.
وتُؤيده الرواية الثابتة عند البخاري في العمل في الصلاة (١٢١١) عن آدم، حدثنا شعبةُ، حدثنا الأزرق بن قيس، قال: كنا بالأهواز نُقاتِل الحروريةَ. فبينا أنا على جُرُفِ نهرٍ إذا رجلٌ يُصلِّي، وإذا لِجام دابته بيده. فجعلتِ الدابةُ تنازِعُه، وجعل يتبعها، قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي، فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم! افعل بهذا الشيخ فلما انصرف الشيخ قال: إني سمعتُ قولكم، ثم ذكر بقية الحديث.
وتؤيِّدُه أيضًا ما ثبت في روايات أخرى: «فأخذها ثم رجع القَهْقَرَى».
الجمع بين الروايتين أن قوله ترك الصلاة، ليس بمعنى قطع الصلاة، بل بمعنى أنه تبع الدابة ليمسكها، وهو لا يزال في صلاته.
وفي الحديث حجة للفقهاء في قولهم: «إن كلَّ شيء يُخشى إتلافه من متاع وغيره يجوز قطع الصلاة لأجله» إن كان تَرَكَ الصلاة بمعنى قَطَعَ الصلاة وأَبْطَلَها.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 862 من أصل 1241 حديثاً له شرح
- 837 لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء أن تلتمع
- 838 كان رسول الله إذا صلى رفع بصره إلى السماء
- 839 مثل الذي يصلي وهو مكتوف
- 840 مقعد الشيطان مغرز ضفره في القفا أثناء الصلاة
- 841 لا تصلِّ ورأسك معقوص
- 842 لا تبصق قِبَل وجهك في الصلاة فإن الله قِبَل وجهك
- 843 تفلت بين يديك وأنت تؤم الناس فآذيت الله وملائكته
- 844 لا تُغطِّ فاك في الصلاة
- 845 كان النبي ﷺ يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض...
- 846 صلِّي في مرابض الغنم؟ نعم. في مبارك الإبل؟ لا.
- 847 لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين
- 848 صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل
- 849 لا يُصَلَّى في أعطان الإبل، ويُصلَّى في مُراح الغنم
- 850 لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها
- 851 الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة
- 852 لا تصلوا بين القبور
- 853 كان النبي ﷺ يُصلي وهو حاملٌ أُمامة بنت زينب
- 854 سجد النبي ﷺ سجدة طويلة وحسين على ظهره
- 855 الحسن والحسين يثبان على ظهر النبي في الصلاة
- 856 اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب
- 857 النبي ﷺ يشق الصفوف ويأمر أبا بكر مكانك
- 858 مُرِي غلامَكِ النجارَ يعملُ لي أعوادًا أُكلِّم الناسَ عليها
- 859 رسول الله ﷺ يكشف ستر الحجرة في مرضه ويتبسم
- 860 رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته
- 861 كان النبي ﷺ يصلي والباب عليه مغلق
- 862 ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير
- 863 التسبيح للرجال والتصفيق للنساء
- 864 من رأى شيئًا في صلاته فليسبح
- 865 لا يتنخمن أحد قبل وجهه في الصلاة
- 866 المسح في المسجد فواحدة
- 867 أضع الحصى في كفي لأسجد عليها من شدة الحر
- 868 إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح...
- 869 إنك سلمت آنفا وأنا أصلي
- 870 كان رسول الله ﷺ يرد السلام بالإشارة بيده
- 871 من سلَّم على النبي وهو يُصلي فردَّ عليه
- 872 إذا صلى الإمام جالسًا فصلوا جلوسًا
- 873 خسفت الشمس والناس قيام يصلون
- 874 صلاة القاعد خلف الإمام القاعد
- 875 كان النبي ﷺ يشير في الصلاة
- 876 والذي نفسي بيده! لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد...
- 877 في صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء
- 878 رب لم تعِدني هذا وأنا استغفرك
- 879 عِفريت من الجن تفلت علي ليقطع علي صلاتي
- 880 حتى وجدت برد لسانه على يدي
- 881 تناولت الشيطان في الصلاة فلو أخذته ما انفلت مني
- 882 لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي
- 883 لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل...
- 884 كان رسول الله ﷺ ليقوم - أو ليصلي - حتى...
- 885 كان النبي ﷺ يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه
- 886 يُصَلِّي حتى تَرِم قدماه فيقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا
معلومات عن حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير
📜 حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








