حديث: اليوم أنساك كما نسيتني
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في كلام اللَّه تعالى بأنه يُسْمَعُ ويكون بحرف وصوت
حسن: رواه الترمذيّ (٢٤٢٨) عن عبد اللَّه بن محمد الزهريّ البصريّ، حدّثنا مالك بن سُعَير أبو محمد الكوفي التميميّ، حدّثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وأبي سعيد، فذكراه.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فيسرني أن أقدم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف، الذي يعد تحذيرًا عظيمًا من الغفلة عن الله وعن اليوم الآخر، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن أبي هريرة وأبي سعيد - رضي الله عنهما - قالا: قال رسول الله ﷺ: «يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقول الله له: ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا ومالًا وولدًا، وسخرت لك الأنعام والحرث، وتركتك ترأس وتَرْبع، فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟ فيقول: لا، فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني».
1. شرح المفردات:
● يؤتى بالعبد: يُحضر هذا الإنسان العصي لله تعالى للحساب.
● ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا: ألم أهب لك حاستي السمع والبصر لتدرك بهما آياتي وتنعم بهما.
● وسخرت لك الأنعام والحرث: الأنعام هي الإبل والبقر والغنم، والحرث هو الزروع والثمار. أي ذللها لك ومنحك الانتفاع بها.
● وتركتك ترأس وتَرْبع:
● ترأس: تكون رئيسًا ذا منزلة وسلطان بين الناس.
● تَرْبع: تعيش في راحة وسعة من العيش، من "الربع" وهو المكان الذي يقيم فيه الإنسان ويستريح.
● فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟: أي فهل كنت تعتقد وتتوقع أنك ستقف بين يدي للحساب على ما قدمت؟
● فيقول: لا: يجيب العاصي المنكر بإنكار ظنه بلقاء اليوم الآخر، اعترافًا بتفريطه.
● اليوم أنساك كما نسيتني: أي اليوم أتخلى عنك وأهملك لعذابي، جزاءً لك على إهمالك لي وتناسك أوامري ونواهيي في الدنيا.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يصور هذا الحديث مشهدًا من مشاهد يوم القيامة، حيث يُوقف العبد العاصي الذي أنعم الله عليه بنعم عظيمة، ثم قابَلَ تلك النعم بالكفران والغفلة عن شكر المنعم، وعن الاستعداد للقائه.
فيحاسبه الله تعالى ويذكره بتلك النعم الجليلة – من الحواس والصحة والمال والأولاد والخيرات المسخرة والمنصب والراحة – التي منحه إياها ليتعرف عليه ويشكره ويعبده، لا ليطغى وينسى ربه.
ولكن العبد لم يستخدم هذه النعم في طاعة مولاها، بل ظن أن هذه الدنيا هي دار الخلود، وأنه لن يحاسب على أفعاله. فحين يسأله الله تعالى عن ظنه بلقاء هذا اليوم، يعترف بذنبه وجرمه، فيحكم الله عليه بأن ينساه في ذلك الموقف العصيب، كما نسي العبدُ ربَّه في دار الدنيا.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- التذكير بنعم الله الجليلة: الحديث يعدد أنواع النعم التي ينعم بها الله على الإنسان (الصحة، المال، الأولاد، السلطة، الراحة)، وهي ليست للمباهاة، بل هي أمانة وابتلاء.
2- خطر الغفلة عن الله واليوم الآخر: أكبر جرم يرتكبه العبد هو أن يعيش وكأنه لن يموت أو يحاسب، فيتبع هواه ويغفل عن ذكر ربه.
3- أن الجزاء من جنس العمل: كما أن العبد نسي ربه في الدنيا بترك الطاعة وارتكاب المعاصي، فإن الله ينساه يوم القيامة بتخليته وعذابه. وهذا معنى قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67].
4- الحث على شكر النعم: يجب على المسلم أن يشكر الله على نعمه باستعمالها في طاعته ومرضاته، لا في معصيته.
5- التحذير من الطغيان بالمال والسلطة: النعم قد تكون سببًا للطغيان والغفلة إذا لم يستعملها العبد في الحق، كما قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ} [العلق: 6-7].
6- إثبات حقيقة الحساب والجزاء: الحديث يؤكد حقيقة وقوع الحساب والمناقشة بين الله والعبد، مما يوجب الاستعداد لهذا اليوم.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه ابن حبان في صحيحه، والطبراني، وهو حسن. وهو من الأحاديث التي ترهب القلوب وتزجر النفوس عن المعاصي.
- ينبغي للمسلم أن يتفكر دائمًا في هذه المشاهد حتى يزداد إيمانه ويستعد لمعاده، ولا يغتر بالدنيا ونعيمها الفاني.
- العلاج الناجع للغفلة هو: الإكثار من ذكر الله، وتذكر الموت، ومصاحبة الصالحين، وتدبر آيات القرآن وأحاديث النبي ﷺ التي تذكر بالآخرة.
نسأل الله تعالى أن يوقظنا من غفلتنا، ويذكرنا إذا نسينا، ويشغلنا بما خلقنا له، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال الترمذيّ: «هذا حديث صحيح غريب».
وصحّحه أيضًا ابن خزيمة، فأخرجه في كتاب التوحيد (٣٠٨) من هذا الطريق.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل الكلام في مالك بن شعير فإنه ضعّفه أبو داود ومشّاه الآخرون وهو حسن الحديث. وقال ابن حجر: «لا بأس به».
قال الترمذيّ: «ومعنى قوله: (اليوم أنساك كما نسيتني) أي اليوم أتركك في العذاب، وكذا فسّر بعضُ أهل العلم هذه الآية ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ﴾ [سورة الأعراف: ٥١] قالوا: معناه اليوم نترككم في العذاب».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 376 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 351 إذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفيء السراج
- 352 راعي الغنم يؤذن ويصلي في رأس الجبل فيغفر الله له
- 353 إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة
- 354 ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته
- 355 المؤمن يرى ذنوبه كجبل يخاف أن يقع عليه
- 356 الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره
- 357 الله أشد فرحا بتوبة عبده من الضال ببعيره
- 358 قأخطأ من شدّة الفرح فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربّك
- 359 الله أشد فرحًا بتوبة عبده من رجل وجد بعيره الضال
- 360 الله أشد فرحًا بتوبة عبده من الرجل براحلته
- 361 أعرض فأعرض الله عنه
- 362 يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردّهما صفرًا
- 363 يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع...
- 364 سبب تحريم الفواحش غيرة الله تعالى
- 365 وليس أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك...
- 366 إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم...
- 367 المؤمن يغار، والله أشد غيرًا
- 368 لا شيء أغير من الله
- 369 تعجبون من غيرة سعد واللَّه لأنا أغير منه
- 370 يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله
- 371 يا آدم: إن اللَّه يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا...
- 372 ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان
- 373 هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا...
- 374 من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة
- 375 إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة
- 376 اليوم أنساك كما نسيتني
- 377 يحشر الناس يوم القيامة عراة غرلا بهما
- 378 منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان
- 379 ليس بين العبد وربه حجاب ولا ترجمان
- 380 أي فل ألم أكرمك، وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل
- 381 ورجل أقام سلعته فقال: واللَّه لقد أعطيت بها كذا وكذا
- 382 ثلاثة لا يكلّمهم اللَّه يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب...
- 383 المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب
- 384 رؤيا الأنبياء وحي
- 385 كلّم الله أباك كفاحًا
- 386 لما نزلت الم غلبت الروم في أدنى الأرض
- 387 سؤال اليهود عن الروح
- 388 لا يعلم أحدٌ ما يكون في غد
- 389 من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب
- 390 سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم
- 391 إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه...
- 392 ابن آدم يشتمني ويكذبني وما ينبغي له ذلك
- 393 ابن آدم كذبني وشتمني ولم يكن له ذلك
- 394 قال المشركون: يا محمد انسُب لنا ربك
- 395 يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر
- 396 دعون له الولد، ثم يعافيهم، ويرزقهم
- 397 مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن
- 398 مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين
- 399 من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله...
- 400 ذاك جبريل كان يأتيه في صورة الرجل
معلومات عن حديث: اليوم أنساك كما نسيتني
📜 حديث: اليوم أنساك كما نسيتني
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اليوم أنساك كما نسيتني
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اليوم أنساك كما نسيتني
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اليوم أنساك كما نسيتني
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








