حديث: صوم داود صوم يوم وإفطار يوم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن صوم الدّهر
قَالَ: فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ.
قَالَ: وَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمْرٌ» قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ، فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةَ نَبِيِّ اللهِ ﷺ.
متفق عليه: رواه البخاري في الصوم (١٩٧٥)، ومسلم في الصيام (١١٥٩: ١٨٢) كلاهما من طريق يحيي بن أبي كثير، به.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث التي ترسم منهج الاعتدال والتوازن في العبادة، وهو من رواية الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وقد أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● تَصُومُ الدَّهْرَ: أي تصوم جميع أيام السنة دون إفطار.
● بِحَسْبِكَ: أي يكفيك ويكون كافياً لك.
● أُطِيقُ أَفْضَلَ: أي أقوى على أكثر من ذلك.
● شَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ: أي بالغت في التشديد على نفسي في العبادة، فكان ذلك سبباً في التشديد عليّ من الله تعالى.
● رُخْصَةَ نَبِيِّ اللهِ: الرخصة هنا المقصود بها التيسير وعدم التشديد.
ثانياً. شرح الحديث:
يبدأ الحديث بقصة يحيى بن أبي كثير وعبد الله بن يزيد عندما ذهبا إلى أبي سلمة، وجلسا في المسجد عند باب داره حتى خرج إليهما، وطلب منهما الدخول أو الجلوس حيث هما، فاختارا الجلوس في المسجد وطلبا منه الحديث، فحدثهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
يحكي عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يداوم على صيام الدهر كله، ويقرأ القرآن كاملاً كل ليلة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، إما بأن قيل له أو أرسل إليه، فلما جاءه قال له: "ألم أخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة؟" فأجاب عبد الله بنعمرو: نعم يا نبي الله، ولم أرد بذلك إلا الخير.
فنصحه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكفيه صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقال عبد الله: إني أطيق أفضل من ذلك، أي أقوى على أكثر من هذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن لزوجك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً". أي أن للإنسان التزامات تجاه أهله وضيوفه ونفسه، فلا ينبغي أن يشغله العبادة عن هذه الحقوق.
ثم أرشده النبي إلى صوم أفضل الصوم بعد الفريضة، وهو صوم نبي الله داود عليه السلام، الذي كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان أعبد الناس. فسأله عبد الله: وما صوم داود؟ فأجابه: كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
أما regarding تلاوة القرآن، فأمره النبي أن يقرأه في كل شهر، أي يختم القرآن مرة واحدة في الشهر، فطلب عبد الله الزيادة لأنه يطيق أكثر، فأمره أن يقرأه في كل عشرين يوماً، ثم في كل عشرة أيام، ثم في كل سبعة أيام (أي يختم القرآن مرة في الأسبوع)، ونهاه عن الزيادة على ذلك، reiterating أن لزوجك وحقوق الآخرين وجسدك عليك حقاً.
وفي النهاية، يعترف عبد الله بن عمرو أنه تشدد في العبادة فشُدد عليه، وقال له النبي: "إنك لا تدري لعلك يطول بك عمرٌ"، أي أن الاستمرار والمداومة على العبادة المعتدلة خير من المبالغة التي تؤدي إلى الملل أو الانقطاع. وعندما كبر في السن، تمنى أنه قبل الرخصة والتيسير الذي نصحه به النبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:
1- الاعتدال في العبادة: الإسلام دين التوازن، فلا إفراط ولا تفريط، فالمبالغة في العبادة قد تؤدي إلى الضرر بالنفس أو إهمال الحقوق الأخرى.
2- مراعاة حقوق الآخرين: للزوجة والأهل والضيوف حقوق يجب أداؤها، ولا يجوز للعابد أن ينشغل عنها حتى لو كان في عبادة.
3- الحفاظ على الصحة: الجسد له حق، فلا يجوز إتعابه بالمبالغة في العبادة، بل يجب الاعتدال لحفظ القوة والنشاط.
4- الأفضل في الصيام: صوم يوم وإفطار يوم (صوم داود) هو أفضل صيام التطوع، لأنه يجمع بين العبادة وراحة البدن.
5- التدرج في العبادة: عندما نصحه النبي بالقراءة في شهر، ثم في عشرين، ثم في عشرة، ثم في سبعة، يدل على أهمية التدرج وعدم المبالغة.
6- الندم على عدم قبول التيسير: عبد الله بن عمندما كبر ندم على تشدده، وهذا درس بأن نأخذ بالرخصة والتيسير الذي يأمر به الشرع.
7- استمرارية العبادة: العبادة المستمرة المعتدلة خير من العبادة المفرطة التي تنقطع بعد مدة.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث يدل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توجيه أصحابه إلى ما هو أفضل لهم في دينهم ودنياهم.
- صوم ثلاثة أيام من كل شهر (أي الأيام البيض: 13، 14، 15) هو سنة مؤكدة، وصوم يوم وإفطار يوم هو صوم داود الذي ورد في الحديث أنه أفضل الصيام.
- ختم القرآن في سبعة أيام هو المعدل الذي نصح به النبي، وقد ورد في حديث آخر: "اقرأ القرآن في سبع ولا تزد على ذلك" (متفق عليه).
- التشديد على النفس في العبادة قد يؤدي إلى الملل أو السآمة، فينقطع العبد عن الطاعة، لذا كان النبي يحب ما داوم عليه صاحبه وإن قل.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المعتدلين في عبادتهم، المتوازنين في حياتهم، المقبلين على طاعته بما يرضيه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه البخاري أيضًا (١٩٧٦)، ومسلم (١١٥٩: ١٨١) كلاهما من طريق الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، نحوه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 227 من أصل 428 حديثاً له شرح
- 202 صوموا يوم عاشوراء نحن أحق بصومه
- 203 صوم يوم عاشوراء والتاسع معه
- 204 من وسّع على عياله يوم عاشوراء وسّع الله عليه في...
- 205 يومان نهى رسول الله عن صيامهما
- 206 لا يصلح الصيام في يوم الأضحى ويوم الفطر من رمضان
- 207 نهى رسول الله عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحي
- 208 أمر الله بوفاء النذر ونهى رسول الله عن صوم يوم...
- 209 نهى رسول الله ﷺ عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى
- 210 أيام أكل وشرب: عيدنا أهل الإسلام
- 211 شرب النبي ﷺ اللبن وهو واقف على بعيره بعرفة
- 212 شكوا في صيام النبي ﷺ يوم عرفة، فأرسلت إليه بحلاب...
- 213 لا تصم يوم عرفة فإن النبي شرب حلاباً
- 214 أفطر رسول الله ﷺ بعرفة
- 215 يشرب من شن يوم عرفة
- 216 ابن عمر عن صوم يوم عرفة بعرفة
- 217 أيام التشريق أيام أكل وشرب.
- 218 لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب
- 219 أيام نهى النبي ﷺ عن صيامها وأمر بإفطارها
- 220 أيام أكل وشرب وذكر
- 221 لا تصومن فإنها أيام أكل وشرب
- 222 إنّه لا يدخل الجنة إلّا مؤمن
- 223 عن عبد الله بن عمر: نهى رسول الله ﷺ عن...
- 224 أيام التشريق أيام طعم وذكر
- 225 أيام التشريق أيام طعم، وذكر الله
- 226 لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم...
- 227 صوم داود صوم يوم وإفطار يوم
- 228 صم وأفطر وقم ونم فإن لعينك عليك حظًا
- 229 صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا
- 230 سئل عن صوم الاثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه ويوم...
- 231 لا صام ولا أفطر
- 232 من لا يفطر نهارًا ولا يصوم ليلًا: لا صام ولا...
- 233 من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا
- 234 إنّي لستُ كهيئتكم إني أُطعم وأُسقي
- 235 إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني
- 236 نهي رسول الله عن الوصال في الصوم
- 237 إني بطعمني ربي ويسقين
- 238 لو مدّ بي الشهر لواصلت وصالًا
- 239 لا تواصلوا فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر
- 240 لا وصال في الصوم
- 241 إنّي أواصل إلى السَّحر، وربّي يطعمني ويسقيني
- 242 صوموا كما أمركم الله وأتموا الصيام إلى الليل
- 243 نهى رسول الله ﷺ عن صيام يوم الجمعة
- 244 لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوما قبله أو...
- 245 لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي
- 246 نهي النبي ﷺ عن صيام يوم الجمعة
- 247 أمر النبي جويرية بالإفطار يوم الجمعة
- 248 أفطري إذًا
- 249 لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها
- 250 لا تختص ليلة الجمعة بقيام دون الليالي
- 251 لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصلوه بأيام
معلومات عن حديث: صوم داود صوم يوم وإفطار يوم
📜 حديث: صوم داود صوم يوم وإفطار يوم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صوم داود صوم يوم وإفطار يوم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صوم داود صوم يوم وإفطار يوم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صوم داود صوم يوم وإفطار يوم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








