حديث: من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن صوم الدّهر
حسن: رواه أبو تميمة عن أبي موسى.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني، فيه وعيد شديد لمن يصوم الدهر كله، أي جميع الأيام دون استثناء.
شرح الحديث:
1. شرح المفردات:
● "من صام الدَّهر": أي من صام جميع أيام السنة دون أن يفطر فيها يوماً.
● "ضُيِّقتْ عليه جهنّم هكذا": أي أن جهنم تُضيق عليه وتطبق عليه عقاباً له.
● "وعقد تسعين": أي أشار النبي ﷺ بإصبعه فجمعها وعقد عليها تسعين، ليدل على شدة التضييق والعذاب.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث تحذيرٌ من المبالغة في العبادة حتى تخرج عن الحد المشروع، فصيام الدهر كله منهي عنه؛ لأنه يُضعف البدن، ويُفوت حق الزوجة والأهل، وقد يجر إلى الملل والترك.
وقد بيّن النبي ﷺ أن من يفعل ذلك فإن جهنم تُضيق عليه وتطبق عليه، وعقد تسعين ليدل على شدة العذاب والتضييق.
3. الدروس المستفادة منه:
- النهي عن صيام الدهر كله؛ لأنه إضرار بالنفس وخروج عن السنة.
- التحذير من الغلو في الدين، فإن الإسلام دين التوازن والاعتدال.
- بيان أن العبادة لا بد أن تكون وفق ما شرع الله ورسوله ﷺ.
- التأكيد على أهمية الفطر في الأعياد وأيام التشريق؛ لأنها أيام أكل وشرب.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- يستثنى من النهي من كان له عادة في الصيام ولا يضره، كبعض كبار السن، لكن الأولى ترك صيام الدهر احتياطاً.
- من صام الدهر لا يُكفر عنه صيام الدهر كله، بل يعذب به؛ لأنه خالف السنة.
- جاء في رواية أخرى: «لا صام من صام الأبد» أي لا أجر له بل يعذب.
فالواجب على المسلم أن يتعبد الله وفق ما شرع، ولا يزيد ولا ينقص، فخير الهدي هدي محمد ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
رواه أبو داود الطيالسي (٥١٥) ومن طريقه البيهقي (٤/ ٣٠٠)، وابن حبان (٣٥٨٤)، وأحمد (١٩٧١٣)، والبزار -كشف الأستار (١٠٤١) - كلّهم من هذا الوجه.
وفي لفظ: «وقبض كفَّه».
والضّحاك بن يسار مختلف فيه، فقال ابن معين: يضعفه البصريون، وقال أبو حاتم: لا بأس به.
وخالفه قتادة، ولكن اختلف عليه أيضًا.
فرواه سعيد بن أبي عروبة عنه، عن أبي تميمة مرفوعًا.
ومن طريقه رواه النسائي كما في «التحفة» (١/ ٤٢٢) ولم أجده في «الكبرى»، والبزار - كشف الأستار (١٠٤٠) -، وابن خزيمة (٢١٤٥، ٢١٥٥) كلهم من طريق محمد بن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة، به.
قال ابن خزيمة: لم يُسند هذا الخبر عن قتادة غير ابن أبي عدي، عن سعيد.
وهي متابعة قويّة للضحاك بن يسار، فإنّ سعيد بن أبي عروبة ثقة حافظ كما قال الحافظ في «التقريب»: «وكان من أثبت الناس في قتادة».
ولا يضر تفرد محمد بن علي عن سعيد فإنه ثقة من رجال الجماعة.
ورواه شعبة عن قتادة موقوفًا على أبي موسي.
ومن طريقه رواه أبو داود الطيالسي (٥١٥)، وعنه البيهقي (٤/ ٣٠٠)، والإمام أحمد (١٩٧١٢) من وجهين عن وكيع، عن الضحاك كما مضى. وعن شعبة موقوفًا.
قال أبو داود: «لم برفعه شعبة ورفعه سعيد».
ولم يعتمد ابن خزيمة ولا ابن حبان على هذه الرواية كما أنّ البيهقي قدّم رواية الضحاك بن يسار على رواية شعبة عن قتادة. فمن الممكن أن يكون قتادة قد رواه على وجهين، فإنّ همام بن يحيى روى عن قتادة موقوفًا.
وروي عن أبان بن أبي عياش، عن أبي تميمة مرفوعًا. قال همام: فقلت له: فإنّ قتادة لم يرفعه؟ فقال: أبان أخبرني في بيتي مرفوعًا. رواه عبد بن حميد (٥٦٣، ٥٦٤).
ولكن أبان بن أبي عياش متروك الحديث كما قال الإمام أحمد.
ولكن الذين ذهبوا إلى ترجيح الوقف قالوا: حكمه الرفع لأن فيه إخبارًا عن الغيبيات. فرجع الأمر إلى ترجيح المرفوع، وإن كان الوقف أقوى سندًا، ولكن الرفع فيه زيادة علم، كما أن مثله لا يقال بالرّأي.
وأما معنى الحديث فنقل ابن خزيمة عن المزني معني غريبًا مخالفًا لما يدل عليه الحديث من كراهية صوم الدّهر، فقال: الله أن يكون معناه: أي ضيقت عنه جهنم فلا يدخل جهنم، ولا يشبه أن يكون معناه غير هذا؛ لأنّ من ازداد الله عملًا وطاعة ازداد عند الله رفعة، وعليه كرامة وإليه قربة».
وقد ردّه ابن حزم بقوله: «وهذه لكنة وكذب. أما اللكنة، فإنه لو أراد هذا لقال: «ضيقت عنه»، ولم يقل: «عليه».
وأما الكذب، فإنما أورده رواته كلّهم على التشديد والنهي عن صومه».
والمعنى الصحيح أنّ جهنّم تضيّق عليه، كما قال الحافظ في: الفتح (٤/ ٢٢٢): «حصرًا له فيها لتشديده على نفسه، وحمله عليها، ورغبته عن سنة نبيه ﷺ، واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد، فيكون حرامًا».
وفي الباب ما رُوي عن أسماء بنت يزيد، قالت: أُتي النبيّ ﷺ بشراب، فدار على القوم، وفيهم رجل صائم، فلما بلغه قال له: «اشرب، فقيل: يا رسول الله، إنه ليس يُفطر - أو يصوم الدّهر-، فقال يعني رسول الله ﷺ: «لا صام من صام الأبد».
رواه الإمام أحمد (٢٧٥٧٦)، والطبراني في «الكبير» (٢٤/ ١٧٩) كلاهما من حديث حسن بن موسي، قال: حدّثنا شيبان، عن ليث، عن شهر، عن أسماء بنت يزيد، فذكرته.
وليث هو ابن أبي سليم سيء الحفظ، اختلط في آخره فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم.
ولعل هذا منها فإنّ أحدًا من الثقات لم يرو هذا الحديث عن أسماء بنت يزيد، وهي أنصارية أوسية، شهدت اليرموك، وقتلت يومئذ تسعة من الروم، وعاشت بعد ذلك دهرًا.
وترجمها ابن عبد البر في «الاستيعاب»: «أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، أحد نساء بني عبد الأشهل، وهي من المبايعات وهي ابنة عمة معاذ بن جبل، نكني أم سلمة، وقيل: أمّ عامر، كانت من ذوات العقل والذين». وشهر هو ابن حوشب، وفيه كلام معروف.
وقوله: «لا صام ولا أفطر» أي لم يصم ولم يفطر، كقوله تعالى: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: ٣١] أي لم يصدق ولم يصل، أي لم يحصل له أجر الصوم لمخالفة هدي النبيّ ﷺ، ولم يفطر أي
لم يتمتع بالإفطار لإمساكه عن الطعام والشراب. وقد يحتمل أن يكون معناه: الدعاء عليه كراهية لصنيعه، وزجرًا له عن ذلك، ويشبه أن يكون الذي نهى عنه من صوم الدهر هو أن يسرد الصيام أيام السنة كلّها، لا يفطر فيها الأيام المنهي عن صيامها. قاله الخطابيّ.
ولكن الذي يتبادر إلى الذهن أن السائل سال عن صيام الدّهر غير الصيام المنهي عنه، فكان الجواب من النبيّ ﷺ: «لا صام ولا أفطر«أي ليس لعمله هذا ثواب بخلاف صيام المنهي عنه فإن عليه العقاب.
ثم تفضيل النبيّ ﷺ صيام داود عليه السلام وهو صيام يوم وإفطار يوم دليل واضح على كراهية سرد الصيام طول الدهر، فلا يمح من ذهب إلى أن من أفطر أيام المنهي عنها من الصيام، ثم صام بقية الأيام طول الدهر فلا حرج فيه.
بل نقول: لا يزال في حرج للنهي العام عن صيام الدّهر.
وقد ذهب الإمام أحمد في رواية عنه، وإسحاق، وأهل الحديث، وأهل الظاهر إلى كراهية صوم الدّهر متمسكين بظاهر هذه الأحاديث.
وقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح -كما قال الحافظ في الفتح (٤/ ٢٢٢) - عن عمرو الشيباني، قال: بلغ عمر أن رجلا يصوم الدهر، فأتاه فعلاه بالدّرة، وجعل يقول: «كلْ يا دهريّ».
ومن طريق أبي إسحاق أن عبد الرحمن بن أبي نعيم كان يصوم الدهر، فقال عمرو بن ميمون: لو رأى هذا أصحابُ محمد ﷺ لرجموه».
وفي الباب ما رُوي عن عبيد الله بن مسلم القرشيّ، عن أبيه، قال: سألت. أو سُئل -النبيّ ﷺ عن صيام الدّهر؟ فقال: «إنّ لأهلك عليك حقًّا، صمْ رمضان والذي يليه، وكلّ أربعاء وخميس، فإذا أنت قد صمت الدّهر».
رواه أبو داود (٢٤٣٢)، والترمذيّ (٧٤٨) كلاهما من حديث عبيد الله بن موسى، أخبرنا هارون ابن سلمان، عن عبد الله بن مسلم، عن أبيه، قال: فذكر الحديث.
قال الترمذي: «حديث مسلم القرشي حديث غريب، وروى بعضهم عن هارون بن سلمان، عن مسلم بن عبيد الله، عن أبيه».
وعبيد الله بن مسلم القرشي أو مسلم بن عبيد الله القرشي. قال الحافظ: وهو الأشهر، كذا في التقريب. وكذلك رجع البغوي وغير واحد أنه مسلم بن عبيد الله كذا في «التهذيب». وذكره ابن حبان في «الثقات» ولم يرو عنه غير هارون بن سلمان فهو في عداد المجهولين.
وفي «الإصابة»: «مسلم بن عبيد الله القرشي، وقيل: عبيد الله بن مسلم، وقيل: إنه مسلم بن مسلم حديثه في صيام الدهر يدور على هارون بن سلمان الفراء».
قوله: «والذي يليه» يدخل فيه شوال كله، أو لعله يقصد به ستًا من شوال كما جاء في الأحاديث
الأخرى. ففي الصورة الأولى يزيد على الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها.
وفي الصورة الثانية يكون الدهر، ولكن إذا ضم إليه صوم الأربعاء والخميس يزيد الدهر أيضًا، فلا يستقيم معنى الحديث في الصورتين.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 233 من أصل 428 حديثاً له شرح
- 208 أمر الله بوفاء النذر ونهى رسول الله عن صوم يوم...
- 209 نهى رسول الله ﷺ عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى
- 210 أيام أكل وشرب: عيدنا أهل الإسلام
- 211 شرب النبي ﷺ اللبن وهو واقف على بعيره بعرفة
- 212 شكوا في صيام النبي ﷺ يوم عرفة، فأرسلت إليه بحلاب...
- 213 لا تصم يوم عرفة فإن النبي شرب حلاباً
- 214 أفطر رسول الله ﷺ بعرفة
- 215 يشرب من شن يوم عرفة
- 216 ابن عمر عن صوم يوم عرفة بعرفة
- 217 أيام التشريق أيام أكل وشرب.
- 218 لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب
- 219 أيام نهى النبي ﷺ عن صيامها وأمر بإفطارها
- 220 أيام أكل وشرب وذكر
- 221 لا تصومن فإنها أيام أكل وشرب
- 222 إنّه لا يدخل الجنة إلّا مؤمن
- 223 عن عبد الله بن عمر: نهى رسول الله ﷺ عن...
- 224 أيام التشريق أيام طعم وذكر
- 225 أيام التشريق أيام طعم، وذكر الله
- 226 لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم...
- 227 صوم داود صوم يوم وإفطار يوم
- 228 صم وأفطر وقم ونم فإن لعينك عليك حظًا
- 229 صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا
- 230 سئل عن صوم الاثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه ويوم...
- 231 لا صام ولا أفطر
- 232 من لا يفطر نهارًا ولا يصوم ليلًا: لا صام ولا...
- 233 من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا
- 234 إنّي لستُ كهيئتكم إني أُطعم وأُسقي
- 235 إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني
- 236 نهي رسول الله عن الوصال في الصوم
- 237 إني بطعمني ربي ويسقين
- 238 لو مدّ بي الشهر لواصلت وصالًا
- 239 لا تواصلوا فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر
- 240 لا وصال في الصوم
- 241 إنّي أواصل إلى السَّحر، وربّي يطعمني ويسقيني
- 242 صوموا كما أمركم الله وأتموا الصيام إلى الليل
- 243 نهى رسول الله ﷺ عن صيام يوم الجمعة
- 244 لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوما قبله أو...
- 245 لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي
- 246 نهي النبي ﷺ عن صيام يوم الجمعة
- 247 أمر النبي جويرية بالإفطار يوم الجمعة
- 248 أفطري إذًا
- 249 لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها
- 250 لا تختص ليلة الجمعة بقيام دون الليالي
- 251 لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصلوه بأيام
- 252 لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم
- 253 أفطري إذا لم تصمّي أمس ولا تريدين صوم غدًا
- 254 صيام السبت والأحد مخالفةً للمشركين
- 255 لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه
- 256 لا تصوم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه
- 257 امرأة تشتكي زوجها يضربها إذا صلت
معلومات عن حديث: من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا
📜 حديث: من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








