سؤال اليهود عن الروح

حديث: سؤال اليهود عن الروح

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: بينا أنا أمشي مع النّبيّ ﷺ في خرب المدينة -وهو يتوكأ على عسيب معه- فمرّ بنفر من اليهود، فقال بعضُهم لبعض: سلوه عن الرّوح، وقال بعضهم: لا تسألوه لا يجيءُ فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لنسألنّه، فقام
رجلٌ منهم فقال: يا أبا القاسم، ما الرّوح؟ فسكت. فقلتّ: إنّه يوحى إليه، فقمتُ فلما انجلى عنه، فقال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا (أُوتُوا) مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [سورة الإسراء: ٨٥]. قال الأعمش: هكذا في قراءتنا
[ملاحظة: قراءة الأعمش أحد القراءات الأربع الشواذ غير المتواترة وهي غير معتمدة].

متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (١٢٥)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٧٩٤) كلاهما من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه، (هو ابن مسعود) فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا الحديث الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يروي لنا قصة نزول آية من آيات القرآن الكريم، وسأقوم بشرحه وفق النقاط المطلوبة:

1. شرح المفردات:

● خرب المدينة: الخرب (بفتح الخاء والراء) هي المواضيع الخربة أو البساتين والحدائق.
● يتوكأ على عسيب: العسيب هو جريدة النخل التي لا ورق عليها، أو غصن النخل. والتوكؤ هو الاعتماد عليه أثناء المشي.
● مرّ بنفر من اليهود: النفر هم الجماعة من الناس.
● فسكت: أي سكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجب على الفور.
● إنّه يوحى إليه: أي أن الوحي ينزل عليه.
● فلما انجلى عنه: أي عندما انتهى نزول الوحي وارتفعت حالته التي كان عليها.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يصف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مشهدًا وهو يمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بساتين المدينة، وكان النبي متكئًا على غصن نخل. فمرّ بهم مجموعة من اليهود، فتشاوروا بينهم في أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حقيقة الروح (أي النفس أو الجانب الغيبي في الإنسان)، وكان بعضهم يتحرج من السؤال خوفًا من أن يأتيهم بجواب لا يريدونه. إلا أنهم قرروا سؤاله، فسأله أحدهم: "يا أبا القاسم، ما الروح؟".
فلم يجب النبي صلى الله عليه وسلم على الفور، بل سكت، فأدرك ابن مسعود أن الوحي ينزل عليه. وبعد أن انتهى نزول الوحي، تلا النبي صلى الله عليه وسلم الآية الكريمة التي جاءت جوابًا على سؤالهم: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾.
*ملاحظة هامة:*
كلمة ﴿وَمَا أُوتُوا﴾ هي من قراءة الأعمش الشاذة ولم يعتمد البخاري هذه الرواية المتضمنة لقراءة الأعمش، وإنما حكى أن هذا ما يقوله الأعمش.
بل إن البخاري قد بوّب قبل إدراج الرواية بابا بعنوان: باب قول الله تعالى: ﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلا﴾.
فلو كانت هي القراءة المعتمدة عند البخاري لقال (باب وما أوتوا من العلم الا قليلا). لكنه بوّب الباب هكذا ﴿وما أوتيتم﴾.

3. الدروس المستفادة منه:

● عظمة القرآن الكريم: حيث إن جواب سؤال اليهود جاء بوحي من الله تعالى، مما يؤكد أن القرآن كلام الله وليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم.
● حكمة النبي صلى الله عليه وسلم: حيث لم يجب من تلقاء نفسه، بل انتظر الوحي، مما يدل على أنه لا يتكلم في الدين من هواه.
● تواضع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث كان يمشي متكئًا على عسيب، وهذا يدل على تواضعه وبساطته في معيشته.
● بيان حدود العلم البشري: فقد بينت الآية أن علم الإنسان محدود، وأن هناك أمورًا غيبية لا يعلمها إلا الله، ومنها حقيقة الروح.
● رد على أهل الكتاب: حيث إن اليهود كانوا يسألون أسئلة تعجيزية أو محيرة، فجاء الرد الإلهي بحكمة وبطريقة تظهر عجزهم عن الإحاطة بالعلم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- الآية التي نزلت (سورة الإسراء: 85) تُعدّ من الآيات المحكمات التي تدل على أن بعض الأمور الغيبية لا يمكن للبشر إدراك كنهها، بل هي من علم الله تعالى.
- قول الأعمش في آخر الحديث: "هكذا في قراءتنا" يشير إلى أن هذه كانت قراءته للآية، وهو ما يوافق القراءات المتواترة.
- يستفاد من الحديث أيضًا أن سؤال أهل الكتاب للنبي صلى الله عليه وسلم كان من باب الاختبار والتعنت، ولكن الله تعالى أجابهم بما يقطع حجتهم.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في العلم (١٢٥)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٧٩٤) كلاهما من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه، (هو ابن مسعود) فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 387 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سؤال اليهود عن الروح

📜 حديث: سؤال اليهود عن الروح

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: سؤال اليهود عن الروح

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: سؤال اليهود عن الروح

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: سؤال اليهود عن الروح

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية