حديث: قال المشركون: يا محمد انسُب لنا ربك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب نفي التشبيه عن اللَّه تعالى

عن أبي بن كعب قال: إنّ المشركين قالوا: يا محمد انسُب لنا ربَّك، فأنزل
اللَّه عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ قال: الصَّمد الذي لم يلد ولم يُولد، ولم يكن له كفوًا أحد؛ لأنه ليس شيءٌ يولد إِلَّا سيموت، وليس شيء يموت إِلَّا سيورث، وإنَّ اللَّه لا يموت ولا يورث ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ قال: لم يكن له شبيه ولا عدل، وليس كمثله شيء».

حسن: رواه الحاكم (٢/ ٥٤٠) من طرق عن الحسين بن الفضل، ثنا محمد بن سابق، ثنا أبو جعفر الرَّازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، فذكره.

عن أبي بن كعب قال: إنّ المشركين قالوا: يا محمد انسُب لنا ربَّك، فأنزل
اللَّه ﷿: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ قال: الصَّمد الذي لم يلد ولم يُولد، ولم يكن له كفوًا أحد؛ لأنه ليس شيءٌ يولد إِلَّا سيموت، وليس شيء يموت إِلَّا سيورث، وإنَّ اللَّه لا يموت ولا يورث ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ قال: لم يكن له شبيه ولا عدل، وليس كمثله شيء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نعلم وأن يعلمنا ما ينفعنا.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في معجمه الكبير، وفيه يروي الصحابي الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه قصة نزول سورة الإخلاص، وهي من أعظم سور القرآن.

أولاً. شرح المفردات:


● "انسب لنا ربك": أي صف لنا ربك ونسبه وجنسه، كما تنسبون آباءكم. سأل المشركون هذا السؤال استهزاءً وتكذيباً، حيث كانوا يعتقدون بالآلهة المتعددة التي لها نسب وتتزاوج وتتوالد.
● "الصمد": هو السيد الذي يصمد إليه في الحوائج، أي يقصد ويرجع إليه في المهمات، وهو الكامل في صفاته الذي لا عيب فيه.
● "لم يلد": لم يتخذ ولداً.
● "ولم يولد": ليس له أب أو أم، لم يخرج من شيء أو من أحد.
● "كفواً": مثيلاً أو نداً أو شبيهاً أو مساوياً.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الصحابي أُبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينسب لهم ربه، أي أن يصف له نسباً وجنساً كما تفعل العرب بآبائها، فأنزل الله تعالى سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) جواباً على سؤالهم.
فجاء الرد الإلهي بتقرير أعظم صفات الكمال والتنزيه لله تعالى:
1- "هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ": فهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
2- "اللَّهُ الصَّمَدُ": وهو السيد الكامل الذي يقصد في كل الحاجات، وهو الغني عن كل شيء، وكل شيء فقير إليه.
3- "لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ": تنزيه الله عن أن يكون له ولد أو والد، فهو لا يشبه المخلوقين الذين يتوالدون ويتكاثرون.
4- "وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ": فلا شبيه له ولا مثيل ولا ند، فهو تعالى متفرد في ذاته وصفاته.
ثم زاد الصحابي أُبي بن كعب رضي الله عنه شرحاً وتوضيحاً لهذه المعاني العظيمة، فقال:
- إن الله هو "الصمد" الذي لم يلد ولم يولد، وعلل ذلك بحكمة عظيمة: "لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت"، فكل مولود لا بد أن يذوق الموت، والله تعالى هو الحي الذي لا يموت.
● "وليس شيء يموت إلا سيورث"، فالميت يترك ميراثاً، والله تعالى هو الغني الذي لا يورث، بل هو الوارث الذي يبقى بعد فناء خلقه.
- ثم أكد على نفي المماثلة: "لم يكن له شبيه ولا عدل، وليس كمثله شيء"، وهي إشارة إلى قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11].

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عظمة سورة الإخلاص: فهي تعدل ثلث القرآن، كما في الصحيحين، لأنها أصل التوحيد الخالص لله تعالى.
2- الرد على المشككين والمستهزئين: بالحكمة والبيان، والرد عليهم بما يقطع حجتهم من القرآن الكريم.
3- تنزيه الله تعالى عن النقائص: كالولد والوالد والشريك والمثيل، فهو تعالى منزه عن كل ما لا يليق بجلاله.
4- بيان كمال الله تعالى: بذكر صفات الجلال والكمال، فهو الأحد الصمد، الغني عن العالمين.
5- قدرة الصحابة رضي الله عنهم على التفسير والبيان: فهم أعلم الناس بكتاب الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- سورة الإخلاص لها أسماء عديدة، منها: "سورة التوحيد"، و"سورة الأساس"، و"قل هو الله أحد".
- من فضائلها: أن من قرأها محتسباً كأنما قرأ ثلث القرآن، كما أنها سبب لمغفرة الذنوب ودخول الجنة.
- هذه السورة تقرر توحيد الأسماء والصفات، وتنفي عن الله تعالى كل أنواع النقص والشرك.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل التوحيد الخالص، وأن ينفعنا بما علمنا، ويغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحاكم (٢/ ٥٤٠) من طرق عن الحسين بن الفضل، ثنا محمد بن سابق، ثنا أبو جعفر الرَّازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، فذكره.
ومن هذا الطَّريق رواه أيضًا البيهقيّ في الأسماء والصفات (٥٠).
وإسناده حسن من أجل الكلام في أبي جعفر الرازيّ فقد تكلَّم فيه النسائيّ، وقال الإمام أحمد: ليس بقويّ، ووثقه ابن معين وأبو حاتم وابن سعد، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة.
والخلاصة فيه ما قاله ابن عدي.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
ومن طريقه رواه الترمذيّ (٣٣٦٤)، والإمام أحمد (٢١٢١٩)، وابن أبي عاصم في السنة (٦٦٢)، وابن خزيمة في التوحيد (٤٨)، وأبو الشيخ في «العظمة» (٨٨)، (٦٠٧)، ولكن في طريقهم جميعًا أبو سعد الصنعانيّ -واسمه محمد بن ميسَّر كما قال الترمذيّ- الراوي عن أبي جعفر الرَّازيّ.
وأهل العلم مطبقون على تضعيف أبي سعد الصنعانيّ، ولين فيه القول أبو داود فقال: «صدوق». ولكنه توبع في إسناد الحاكم.
وأظهر الترمذيّ علّة أخرى وهي الإرسال فرواه من وجه آخر عن عبيد اللَّه بن موسى، عن أبي جعفر، عن الرَّبيع، عن أبي العالية أنّ النبيّ ﷺ ذكر آلهتهم فقالوا: انْسُب لنا ربَّك. قال: فأتاه جبريل بهذه السورة فذكره نحوه، ولم يذكر فيه: عن أبي بن كعب.
قال الترمذيّ: «وهذا أصح من حديث أبي سعد، وأبو سعد اسمه محمد بن مُيسَّر» انتهى.
قال الأعظمي: تصحيح الترمذيّ للمرسل لا يمنع من تحسين المسند، وخاصة وأن له شواهد وإن كانت لا تخلو من مقال، كما سيأتي.
قوله: «الأحد» هو الذي لا شبيه له ولا نظير، كما أنّ الواحد هو الذي لا شريك له ولا عديل، ولهذا سمَّى اللَّه نفسه بهذا الاسم.
وفي الباب ما رُوي عن جابر بن عبد اللَّه: أنّ أعرابيًّا أتي النبيَّ ﷺ فقال: انسب اللَّه، فأنزل اللَّه ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾. . . إلى آخرها.
رواه أبو يعلى (٢٠٤٤)، والطبراني في الأوسط (٥٦٧٨)، وأبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٣٥)،
والبيهقي في الأسماء والصفات (٦٠٨) كلهم من طرق عن مجالد بن سعيد، عن الشعبيّ، عن جابر ابن عبد اللَّه، فذكر مثله.
وفيه مجالد بن سعيد الهمدانيّ ضعيف، وكان البخاريّ حسن الرَّأي فيه فقال: «صدوق». وحسَّنه السيوطيّ في «الدر المنثور» فلعلَّه لقول البخاريّ في مجالد بن سعيد أو لشواهده.
وفي الباب ما روي أيضًا عن أبي وائل مرسلًا، رواه أبو الشيخ في العظمة (٨٩)، وقد روي متصلًا بذكر ابن مسعود، والمرسل أصح.
وفي الباب عن ابن عباس: أنّ اليهود جاءت إلى النبيّ ﷺ منهم كعب بن الأشرف، وحُييّ بن أخطب، فقالوا: يا محمد: صفْ لنا ربَّك الذي بعثك. فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ﴾ فيخرج منه، ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ فيخرج من شيء، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ ولا شبه. فقال: هذه صفة ربّي عز وجل وتقدَّس علوًّا كبيرًا.
رواه البيهقيّ في الأسماء والصفات (٦٠٦) عن علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، نا مخلد بن أبي عاصم، نا محمد بن موسى -يعني الحرشي- نا عبد اللَّه بن عيسى، نا داود -يعني ابن أبي هند- عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره. وإسناده ضعيف.
عبد اللَّه بن عيسى - وهو ابن خالد الخزاز، وقد ينسب إلى جده «ضعف». والراوي عنه محمد ابن موسى -يعني الحرشي- «لين» كما في التقريب.
وفي لفظه نكارة أيضًا فإن اليهود لم يكونوا في مكة.
ومع هذا كلّه حسّنه الحافظ في «الفتح» (١٣/ ٣٥٦).
وفي الباب أيضًا، عن أنس قال: أنت يهود خيبر إلى النبيّ ﷺ فقالوا: يا أبا القاسم، خلق اللَّه عز وجل الملائكة من نور الحجاب، وآدم من حمأ مسنون، وإبليس من لهب النار، والسماء من دخان، والأرض من زبد الماء، فأخبرنا عن ربّك عز وجل؟ فلم يجبهم النبيّ ﷺ، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ليس له عروق فتشتعب إليه، ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ ليس بالأجوف لا يأكل ولا يشرب، ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ ليس له ولد ولا والد ينسب إليه، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ ليس من خلقه شيء يعدل به، يمسك السموات والأرض أن زالتا. هذه السورة ليس فيها ذكر جنة ولا نار، انتسب اللَّه عز وجل إليها؛ فهي له خالصة.
رواه أبو الشيخ في العظمة (٨٦) عن أبي سعيد الثقفيّ، عن سلمة بن شبيب، حدثنا يحيى بن عبد اللَّه الحرانيّ، عن ضرار، عن أبان، عن أنس، فذكره.
وفيه يحيى بن عبد اللَّه الحراني البابلتيّ، قال فيه ابن حبان في المجروحين (٢/ ٤٧٩): «كان كثير الخطأ لا يدفع عن السماع، ولكنه يأتي عن الثقات بأشياء معضلات ممن كان يهم فيها، حتى ذهب حلاوته عن القلوب لما شاب أحاديثه المناكير، فهو عندي فيما انفرد ساقط الاحتجاج، وفيما لم
يخالف الثقات معتبر به، وفيما وافق الثقات محتج به».
وفيه أيضًا أبان وهو ابن عياش البصريّ «متروك» كما في التقريب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 394 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قال المشركون: يا محمد انسُب لنا ربك

  • 📜 حديث: قال المشركون: يا محمد انسُب لنا ربك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قال المشركون: يا محمد انسُب لنا ربك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قال المشركون: يا محمد انسُب لنا ربك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قال المشركون: يا محمد انسُب لنا ربك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب