جواز الصلاة في البيوت عند المطر والطين

حديث: جواز الصلاة في البيوت عند المطر والطين

عن ابن عباس، أنَّه خطب في يوم ردْغٍ، فلمَّا بلغَ المؤذِّن: «حيَّ على الصلاةِ» فأمره أن يُنادي: «الصلاةُ في الرحالِ». فنظر القوم بعضهم إلى بعضٍ. فقال: «فعل هذا من هو خير منه، وإنَّها عَزْمُةٌ».

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٦١٦) ومسلم في صلاة المسافرين (٦٩٩) كلاهما من طريق حمَّاد بن زيدٍ، عن أيوب، وعبد الحميد صاحب الزيادي، وعاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث شريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه دروس وعبر عظيمة. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

1. شرح المفردات:

● يوم رَدْغٍ: اليوم الذي فيه المطر والطين، والرَدْغ هو الطين الكثير الذي يصعب المشي فيه.
● حي على الصلاة: النداء الذي يؤذن به المؤذن لحضور الناس إلى الصلاة في المسجد.
● الصلاة في الرحال: أي الصلاة في البيوت أو الأماكن التي يقيم فيها الناس، ولا يأتوا إلى المسجد.
● نظر القوم بعضهم إلى بعض: تعجبوا واستغربوا من هذا الأمر.
● عَزْمَة: أي عزيمة وأمر مؤكد، وقيل: بمعنى واجبة أو سنة مؤكدة.

2. شرح الحديث:

يحكي هذا الحديث أن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – وهو من كبار علماء الصحابة – كان يخطب في الناس في يوم ماطرٍ فيه طينٌ كثير، فلما سمع نداء المؤذن "حي على الصلاة" أمر المؤذن أن ينادي بدلاً من ذلك: "الصلاة في الرحال"، أي أن يصلي الناس في بيوتهم ولا يخرجوا إلى المسجد بسبب شدة المطر والطين. فتعجب الناس من هذا الفعل، فقال ابن عباس: "فعل هذا من هو خير مني" – أي أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك – "وإنها عَزْمَة" أي أن هذا حكم ثابت وسنة مؤكدة من النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث يدل على مشروعية الترخيص للمصلين بعدم الحضور إلى المسجد في صلاة الجماعة عند وجود الأعذار الشرعية، مثل المطر الشديد والطين الذي يشق على الناس الخروج فيه، وذلك رحمةً بهم وتيسيراً عليهم.

3. الدروس المستفادة منه:

● التيسير ورفع الحرج: من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير على الناس ورفع المشقة عنهم، وخاصة في العبادات، فالمطر والطين عذر يبيح للمسلم الصلاة في بيته.
● الاتباع لا الابتداع: ابن عباس رضي الله عنهما لم يأمر بهذا من تلقاء نفسه، بل اتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل على وجوب الاقتداء بالسنن النبوية.
● الحكمة في القيادة والفتوى: العالم أو الإمام يجب أن يكون حكيماً في تصرفاته، مراعياً للظروف، مشفقاً على الناس، كما فعل ابن عباس.
● بيان سنية الأذان في المطر: يؤذن المؤذن كما هو معتاد، ولكن ينادي بعد الأذان "الصلاة في الرحال" لإعلام الناس بالترخيص.
● عدم التعجب من الأحكام الشرعية: ينبغي للمسلم أن يسلم للشريعة حتى لو بدا له شيء منها غريباً، لأنها تهدف لمصالحه.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في مشروعية الجمع بين الصلاتين بسبب المطر، كما هو مذهب الجمهور.
- العذر بالمطر ليس مقصوراً على الصلاة فقط، بل يشمل أيضاً إسقاط حضور الجمعة والجماعة عند المشقة.
- العلماء اختلفوا في حد المطر المُعذر: فمنهم من اشترط أن يكون شديداً، ومنهم من أجازه مع أي مطر يبل الثياب أو يشق معه الخروج.
- ينبغي أن يكون هذا الترخيص من الإمام أو نائبه، فلا يترك الناس الجماعة من تلقاء أنفسهم إلا بعذر واضح.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأذان (٦١٦) ومسلم في صلاة المسافرين (٦٩٩) كلاهما من طريق حمَّاد بن زيدٍ، عن أيوب، وعبد الحميد صاحب الزيادي، وعاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، فذكره. واللفظ للبخاري.
ورواه أيضًا البخاري في الجمعة (٩٠١) ومسلم كلاهما من طريق إسماعيل ابن علية، قال: أخبرني عبد الحميد صاحب الزيادي، قال: حدثنا عبد الحميد بن الحارث ابن عمِّ محمد بن سيرين، قال ابن عباس لمؤذنه في يوم مطيرٍ: «إذا قلتَ: أشهد أنَّ محمدًا رسول الله فلا تقل: حيَّ على الصلاة. قل: صلُّوا في بيوتكم». فكأنَّ الناسَ استنكروا. قال: «فعله من هو خير منِّي، إنَّ الجمعةَ عزْمَة، وإنِّي كرهتُ أن أُحرجَكم فتمشون في الطين والدَّحض. واللفظ للبخاري. ونحوه لفظ مسلم أيضًا.
قوله: «في يوم ردغٍ«الردغُ: الماء والطين.
وقوله: «إنَّ الجمعةَ عزْمةٌ«بإمكان الزاي: أي واجبةٌ متحتّمة، فلو قال المؤذن: «حيَّ على الصلاةِ«لكُلِّفتم المجيءَ إليها ولحقتكم المشقَّة.
وقوله: «في الطين والدَّحض«-بإسكان الحاء المهملة وبعدها ضاد معجمة- والدَّحض: الزلل والزلق.
والردغ -بفتح الراء، وإسكان الدال المهملة، بعدها غين معجمة- بمعنى الدحض. ورواه بعض رواة مسلم: «رزغ» -بالزاي- وهو الصحيح أيضًا، وهو بمعنى الردغ، وقيل: هو المطر
الذي يُبِلُّ وجهَ الأرض.
ومضى الحديث في كتاب الصلاة، باب الرخصة في ترك الجماعة عند المطر والعذر. وقد سبق فيه حديث أبي المليح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 115 من أصل 138 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: جواز الصلاة في البيوت عند المطر والطين

📜 حديث: جواز الصلاة في البيوت عند المطر والطين

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: جواز الصلاة في البيوت عند المطر والطين

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: جواز الصلاة في البيوت عند المطر والطين

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: جواز الصلاة في البيوت عند المطر والطين

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية