حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الرخصة في المشي في الصلاة عند الحاجة

عن الأزرق بن قيس قال: كنا على شاطِئ نهر بالأهواز، قد نَضَبَ عنه الماءُ. فجاء أبو برزة الأسلَمِي على فرس، فصلى وخَلَّى فرسَه، فانطلقتِ الفرَسُ. فترك صلاتَه وتبعها حتى أدركها، فأخذها ثم جاء فقضى صلاتَه، وفينا رجل له رأي، فأقبل يقول: انظروا إلى هذا الشيخ، ترك صلاتَه من أجل فرَسٍ. فأقبل فقال: ما عَنَّفَنِي أحد منذ فارقتُ رسولَ الله ﷺ وقال: إن منزلي متراخٍ، فلو صليت وتركت لم آتِ أهلي إلى الليل. وذكر أنه صحب النبي ﷺ فرأى من تيسيره.
وفي رواية قال: وإني غزوت مع رسول الله ﷺ ست غزوات أو سبع غزوات وثمان، وشهدت تيسيره، وإنِّي إن كنتُ أن أرجع مع دابتي أحب إليَّ من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق عَليَّ.

صحيح: رواه البخاري في الأدب (٦١٢٧) عن أبي النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن الأزرق بن قيس به مثله.

عن الأزرق بن قيس قال: كنا على شاطِئ نهر بالأهواز، قد نَضَبَ عنه الماءُ. فجاء أبو برزة الأسلَمِي على فرس، فصلى وخَلَّى فرسَه، فانطلقتِ الفرَسُ. فترك صلاتَه وتبعها حتى أدركها، فأخذها ثم جاء فقضى صلاتَه، وفينا رجل له رأي، فأقبل يقول: انظروا إلى هذا الشيخ، ترك صلاتَه من أجل فرَسٍ. فأقبل فقال: ما عَنَّفَنِي أحد منذ فارقتُ رسولَ الله ﷺ وقال: إن منزلي متراخٍ، فلو صليت وتركت لم آتِ أهلي إلى الليل. وذكر أنه صحب النبي ﷺ فرأى من تيسيره.
وفي رواية قال: وإني غزوت مع رسول الله ﷺ ست غزوات أو سبع غزوات وثمان، وشهدت تيسيره، وإنِّي إن كنتُ أن أرجع مع دابتي أحب إليَّ من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق عَليَّ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
الحديث الذي طلبت شرحه رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، وهو حديث عظيم يجسد سماحة الإسلام ويسره.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● الأهواز: منطقة معروفة بين البصرة وفارس.
● نَضَبَ عنه الماءُ: نقص وجف، فصار الشاطئ واسعاً.
● خَلَّى فرسَه: أطلقها ترعى دون أن يربطها.
● له رأي: هنا بمعنى له غلظة وجفاء في الرأي، وليس المدح.
● ما عَنَّفَنِي أحد: ما وبخني أو عاقبني أحد.
● منزلي متراخٍ: بعيد.
● مألفها: المكان الذي تألفه وتعرفه (الاسطبل أو البيت).
● فيشق عَليَّ: يشق عليَّ مشقة كبيرة.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يحدثنا الراوي (الأزرق بن قيس) أنهم كانوا على شاطئ نهر جف ماؤه، فجاءهم الصحابي أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه على فرسه، فبدأ في الصلاة وأطلق فرسه لترعى. لكن الفرس هربت وابتعدت، فترك أبو برزة صلاته وتبعها حتى أمسك بها، ثم عاد وأتم صلاته من حيث انقطع.
فأنكر عليه رجل حاضر كان فيه غلظة وجفاء، مستنكراً أن يترك الرجل صلاته من أجل فرس! فالتفت إليه أبو برزة غاضباً، وذكر له أنه لم يعنفه أحد منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبرر فعله بأن بيته بعيد، ولو ترك الفرس تهرب لم يصل إلى أهله إلا في الليل متعباً. ثم استدل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتيسيره، وذكر أنه غزا معه عدة غزوات ورأى هذا التيسير بعينه، وأنه يرى أن تتبع دابته وإرجاعها أهون عليه من مشقة ضياعها وتعبه في العودة إلى أهله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- سماحة الإسلام ويسره: هذا الحديث من أظهر الأدلة على يسر الشريعة ورفعها للحرج عن المكلفين. فالصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ومع ذلك أبيح قطعها لأجل دفع ضرر دنيوي محقق.
2- جواز قطع النافلة لأمر مهم: الجمهور على أن الصلاة التي قطعها أبو برزة كانت نافلة وليست فريضة، إذ لا يجوز قطع الفريضة إلا لضرورة بالغة كإنقاذ نفس من هلكة. وهذا يبين أن даже النافلة يجوز قطعها للحاجة الدنيوية المعتبرة التي يترتب على فقدها مشقة.
3- مراعاة الظروف والضرورات: فعل أبي برزة يعلمنا أن العبادات لا تنافي حاجات الحياة المعتبرة. فحاجته إلى الفرس للوصول إلى أهله دون مشقة كبيرة هي حاجة معتبرة شرعاً تبيح له قطع الصلاة.
4- رد العالم على الجاهل بأدب وحجة: لم يرد أبو برزة على المنكر بغضب فقط، بل برر فعله بحجج عقلية وشرعية، مستنداً إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا هو نهج العالم الذي يواجه الجهل بالحكمة والموعظة الحسنة.
5- التيسير سمة الصحبة النبوية: قول أبي برزة: "وشهدت تيسيره" دليل على أن الذين عاشروا النبي صلى الله عليه وسلم وعاينوا تطبيقه للشريعة فهموا أن الدين مبني على اليسر والرحمة، لا على العنت والتشديد.
6- تحذير من التسرع في الإنكار: الرجل الذي أنكر تسبب في إغضاب صحابي جليل، لأنه حكم على الظاهر دون أن يعرف الباعث على الفعل. وهذا درس في وجوب التثبت وعدم التسرع في إصدار الأحكام على الآخرين.
7- العناية بالممتلكات والحفاظ عليها: حرص أبو برزة على فرسه ليس حرصاً على مال فحسب، بل على وسيلة تنقله التي ستحمله إلى أهله وتوفر عليه مشقة السير الطويل. وهذا من الكفاية والعقل الذي يحث عليه الإسلام.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● أبو برزة الأسلمي هو صحابي جليل، شهد الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان.
- هذا الحديث يستدل به الفقهاء على مسائل عدة، أهمها: قطع النافلة للحاجة، ورفع الحرج في العبادات.
- الفرق بين قطع الصلاة للضرورة في الفريضة والنافلة: الفريضة لا تقطع إلا لضرورة قصوى (كخوف على نفس أو مال كبير)، أما النافلة فأمرها أوسع للحاجة المعتبرة.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في دينه والاتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦١٢٧) عن أبي النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن الأزرق بن قيس به مثله.
ورواه ابن خزيمة (٨٦٦) عن أحمد بن عبدة، أخبرنا حماد، يعني ابن زيد به إلا أن فيه: أنه رأى أبا برزة الأسلمي يصلي، وعَنَانُ دابته في يده. فلما ركع انفلت العنان من يده، وانطلقتِ الدابة. قال: فنكص أبو برزة على عقبيه، ولم يلتفِتْ حتى لحق الدابة، فأخذها، ثم مشى كما هو، ثم أتى مكانه الذي صلى فيه فقضى صلاته فأتمها ثم سلَّم ...
وفيه أنه لم يقطع الصلاة، وإنما مشى ليمسكها.
وتُؤيده الرواية الثابتة عند البخاري في العمل في الصلاة (١٢١١) عن آدم، حدثنا شعبةُ، حدثنا الأزرق بن قيس، قال: كنا بالأهواز نُقاتِل الحروريةَ. فبينا أنا على جُرُفِ نهرٍ إذا رجلٌ يُصلِّي، وإذا لِجام دابته بيده. فجعلتِ الدابةُ تنازِعُه، وجعل يتبعها، قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي، فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم! افعل بهذا الشيخ فلما انصرف الشيخ قال: إني سمعتُ قولكم، ثم ذكر بقية الحديث.
وتؤيِّدُه أيضًا ما ثبت في روايات أخرى: «فأخذها ثم رجع القَهْقَرَى».
الجمع بين الروايتين أن قوله ترك الصلاة، ليس بمعنى قطع الصلاة، بل بمعنى أنه تبع الدابة ليمسكها، وهو لا يزال في صلاته.
وفي الحديث حجة للفقهاء في قولهم: «إن كلَّ شيء يُخشى إتلافه من متاع وغيره يجوز قطع الصلاة لأجله» إن كان تَرَكَ الصلاة بمعنى قَطَعَ الصلاة وأَبْطَلَها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 862 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير

  • 📜 حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ترك الصلاة لإمساك الفرس ورأي أبي برزة في التيسير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب