حديث: أيام نهى النبي ﷺ عن صيامها وأمر بإفطارها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النّهي عن الصّيام في أيام التّشريق

عن أبي مرّة مولى أمّ هانئ أنّه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص، فقرَّب إليهما طعامًا، فقال: كلْ، فقال: إنّي صائم. فقال عمرو: كُلْ فهذه الأيام التي كان رسول الله ﷺ يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها.

صحيح: رواه أبو داود (٢٤١٨) عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يزيد بن الهاد، عن أبي مرة مولى أم هانئ، فذكره.

عن أبي مرّة مولى أمّ هانئ أنّه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص، فقرَّب إليهما طعامًا، فقال: كلْ، فقال: إنّي صائم. فقال عمرو: كُلْ فهذه الأيام التي كان رسول الله ﷺ يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه أبو داود في سننه وغيره، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن أبي مرة مولى أم هانئ أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص، فقرَّب إليهما طعامًا، فقال: كلْ، فقال: إنّي صائم. فقال عمرو: كُلْ فهذه الأيام التي كان رسول الله ﷺ يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها.

1. شرح المفردات:


● أبو مرة مولى أم هانئ: مولى يعني تابعه أو معتقه، وأم هانئ هي أخت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
● قرَّب إليهما طعامًا: قدم لهما الطعام.
● إنّي صائم: أي أنا في حالة صيام.
● الأيام التي كان رسول الله ﷺ يأمرنا بإفطارها: يقصد أيامًا معينة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامها وأمر بالإفطار فيها.

2. شرح الحديث:


يدور هذا الحديث حول موقف عملي بين الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه وابنه عبد الله بن عمرو، حيث يقدم الأب الطعام لابنه فيأبى الابن الأكل بحجة أنه صائم، فيرد عليه الأب بأن هذه الأيام التي يرغب في صيامها هي في الحقيقة أيام نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامها، بل وأمر بالإفطار فيها.
المقصود بهذه الأيام:
اتفق جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة على أن الأيام التي يشير إليها عمرو بن العاص هي:
● أيام التشريق: وهي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر (أي 11، 12، 13 من ذي الحجة).
● يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى: فقد ورد النهي الصريح عن صيام هذين اليومين.
الدليل من السنة:
هناك أحاديث صحيحة كثيرة تؤكد هذا النهي، منها:
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
- وعن نبيشة الهذلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ» (رواه مسلم).
الحكمة من النهي:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام هذه الأيام لأنها أيام فرح وسرور للمسلمين، يجتمعون فيها على الطعام والشراب بعد أداء مناسك الحج أو بعد انتهاء شهر رمضان، فالصيام فيها ينافي هذا المعنى.

3. الدروس المستفادة منه:


1- وجوب الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه: فعمرو بن العاص رضي الله عنه يذكر ابنه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وينهيه عن مخالفتها.
2- بر الوالدين وطاعتهما في المعروف: حيث نجد عبد الله بن عمرو يستمع لنصيحة أبيه وينقاد لها امتثالاً لأمر الله ببر الوالدين.
3- التعليم العملي: لم يكتفِ عمرو بن العاص بالنهي فقط، بل قدّم شرحًا وسببًا لنهيه، مما يجعل الأمر أوضح وأكثر تأثيرًا.
4- الحذر من مخالفة السنة: حتى في العبادات، فلا يجوز للمسلم أن يبتدع عبادة لم يشرعها الله، أو أن يؤديها في وقت نهى الشرع عنها.

4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم صيام هذه الأيام: صيام هذه الأيام محرم عند جمهور العلماء، ومن صامها فقد ارتكب معصية، وصيامه باطل ولا يُقبل منه.
● استثناء للحاج: يُستثنى من النهي عن صيام أيام التشريق من لم يجد الهدي في الحج، وذلك لمن كان متمتعًا أو قارنًا ولم يجد الهدي، فيصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، كما في قوله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196].
● الفرق بين النهي والكراهة: ذهب بعض العلماء إلى أن النهي للتحريم، وهو قول الجمهور، وذهب آخرون إلى أن النهي للكراهة التنزيهية، ولكن الراجح هو القول بالتحريم لقوة الأدلة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٤١٨) عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يزيد بن الهاد، عن أبي مرة مولى أم هانئ، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (١٧٧٦٨)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٢٣/ ٦٩)، والحاكم (١/ ٤٣٥) وعنه البيهقي (٤/ ٢٩٧ - ٢٩٨) كلّهم من طريق روح وهو ابن عبادة، عن مالك به.
وصححه ابن خزيمة (٢١٤٩) فرواه من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، به، مثله. كما رواه أيضًا عن مالك مقرونًا بابن لهيعة، بإسناده مثله.
وخالفه يحيى الليثيّ فرواه في الموطأ في الحج (١٣٧) عن مالك، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن أبي مرة مولى أمّ هانئ أخت عقيل بن أبي طالب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه أخبره: «أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص فوجده يأكل» فذكر الحديث.
قال مالك: هي أيام التشريق.
فجعل يحيى الليثي عبد الله بن عمرو بن العاص الواسطة بين أبي مرة وبين عمرو بن العاص، والصواب رواية الجماعة.
يقول ابن عبد البر: وقد رُوي هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو، عن النبيّ ﷺ، وإنما هو عن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن النبيّ ﷺ.
وأحسن أسانيد حديث عمرو بن العاص هذا إسناد مالك، عن يزيد بن الهاد، عن أبي مرة، عن عبد الله بن عمرو، عن أبيه. انتهى.
ولحديث عمرو بن العاص إسناد آخر، وهو ما رواه الإمام أحمد (١٧٧٦٩) عن روح، حدّثنا
ابن جريج، أخبرني سعيد بن كثير، أن جعفر بن المطلب أخبره، أن عبد الله بن عمرو بن العاص
دخل على عمرو بن العاص، فدعاه إلى الغداء. فقال: إني صائم. ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة،
فقال: لا إلا أن تكون سمعته من رسول الله ﷺ. فقال: إني سمعته من رسول الله ﷺ.
ورواه أيضًا (١٧٧٧٩) عن إبراهيم بن خالد، حدّثنا رباح، عن معمر، عن عاصم بن سليمان، عن جعفر بن المطلب -وكان رجلًا من رهط عمرو بن العاص- فال: دعا أعرابيا إلى طعام، وذلك بعد النحر بيوم، فقال الأعرابي: إني صائم. فقال له: إن عمرو بن العاص دعا رجلًا إلى الطعام في هذا اليوم، فقال: إني صائم. فقال عمرو: إن رسول الله ﷺ نهى عن صوم هذا اليوم.
وفيه سعيد بن كثير وهو ابن المطلب بن أبي وداعة السهمي، وعمه جعفر بن المطلب بن أبي وداعة السهمي مقبولان، كما في «التقريب» إلا أنهما توبعا في أصل الحديث فيكون هذا الإسناد حسنًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 219 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أيام نهى النبي ﷺ عن صيامها وأمر بإفطارها

  • 📜 حديث: أيام نهى النبي ﷺ عن صيامها وأمر بإفطارها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أيام نهى النبي ﷺ عن صيامها وأمر بإفطارها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أيام نهى النبي ﷺ عن صيامها وأمر بإفطارها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أيام نهى النبي ﷺ عن صيامها وأمر بإفطارها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب