حديث: المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في التراب
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب في كراهية تمني الموت
متفق عليه: رواه البخاري في المرضى (٥٦٧٢)، ومسلم في الذكر والدّعاء (٢٦٨١) كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم فذكره واللفظ للبخاريّ.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الفهم في الدين والعمل بالعلم. هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، يحمل في طياته دروساً عظيمة في الصبر والزهد والإيمان باليوم الآخر. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:
أولاً. شرح المفردات:
● خَبَّاب: هو خباب بن الأرت رضي الله عنه، أحد السابقين إلى الإسلام، عُذِّب في الله تعالى عذاباً شديداً.
● اكتوى سبع كيَّات: أي وضعَ النار على جسده في سبعة مواضع للعلاج، والكي كان وسيلة علاجية معروفة.
● لم تنقُصْهم الدنيا: أي لم يفوتهم خيرها ولم يحرمهم الله منها، بل ماتوا على الخير والفضل.
● ما لا نجد موضِعا إلا التراب: كناية عن المال الكثير الذي لم يعد له مكان يُخزن فيه إلا أن يدفن في التراب.
● يبنى حائطًا له: أي يبني جداراً لحماية بستانه أو مزرعته.
● يُؤجر في كل شيء يُنفِقُه: أي يثاب على كل ما ينفقه من مال في وجوه الخير.
● إلا في شيء يجعله في هذا التراب: أي إلا إذا أنفقه في بناءٍ زائد عن الحاجة، لا فائدة منه إلا إظهار الزينة والتباهي.
ثانياً. شرح الحديث:
يقع الحديث في موقفين:
الموقف الأول: يزور قيس بن أبي حازم وأصحابه خباب بن الأرت رضي الله عنه وهو مريض، وقد كَوَى جسده في سبعة مواضع لعلاج مرض ألمَّ به. فشكا خباب رضي الله عنه ما رأى من تغير حال الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كثرت الدنيا عليهم بعد فتح البلاد، فقال: إن السابقين من الصحابة ماتوا ولم يحرمهم الله من خير الدنيا، ولكننا نحن الذين أدركنا بعدهم قد كثرت عندنا الأموال حتى لم نجد مكاناً نضعها فيه إلا أن ندفنها في الأرض (كناية عن الكنوز والادخار الزائد). ثم بين خباب شدة ما يعانيه من المرض والألم حتى قال: لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو على أنفسنا بالموت، لدعوت به.
وفي هذا إشارة إلى:
1. الصبر على البلاء، فخباب رضي الله عنه كان من الذين عُذِّبوا في الله تعالى قديماً، وهو الآن يصبر على مرضه.
2. الزهد في الدنيا وذكر حال السابقين الذين لم تلههم الدنيا عن الآخرة.
3. الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم تمني الموت، حتى لو في أشد الألم.
الموقف الثاني: ثم زاره الصحابة مرة أخرى فوجده يبني حائطاً (جداراً) لبستانه، فقال لهم كلمات عظيمة: "إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب". أي أن المسلم يثاب على كل ما ينفقه من مال في الخير، كالصدقة والبناء النافع، إلا إذا أنفق المال في بناءٍ لا فائدة منه سوى الزينة والتفاخر، كالبناء الزائد عن الحاجة الذي لا طائل تحته سوى إظهار الثراء.
ثالثاً. الدروس المستفادة:
1- الصبر على البلاء: فخباب رضي الله عنه مثال للصابرين، وقد كان من المستضعفين الأوائل الذين عذبوا في سبيل الله.
2- الزهد في الدنيا: الحديث يذكر بحال السابقين الذين لم تفتنهم الدنيا، ويحذر من الغرور بالمال وكثرته.
3- النهي عن تمني الموت: وذلك لما رواه البخاري أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي".
4- الحكمة في الإنفاق: لا ينبغي للمسلم أن ينفق ماله في ما لا فائدة منه، أو في البناء الزائد والتباهي، لأن ذلك لا أجر فيه بل قد يكون إسرافاً.
5- الإيمان بالقدر: فخباب رضي الله عنه يذكر أن الأقدار تتغير، وأن الدنيا دار اختبار، فيُشكر الله على النعم ويُصبر على البلاء.
رابعاً. معلومات إضافية:
- خباب بن الأرت رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام، وكان عبداً لأم أنمار الخزاعية، وعُذب في الله تعالى عذاباً شديداً، حتى كانوا يضعون عليه الدرع الحديدية ثم يدعونه في الشمس.
- الحديث يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتواصون بالزهد والاستعداد للآخرة، حتى بعد أن فتح الله عليهم الدنيا.
- يستفاد من الحديث أن البناء النافع كالسكنى والمساجد والمدارس يؤجر عليه المسلم، أما البناء للتفاخر والزينة فلا أجر فيه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وفي لفظ عند الترمذي (٩٧٠) عن حارثة بن مُضَرِّب قال: دخلت على خَبَّاب، وقد اكتوى في بطْنِه فقال: ما أعلم أحدًا من أصحاب النبي لقي من البلاء ما لقيتُ، لقد كنتُ وما أجد درهمًا على عهد النبي ﷺ، وفي ناحيةٍ من بيتي أربعون ألفًا. ولولا أن رسول الله ﷺ نهانا أو نهى أن نتمنَّى
الموتَ لتمنَّيتُ.
رواه من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب به مثله.
قوله: «إلا في شيء يجعله في هذا التراب». يعني يتكلف في البناء ما لا يحتاج إليه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 165 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 140 المؤمن يموت بعرق الجبين
- 141 موت المؤمن بعرق الجبين
- 142 لا يجتمعان في قلب عبد إلا أعطاه الله ما يرجو
- 143 لا تبتئسي على حميمك فإن ذلك من حسناته
- 144 روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك
- 145 حب لقاء الله يوجب محبة الله للعبد
- 146 إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه
- 147 من كره لقاء الله كره الله لقاءه
- 148 المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله
- 149 وإن الفاجر إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من...
- 150 اللهم من آمن بك فحبب إليه لقاءك
- 151 الموت خير للمؤمن من الفتنة
- 152 الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر
- 153 النبي لا يموت حتى يخير بين الدنيا والآخرة
- 154 اللهم في الرفيق الأعلى
- 155 اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى
- 156 أذهب الباس رب الناس اشف وأنت الشافي
- 157 لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن ظنه بالله
- 158 أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء
- 159 أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني
- 160 اكثروا ذكر الموت هادم اللذات
- 161 مر النبي ﷺ بقوم من الأنصار يضحكون. فقال: أكثروا ذكر...
- 162 يُبعث الميت في ثيابه التي يموت فيها
- 163 أين صلاته بعد صلاته وصومه بعد صومه
- 164 اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت...
- 165 المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في التراب
- 166 لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضلٍ...
- 167 لا تمنوا الموت ولا تدعوا به من قبل أن يأتيكم
- 168 لا تمنوا الموت فإن هول المطلع شديد
- 169 إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت
- 170 موت الفجأة أخْذة أسف
- 171 اخرجي وإن كرهت
- 172 اللهم اغفر له، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه...
- 173 الإنسان إذا مات شخص بصره
- 174 خرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعًا
- 175 استغفروا لأخيكم النجاشي صاحب الحبشة
- 176 مات أخ لكم فقوموا فصلوا عليه
- 177 استشهاد زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة في غزوة مؤتة
- 178 بعث رسول الله جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة
- 179 عائدني رسول الله ﷺ عام حجة الوداع من وجع اشتد...
- 180 ادعو لي الحلاق فأمره فحلق رؤوسنا
- 181 ابن يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي
- 182 التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن
- 183 كانوا يرون الاجتماع الى اهل الميت واعداد الطعام من النياحة
- 184 إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا
- 185 صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح
- 186 ولد صالح يدعو له وصدقة تجري وعلم ينتفع به
- 187 أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات
- 188 أخذ علينا النبي عند البيعة أن لا ننوح
- 189 بايعنا رسول الله ونهانا عن النياحة
معلومات عن حديث: المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في التراب
📜 حديث: المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في التراب
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في التراب
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في التراب
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في التراب
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








