حديث: ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في إثبات العجب للَّه تعالى

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «عجب ربُّنا عز وجل من رجل غزا في سبيل اللَّه فانهزم، فعلم ما عليه فرجع حتى أهريق دمُه، فيقول اللَّه عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه». وفي رواية: «عجب ربنا من رجلين، رجل ثار على وطائه ولحافه من بين حبِّه وأهله إلى صلاته. فيقول اللَّه جلَّ وعلا لملائكته: انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حِبّه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل اللَّه». فذكر الحديث.

صحيح: رواه أبو داود (٢٥٣٦) عن موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا عطاء بن السائب، عن مرة الهمدانيّ، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكر مثله.

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «عجب ربُّنا ﷿ من رجل غزا في سبيل اللَّه فانهزم، فعلم ما عليه فرجع حتى أهريق دمُه، فيقول اللَّه ﷿ لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه». وفي رواية: «عجب ربنا من رجلين، رجل ثار على وطائه ولحافه من بين حبِّه وأهله إلى صلاته. فيقول اللَّه جلَّ وعلا لملائكته: انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حِبّه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل اللَّه». فذكر الحديث.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني، وهو يصور لنا جانباً من عظمة الله ورحمته بعباده، ويبين قيمة العودة إلى الله والتوبة مهما بلغت الذنوب.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● عَجِبَ رَبُّنَا: العجب هنا من صفات الله تعالى التي تليق بجلاله، ولا تشبه عجب المخلوقين، وهو إظهار شأن عظيم يستحق التعجب والثناء.
● غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ: خرج للقتال لتكون كلمة الله هي العليا.
● فَانْهَزَمَ: فر من أرض المعركة خوفاً من العدو، وهي جريمة كبرى.
● فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ: أي تذكر جرمه الكبير وعظم ذنبه في الهروب من الزحف.
● فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ: عاد إلى ساحة القتال واستمر يقاتل حتى قُتل.
● رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي: طمعاً في ثوابي وجنتي.
● وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي: خوفاً من عقابي وناري.
● ثَارَ عَلَى وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ: قام مسرعاً من فراشه وغطائه.
● مِنْ بَيْنِ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ: ترك فراشه الدافئ وزوجته التي يحبها.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يتعجب -تعجباً يليق بجلاله- من حال عبدين من عباده:
1- العبد الأول: هو المجاهد الذي فر من المعركة خوفاً من الموت، ثم تذكر عظم ذنبه وخطيئته، فعاد إلى القتال بنية صادقة طمعاً في ثواب الله وخوفاً من عقابه، فاستشهد في سبيل الله.
2- العبد الثاني: هو الرجل الذي يترك فراشه الدافئ وزوجته في جوف الليل البارد ليؤدي صلاة التهجد أو الفجر في جماعة، رغبة في ثواب الله وخوفاً من عقابه.
وفي هذا تعظيم لشأن هذين العملين: الجهاد والصلاة، وبيان أن الله يقبل التوبة من عباده مهما عظم ذنبهم، إذا صدقوا في الرجوع إليه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- سعة رحمة الله ومغفرته: فالله يتعجب من عبد عاد إليه بعد معصية كبرى (الهرب من الزحف)، وقبله بل وأثنى عليه. وهذا يدعو كل عاصٍ إلى ألا يقنط من رحمة الله.
2- قيمة النية الصادقة والعمل بعد الذنب: فليس المهم أن يقع الإنسان في الذنب، ولكن المهم ما يفعله بعد ذلك من التوبة والإنابة.
3- علو همة المؤمن: فالمؤمن الحقيقي لا تستوقفه الشهوات عن طاعة ربه، لا لذة الفراش الدافئ، ولا متعة البقاء مع الأهل، بل يقدم رضا الله على كل شيء.
4- مقارنة النفس بهذين الموقفين: فأين نحن من هذين الصنفين؟ هل نقدم رضا الله على راحتنا؟ هل إذا أخطأنا نسرع إلى التوبة والرجوع؟
5- بيان فضل الجهاد والصلاة: وأنهما من أعظم القربات إلى الله تعالى.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الهرب من الزحف من الكبائر، وقد توعد الله فاعله بالعذاب الأليم في قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 16]. ولكن هذا الحديث يبين أن التوبة الصادقة تمحو حتى هذه الكبيرة.
- الحديث يربط بين العمل الظاهر (القتال، الصلاة) والنية الباطنة (الرغبة والرهبة)، مما يؤكد على أهمية الإخلاص في كل عبادة.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٥٣٦) عن موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا عطاء بن السائب، عن مرة الهمدانيّ، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكر مثله.
ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (٢/ ١١٢)، وقال: «صحيح الإسناد»
والرواية الثانية رواها الإمام أحمد (٣٩٤٩)، وابن أبي عاصم في السنة (٥٦٩)، وصحّحه ابن حبان (٢٥٥٧، ٢٥٥٨).
كلّهم من طرق عن حماد بن سلمة بإسناده، مثله.
وإسناده صحيح عطاء بن السائب ثقة وثقه الأئمة إلا أنه اختلط في آخر عمره ولكن حماد بن سلمة سمع منه قبل اختلاطه.
وأمّا ما ذكره الدّارقطني في «العلل» (٥/ ٢٦٦ - ٢٦٧): رفعه حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، ووقفه خالد بن عبد اللَّه عن عطاء, فلا يضر هذا الوقفُ لأن حماد بن سلمة ممن سمع من عطاء بن السّائب قبل الاختلاط، فتكون روايته أرجح من رواية خالد بن عبد اللَّه. وقد تابع على
رفعه أبو إسحاق عن مرة، عن عبد اللَّه. رواه قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق كما قال الدارقطنيّ إلا أنه قال: تفرّد يحيى الحمّاني عن قيس».
قال الأعظمي: يحيى الحمّانيّ هو ابن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمّاني -بكسر المهملة، وتشديد الميم- قال فيه أبو داود: كان حافظًا، وضعفه النسائي، واتّهموه بسرقة الحديث وهو من رجال مسلم، فلعلّ هذا ممّا حفظه عن شيخه قيس بن الربيع وهذا يقوّي من رفع الحديث وإن كان الدارقطني يصحّح وقفه.
وفي الباب أحاديث لا تصح.
منها: ما رُوي عن عبد اللَّه بن عمر، أنه قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ اللَّه ليعجب من الصلاة في الجميع».
رواه الإمام أحمد (٥١١٢) عن يونس بن محمد، ثنا مرثد - يعني ابن عامر الهُنائيّ، حدّثني أبو عمرو النّدبي، حدّثني عبد اللَّه بن عمر، فذكره.
وفيه مرثد بن عامر الهنائيّ من رجال «التعجيل» روى عنه عددٌ، منهم: يونس بن محمد، ومسدّد، وقتية، وآخرون، وذكره ابنُ حبان في «الثقات» (٧/ ٥٠٠)، ولكن قال الإمام أحمد: «لا أعرفه» أي حاله.
وشيخه أبو عمرو النَّدبيّ -بفتح النون والدّال بعدها موحّدة- واسمه: بشر بن حرب الأزديّ، قال فيه الحافظ: «صدوق فيه لين».
والحق أنه ضعيف، فقد ضعّفه جمهور أهل العلم منهم: الإمام أحمد، وابن سعد، وابن عدي، وأبو داود، والعجلي، وابن حبان، والحاكم وغيرهم.
تنبيه: هذا الحديث روي عن عبد اللَّه بن عمر، ولكن بعض المخرجين جعلوه من حديث عمر بن الخطاب وهو خطأ فتنبّه لذلك.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 354 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته

  • 📜 حديث: ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب