النداء يوم الجمعة أولُه إذا جلس الإمام على المنبر

حديث: النداء يوم الجمعة أولُه إذا جلس الإمام على المنبر

عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوَّلُه إذا جلس الإمام على المنبر، على عهد النبيِّ ﷺ، وأبي بكر، وعمر ﵄، فلمَّا كان عثمان رضي الله عنه، وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزّوراء.

صحيح: أخرجه البخاري في الجمعة (٩١٢) عن آدم، ثنا ابن أبي ذئبٍ، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوَّلُه إذا جلس الإمام على المنبر، على عهد النبيِّ ﷺ، وأبي بكر، وعمر ﵄، فلمَّا كان عثمان ﵁، وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزّوراء.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت، وفيه بيان لتطور أمر النداء ليوم الجمعة عبر عصور الخلفاء الراشدين.

أولاً. شرح المفردات:

● النداء: المقصود به الأذان.
● أولُه إذا جلس الإمام على المنبر: يعني أن الأذان الأول (أو الوحيد في ذلك الوقت) كان يؤذن به بمجرد جلوس الإمام على المنبر، مباشرة قبل بدء الخطبة.
● الزوراء: هو اسم لموضع أو دار كانت في المدينة المنورة، وقيل هي أعلى مكان في المدينة.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل السائب بن يزيد - رضي الله عنه - عن كيفية أذان الجمعة في عهد النبي ﷺ وعهد خليفتيه أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، فيقول:
1- في العهد النبوي وعهد الصديق والفاروق: كان النظام المعمول به هو أذانٌ واحد. فكان المؤذن يؤذن بمجرد أن يجلس الإمام (الرسول ﷺ أو الخليفة من بعده) على منبر الخطبة. فكان الأذان إيذاناً ببدء الجمعة والخطبة، فإذا انتهى الأذان بدأ الإمام خطبته.
2- في عهد عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: حدث تغيير بسبب تطور الظروف. فقد كثر الناس واتسعت رقعة المدينة المنورة، ولم يعد الأذان الواحد عند جلوس الإمام كافياً لإبلاغ الجميع بوقت الصلاة، حيث كان بعض الناس قد يشتغل في أسواقه أو في أطراف المدينة فلا يسمع الأذان فيتأخر عن الصلاة.
فاجتهد الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - وأمر بأن يُزاد أذان ثالث (ويقصد به أذانٌ إضافي، فيصبح المجموع اثنين: الأول للتنبيه، والثاني عند مجيء الإمام) يؤذن به قبل وقت الصلاة بزمن في مكان مرتفع وعالٍ في المدينة يسمى الزوراء، لينبه الناس بأن وقت الجمعة قد حان وليستعدوا ويتركوا أعمالهم ويتجهوا إلى المسجد.
فصار النظام: أذانٌ أول (الزيادة التي أحدثها عثمان) على الزوراء للتنبيه والإعلام، ثم عندما يجلس الإمام على المنبر يؤذن الأذان الثاني (وهو الأذان الوحيد الذي كان على عهد النبي ﷺ).

ثالثاً. الدروس المستفادة منه:

1- شرعية الاجتهاد في الأمور المصالحية: يبين لنا هذا الحديث أن الخلفاء الراشدين كانوا يجتهدون في أمور تنظيمية لم تكن على عهد النبي ﷺ إذا رأوا فيها مصلحة للأمة. وهذا الاجتهاد من عثمان - رضي الله عنه - كان لمصلحة ظاهرة، وهي إعلام الناس بوقت الصلاة بسبب توسع المدينة وكثرة سكانها، ولم ينكره أحد من الصحابة، فكان إجماعاً سكوتياً على مشروعيته.
2- مراعاة تغير الزمان والمكان: الشريعة الإسلامية مرنة وتأخذ بعين الاعتبار المستجدات والعوائق التي تطرأ على الناس. فما كان يكفي في زمن قد لا يكفي في زمن آخر، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.
3- حكمة وحنكة القيادة الراشدة: حيث إن عثمان - رضي الله عنه - لم يلغ النظام القديم، بل أضاف إليه ما يكمل نقصه ويناسب الحاجة الجديدة، مما يدل على الحكمة في التدرج في التغيير وعدم إلغاء ما كان يعمل به.
4- السنة ليست فقط ما فعله النبي ﷺ: بل تشمل أيضاً ما أقره أو سكت عنه مما فعله الخلفاء الراشدون، لقوله ﷺ: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ».

رابعاً. معلومات إضافية:

- الأذان الذي أضافه عثمان - رضي الله عنه - هو ما يعرف اليوم في معظم المساجد بـ "الأذان الأول" أو "أذان التنبيه" قبل صلاة الجمعة بنحو نصف ساعة أو أكثر.
- الأذان الذي كان على عهد النبي ﷺ هو الذي يؤذن بعد صعود الإمام المنبر مباشرة، وهو الذي يقابله في زماننا "الأذان الثاني" قبل بدء الخطبة مباشرة.
- هذا الاجتهاد من عثمان - رضي الله عنه - يدخل في باب "السنة الإضافية" أو "السياسة الشرعية" التي تراعي مصالح الناس.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

أخرجه البخاري في الجمعة (٩١٢) عن آدم، ثنا ابن أبي ذئبٍ، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، فذكره.
ورواه البخاري (٩١٦) من وجهٍ آخر عن الزهري، وزاد في آخره: «فثبت الأمر على ذلك».
وفي رواية لأبي داود (١٠٨٩): «لم يكن لرسول الله ﷺ إلَّا مؤذِّنٌ واحدٌ؛ بلالٌ».
قوله: «النداء الثالث». وفي رواية: «التأذين الثاني». وفي رواية أُخرى: «زاد الأذان الأول».
فمن قال: «الثالث». أراد به الأذان الذي زاده عثمان، والأذان الذي يكون عند جلوس الإمام على المنبر، ثمَّ الإقامة.
ومن قال: «التأذين الثاني». ليس مراده الثاني في الرتبةِ، وإنَّما المقصود منه الزيادة على الأول.
ومن قال: «الأذان الأول». أراد الأول في الرتبة.
وقوله: «ثبت الأمر على ذلك»: أي لم يُنِكر أحدٌ من الصّحابة على زيارته الأذان الأوَّل، واستمرَّ العمل عليه.
وقوله: «على الزوراء». الزوراء: اسم لدارٍ كانت في سوق المدينة، ورد بيان ذلك في رواية ابن ماجه (١١٣٥) وابن خزيمة (١٨٣٧)، حيث ورد فيهما: «زاد النداء الثالث على دار في السوق يقال لها: الزوراء».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 123 من أصل 138 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النداء يوم الجمعة أولُه إذا جلس الإمام على المنبر

📜 حديث: النداء يوم الجمعة أولُه إذا جلس الإمام على المنبر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: النداء يوم الجمعة أولُه إذا جلس الإمام على المنبر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: النداء يوم الجمعة أولُه إذا جلس الإمام على المنبر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: النداء يوم الجمعة أولُه إذا جلس الإمام على المنبر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية