حديث: بعث رسول الله جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في النّعِيِّ

عن خالد بن شُمير قال: قَدِمَ علينا عبد الله بن رباح فوجدته قد اجتمعَ إليه ناسٌ من الناس، قال: حدَّثنا أبو قتادة فارسُ رسول الله ﷺ قال: بعثَ رسولُ الله ﷺ جيشَ الأُمراء وقال: «عليكم زيدُ بن حارثةَ، فإنْ أُصيبَ زيدٌ، فجَعْفَرٌ، فإنْ أُصِيبَ جعفرٌ، فعبد الله بن رواحةَ الأنصاريُّ» فوثبَ جعفرٌ، فقال: بأبي أنت يا نبيَّ الله وأُمِّي، ما كنتُ أَرهبُ أن تستعمل عليَّ زيدًا، قال: «امْضُوا فإِنَّكَ لا تَدْري أيُّ ذلك خَيْرٌ» قال: فانطلق الجيشُ فَلَبثُوا ما شاء الله، ثم إن رسول الله ﷺ صَعِدَ المِنبر وأَمَرَ أن يُنادَى: الصَّلاةُ جَامِعَة، فقال رسولُ الله ﷺ: «نابَ خبرٌ -أوْ ثابَ خبرٌ، شكَّ عبد الرحمن- ألا أُخْبِرُكم عن جَيْشِكُم هذا الغازي، إنَّهم انطلقُوا حتى لَقُوا العَدُوَّ، فأصيبَ زيدٌ شهيدًا، فاستغفِرُوا له» فاستغفر له الناسُ «ثم أخَذَ اللِّواءَ جعفرُ بنُ أبي طالب فَشَدَّ على القَوم حتَّى قُتِلَ شهيدًا، أَشْهَدُ له بالشَّهادَةِ، فاستغفِرُوا له، ثم أَخَذَ اللِّواءَ عبد الله بنُ رواحَةَ، فأَثبتَ قَدَمَيْهِ حتَّى أُصِيبَ شَهِيدًا، فاستغفروا له، ثم أَخَذَ اللِّواءَ خالدُ بنُ الوليدِ ولم يكُنْ مِن الأُمَرَاءِ، هو أَمَّرَ نَفْسَه» فرفع رسولُ الله ﷺ أُصبَعَيْه، وقال: «اللهمَّ هو سَيْفٌ مِن سُيوفِك فانصره»، وقال عبد الرحمن مرة: «فانتصر به» فيومئذ سُمي خالد سيف الله. ثم قال النبي ﷺ: «انفِرُوا فأمدُّوا إخوانكم ولا يتخَلَّفَنَّ أحد» فنفر الناس في حرٍّ شديدٍ مشاةً وركبانًا.

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٢٥٥١) عن عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا الأسود بن شيبان، عن خالد بن شُمير فذكره.

عن خالد بن شُمير قال: قَدِمَ علينا عبد الله بن رباح فوجدته قد اجتمعَ إليه ناسٌ من الناس، قال: حدَّثنا أبو قتادة فارسُ رسول الله ﷺ قال: بعثَ رسولُ الله ﷺ جيشَ الأُمراء وقال: «عليكم زيدُ بن حارثةَ، فإنْ أُصيبَ زيدٌ، فجَعْفَرٌ، فإنْ أُصِيبَ جعفرٌ، فعبد الله بن رواحةَ الأنصاريُّ» فوثبَ جعفرٌ، فقال: بأبي أنت يا نبيَّ الله وأُمِّي، ما كنتُ أَرهبُ أن تستعمل عليَّ زيدًا، قال: «امْضُوا فإِنَّكَ لا تَدْري أيُّ ذلك خَيْرٌ» قال: فانطلق الجيشُ فَلَبثُوا ما شاء الله، ثم إن رسول الله ﷺ صَعِدَ المِنبر وأَمَرَ أن يُنادَى: الصَّلاةُ جَامِعَة، فقال رسولُ الله ﷺ: «نابَ خبرٌ -أوْ ثابَ خبرٌ، شكَّ عبد الرحمن- ألا أُخْبِرُكم عن جَيْشِكُم هذا الغازي، إنَّهم انطلقُوا حتى لَقُوا العَدُوَّ، فأصيبَ زيدٌ شهيدًا، فاستغفِرُوا له» فاستغفر له الناسُ «ثم أخَذَ اللِّواءَ جعفرُ بنُ أبي طالب فَشَدَّ على القَوم حتَّى قُتِلَ شهيدًا، أَشْهَدُ له بالشَّهادَةِ، فاستغفِرُوا له، ثم أَخَذَ اللِّواءَ عبد الله بنُ رواحَةَ، فأَثبتَ قَدَمَيْهِ حتَّى أُصِيبَ شَهِيدًا، فاستغفروا له، ثم أَخَذَ اللِّواءَ خالدُ بنُ الوليدِ ولم يكُنْ مِن الأُمَرَاءِ، هو أَمَّرَ نَفْسَه» فرفع رسولُ الله ﷺ أُصبَعَيْه، وقال: «اللهمَّ هو سَيْفٌ مِن سُيوفِك فانصره»، وقال عبد الرحمن مرة: «فانتصر به» فيومئذ سُمي خالد سيف الله. ثم قال النبي ﷺ: «انفِرُوا فأمدُّوا إخوانكم ولا يتخَلَّفَنَّ أحد» فنفر الناس في حرٍّ شديدٍ مشاةً وركبانًا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا حديث عظيم يروي قصة غزوة مؤتة التي وقعت في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، وهي من الغزوات العظيمة في تاريخ الإسلام. وإليك الشرح الوافي للحديث:

1. شرح المفردات:


● بعث رسول الله ﷺ جيش الأمراء: أرسل رسول الله جيشًا وأمر عليه مجموعة من القادة.
● فإن أُصيب زيد: إذا قُتل أو استشهد زيد.
● فوثب جعفر: قام جعفر بن أبي طالب مسرعًا.
● ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدًا: لم أكن أخاف أو أتضايق من تقديم زيد عليّ في القيادة.
● صعد المنبر: ارتقى مكان الخطبة في المسجد.
● ناب خبر أو ثاب خبر: (بشك الراوي) أي جاء خبر أو وصل خبر.
● شد على القوم: هجم على العدو بشجاعة.
● أثبت قدميه: ثبت في مكانه ولم يفر.
● هو أمّر نفسه: عين نفسه قائدًا بعد استشهاد القادة.
● سيف من سيوفك: جندي شجاع من جنودك الذين يقاتلون في سبيلك.
● انفروا فأمدوا إخوانكم: اخرجوا بسرعة لنجدة إخوانكم المسلمين.

2. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل أبو قتادة رضي الله عنه عن قصة غزوة مؤتة، حيث أعد رسول الله ﷺ جيشًا للقاء الروم الذين كانوا في منطقة البلقاء (الأردن اليوم). وقد عين النبي ﷺ ثلاثة قادة بالتتابع:
- الأول: زيد بن حارثة مولى رسول الله ﷺ وكان يحبه كثيرًا.
- الثاني: جعفر بن أبي طالب ابن عم النبي ﷺ.
- الثالث: عبد الله بن رواحة الأنصاري.
وهذا الترتيب يدل على حكمة النبي ﷺ في القيادة وتقدير الكفاءات.
عندما سمع جعفر بن أبي طالب بتعيين زيد قبله، قام مسرعًا إلى النبي ﷺ معترفًا بفضله وقال: "ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدًا" أي أنه لا يمانع في ذلك ولا يشعر بأي حقد أو غيرة، وهذا من أدب الصحابة رضي الله عنهم. فرد عليه النبي ﷺ: "امضوا فإنك لا تدري أي ذلك خير" أي أن القيادة ليست بالضرورة أفضل من الشهادة، فربما تكون الشهادة في سبيل الله أفضل من القيادة.
ثم ينتقل الحديث لوصف مشهد مؤثر في المسجد النبوي، حيث صعد النبي ﷺ المنبر وأخبر الناس باستشهاد القادة الثلاثة واحدًا تلو الآخر، ودعا لهم بالمغفرة. ثم ذكر أن خالد بن الوليد - الذي لم يكن من القادة المعينين - أخذ الراية وقاتل حتى أنقذ الجيش، فدعا له النبي ﷺ بأن يكون سيفًا من سيوف الله، ومن هنا لُقب بـ "سيف الله المسلول".

3. الدروس المستفادة منه:


● الطاعة للقادة: تقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية، كما فعل جعفر رضي الله عنه.
● الشهادة في سبيل الله من أعلى المراتب: كما بين النبي ﷺ أن الشهادة قد تكون خيرًا من القيادة.
● الثبات في المعارك: كما فعل عبد الله بن رواحة حين أثبت قدميه حتى استشهد.
● الدعاء للشهداء: الاستغفار لهم والدعاء لهم كما فعل النبي ﷺ.
● الاجتهاد في الظروف الصعبة: كما فعل خالد بن الوليد عندما أمّر نفسه في ظل الظروف الحرجة.
● التضحية والفداء: خروج الصحابة لنجدة إخوانهم في حر شديد.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- كانت غزوة مؤتة ضد الروم وحلفائهم من العرب، وكان عدد جيش المسلمين 3000 مقاتل، بينما كان عدد جيش الأعداء مائتي ألف.
- استشهد في هذه الغزوة القادة الثلاثة: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة.
- قيل إن جعفر بن أبي طالب قطعت يداه في المعركة وهو يحمل الراية، فاحتضنها بعضديه حتى استشهد، فلقبه النبي ﷺ بـ "جعفر الطيار" لأنه أبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة.
- هذه الغزوة كانت تمهيدًا لفتح بلاد الشام فيما بعد.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٢٥٥١) عن عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا الأسود بن شيبان، عن خالد بن شُمير فذكره.
وإسناده حسن لأجل خالد بن شُمير، فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يَهِمْ.
وصحّحه ابن حبان (٧٠٤٨) من وجه آخر عن سليمان بن حرب، عن الأسود بن شيبان به مثله.
وأما ما رُوي عن حذيفة أنه قال: نهى رسول الله ﷺ عن النعي فهو ضعيف. رواه الترمذي (٩٨٦)،
وابن ماجه (١٤٧٦) كلاهما من طريق حبيب بن سُليم العبسي، عن بلال بن يحيى العبسي، عن حذيفة بن اليمان قال: إذا متُّ فلا تُؤذنوا لي، إني أخاف أن يكون نعْيًا، فإني سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن النعي.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (٢٣٢٧٠).
وفي رواية ابن ماجه: إني سمعت رسول الله ﷺ بأذُنيَّ هاتين ينهى عن النعي». قال الترمذي: «حسن صحيح».
قال الأعظمي: في تحسينه وتصحيحه نظر، فإن بلال بن يحيى العبسي لم يسمع من حذيفة كما قال ابن معين، وروايته عن حذيفة بلاغات. قال ابن أبي حاتم في: الجرح والتعديل (٢/ ٣٩٦): «والذي روي عن حذيفة -وجدته يقول- بلغني عن حذيفة».
وقال أبو الحسن القطان: «روي عن حذيفة أحاديث معنعنة، ليس في شيء منها ذكر سماع.
وحبيب بن سُليم العَبسي لم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال الحافظ: «مقبول» أي إذا توبع، وحيث لم يتابع فهو «ليّنُ الحديث».
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن مسعود برفعه إلى النبي ﷺ قال: «إياكم والنعيَ فإن النعي، من عمل الجاهلية».
قال عبد الله: «النعي أذان للميت».
رواه الترمذي (٩٨٤، ٩٨٥) من وجهين من طريق عنبسة وسفيان الثوري كلاهما عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رفعه في رواية عنبسة، ولم يرفعه في رواية الثوري.
قال الترمذي: «وهذا أصح من حديث عنبسة عن أبي حمزة. وأبو حمزة هو ميمون الأعور. وليس هو بالقوي عند أهل الحديث، وقال: حديث عبد الله حسن غريب». انتهى.
وفي قوله: «حسن» نظر، لأنه لم يرو إلَّا من طريق أبي حمزة. وقد اتفق جمهور أهل العلم على تضعيفه.
والمنع من نعي الجاهلية هو أن يُنادَي على المنائر والأسواق بأن فلانًا قد مات، فاحضروا جنازته، ويدفع الأجرة على هذا، وقد يمدح السائحُ الميتَ بما قد يعلم أنه ليس كذلك لأجل الأُجرة. فهذا محرم قطعًا، أما إعلام الأقارب والأصدقاء فلا بأس به، بل هو مشروع لحضور جنازته والدّعاء له بالمغفرة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 178 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بعث رسول الله جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة

  • 📜 حديث: بعث رسول الله جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بعث رسول الله جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بعث رسول الله جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بعث رسول الله جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب