اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى

حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى

عن عائشة أنها أخبرت أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول قبل أن يموتَ وهو مستند إلى صدرها، وأصْغَتْ إليه وهو يقول: «اللهم اغفر لي، وأرحمني، وألحِقْني بالرفيق الأعلى».

متفق عليه: رواه مالك في الجنائز (٤٦) عن هشام بن عروة، عن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، أن عائشة زوج النبي ﷺ أخْبرته، أنها سمعتْ فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا الحديث العظيم الذي رواه السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهو في الصحيحين (البخاري ومسلم)، يحمل في طياته معاني جليلة وعبراً عظيمة.

أولاً. شرح المفردات:

● مستند إلى صدرها: أي متكئاً ورأسه على صدرها رضي الله عنها.
● أصغَتْ إليه: أي مالت بأذنها إليه لتسمع ما يقول وهو يهمس بالدعاء.
● الرَّفيق الأعْلَى: هو أعلى درجة في الصحبة والرفقة، والمقصود به هنا الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون من عباد الله الصالحين، وفي أعلى درجاتهم النبيون.

ثانياً. شرح الحديث:

يصف هذا الحديث المشهد الأخير من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في لحظاته التي قَبْل الوفاة في بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وكان صلى الله عليه وسلم ضعيفاً من شدة المرض، فكان مستنداً إلى صدرها تكريماً لها وثقة بها.
وفي هذه اللحظات الأخيرة من حياته، وهو النبي المعصوم، والمغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، نراه يلتجئ إلى ربه ويدعوه بهذا الدعاء المتواضع الخاشع:
1- «اللهم اغفر لي»: طلب المغفرة من الله تعالى مع كمال عصمته، ليعلم الأمة أن العبد لا يزال في حاجة إلى مغفرة ربه، وأن يتضرع إليه حتى آخر لحظة في حياته.
2- «وارحمني»: طلب للرحمة في تلك الساعة العصيبة، ساعة الاحتضار، وما بعدها من عذاب القبر وأهوال القيامة. وهو سؤال للرحمة الخاصة في تلك اللحظات.
3- «وألحقني بالرَّفيق الأعْلَى»: هذا طلب للخاتمة الحسنة والمنزلة الرفيعة. والرفيق الأعلى هم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء والصالحون، وأعلى هؤلاء درجة هم إخوانه من الأنبياء والمرسلين في أعلى جنات النعيم. فهو يسأل الله أن يختم له بحسن الخاتمة، وأن يلحقه بأكرم رفقة وأعلاها منزلة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- التواضع لله تعالى: فالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الخلق، يخضع لربه ويسأله المغفرة والرحمة. وهذا درس لكل مسلم أن لا يغتر بعمله، وأن يلحّ في الدعاء والطلب من الله.
2- الاستعداد للموت ولقاء الله: النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف يستعد العبد للموت، فلا يكون آخر عهده بالدعاء والمناجاة والتضرع إلى الله.
3- سؤال الله حسن الخاتمة: من أعظم ما يرجوه المسلم أن يختم له بخير، وأن يلحقه بالصالحين. وهذا الدعاء «ألحقني بالرفيق الأعلى» من أجمع أدعية حسن الخاتمة.
4- فضل الدعاء في السَّر والعلن: كان النبي صلى الله عليه وسلم يهمس بالدعاء في سره، مما يدل على استحباب إخفاء الدعاء أحياناً، فهو أدعى للإخلاص وأقرب إلى الإجابة.
5- مكانة عائشة رضي الله عنها: فقد شرفها الله بأن كانت حاضرة في آخر لحظات حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون رأسه الشريف على صدرها، مما يدل على منزلتها العظيمة عنده وعند الله.
6- الأمل في رحمة الله ومغفرته: حتى في أشد اللحظات، يظل باب الدعاء والمغفرة مفتوحاً، مما يبعث الأمل في نفوس المسلمين ويشعرهم بقرب الله منهم ورحمته بهم.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الدعاء «اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى» من الأدعية الجامعة التي يُستحب للمسلم أن يدعو بها، خاصة في أوقات الضيق وعند الاحتضار.
- الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم مات على الفراش، ولم يمت في معركة، ليكمل الله به الدين ويتم به النعمة، وليكون موته عبرة للأمة في الاستعداد للقاء الله.
أسأل الله تعالى أن يتوفانا على الإيمان، وأن يلحقنا بالصالحين، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاه.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الجنائز (٤٦) عن هشام بن عروة، عن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، أن عائشة زوج النبي ﷺ أخْبرته، أنها سمعتْ فذكرته.
ورواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٤٤) عن قتيبة بن سعيد، عن مالك فذكره.
ورواه البخاري في المغازي (٤٤٤٠) وفي المرضى (٥٦٧٤) من طرق أخرى عن هشام بن عروة بإسناده مثله.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 155 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى

📜 حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية