حديث: يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبّه الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة لا ينفع في الآخرة

عن سعد بن أبي وقاص: أنّ رسول اللَّه ﷺ أعطى رهطًا -وسعدٌ جالسٌ- فترك رسولُ اللَّه ﷺ رجلًا هو أعجبُهم إليَّ. فقلت: يا رسول اللَّه، مالك عن فلان؟ فواللَّه إنّي لأراهُ مؤمنًا. فقال: «أو مسلمًا» فسكتُ قليلًا، ثم غلبني ما أعلمُ منه فعدتُ لمقالتي فقلت: مالك عن فلان؟ فواللَّهِ إنّي لأراه مؤمنًا. فقال: «أو مسلمًا».
ثم غلبني ما أعلمُ منه فعدتُ لمقالتي، وعاد رسولُ اللَّه ﷺ. ثم قال: «يا سعد، إنّي لأعطي الرّجلَ وغيرُه أحبُّ إليّ منه، خشية أن يكبَّه اللَّهُ في النّار».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الإيمان (٢٧)، ومسلم في الإيمان (١٥٠) كلاهما من حديث الزهري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن سعد.

عن سعد بن أبي وقاص: أنّ رسول اللَّه ﷺ أعطى رهطًا -وسعدٌ جالسٌ- فترك رسولُ اللَّه ﷺ رجلًا هو أعجبُهم إليَّ. فقلت: يا رسول اللَّه، مالك عن فلان؟ فواللَّه إنّي لأراهُ مؤمنًا. فقال: «أو مسلمًا» فسكتُ قليلًا، ثم غلبني ما أعلمُ منه فعدتُ لمقالتي فقلت: مالك عن فلان؟ فواللَّهِ إنّي لأراه مؤمنًا. فقال: «أو مسلمًا».
ثم غلبني ما أعلمُ منه فعدتُ لمقالتي، وعاد رسولُ اللَّه ﷺ. ثم قال: «يا سعد، إنّي لأعطي الرّجلَ وغيرُه أحبُّ إليّ منه، خشية أن يكبَّه اللَّهُ في النّار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، يحمل في طياته دروسًا عظيمة وفوائد جليلة تتعلق بفقه التعامل، وحكمة القيادة، وأسرار التربية النبوية.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● أعطى رهطًا: أي وزع العطاء على جماعة من الناس.
● رهطًا: الجماعة من ثلاثة إلى عشرة.
● هو أعجبهم إليَّ: أي أكثرهم إعجابًا لديَّ واستحقاقًا من وجهة نظري.
● أو مسلمًا: كلمة "أو" هنا بمعنى "بل" للإضراب، أي بل هو مسلم، وهي للانتقال من وصف أعلى (الإيمان) إلى وصف أدنى (الإسلام).
● يَكُبَّه الله: أي يلقيه على وجهه في النار، من الكبِّ وهو الإلقاء على الوجه.

ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوزع عطاءً على مجموعة من الناس، فاستبعد شخصًا معينًا كان سعد يرى أنه أحق بالعطاء وأكثر استحقاقًا. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم متعجبًا من إهماله لهذا الرجل، معتقدًا أنه مؤمن كامل الإيمان. فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بتصحيح مصطلحه من "مؤمن" إلى "مسلم"، مما يشير إلى أن هذا الرجل لم يبلغ درجة الإيمان الكامل. وأعاد سعد سؤاله مرة ثانية وثالثة، وفي كل مرة يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بتصحيح وصفه للرجل. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمته في ذلك، حيث أنه يعطي أناسًا آخرين - قد يكونون أقل درجة في نظر سعد - خوفًا من أن يتركهم فيفتقروا أو يحرموا، فيدفعهم ذلك إلى الكفر أو النفاق فيكبهم الله في النار.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- الفارق بين الإسلام والإيمان: بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك فرقًا بين الإسلام والإيمان، فالإسلام هو الاستسلام الظاهري، بينما الإيمان هو التصديق القلبي الكامل. وهذا الرجل كان مسلمًا ظاهرًا ولكن لم يصل إلى كمال الإيمان الباطن.
2- حكمة القائد في التوزيع: يعلم القائد ما يجهله الآخرون، وقد يمنع العطاء عن بعض المستحقين ظاهريًا لحكمة يعلمها، مثل خوفه على آخرين من الفتنة أو الكفر.
3- التثبت في إطلاق الأحكام على الناس: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحكم على الناس بالإيمان الكامل بمجرد الظاهر، لأن الإيمان أمر قلبي لا يطلع عليه إلا الله.
4- الحرص على هداية الناس: كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على منع أي سبب قد يؤدي إلى كفر الناس أو نفاقهم، حتى لو كان ذلك بتقديم غير المستحق على المستحق.
5- أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم: رغم أنه كان سعد متعجبًا، إلا أنه كان مؤدبًا في سؤاله، ولم يشكك في حكمة النبي صلى الله عليه وسلم، بل سأل للتعلم والفهم.
6- الاعتبار بعواقب الأمور: ينبغي للداعية والحاكم أن ينظر إلى العواقب والمآلات، ولا يقتصر في تصرفه على الظاهر المباشر.

رابعًا. فوائد إضافية:


- هذا الحديث من أدلة أهل السنة على أن الإيمان يزيد وينقص، فليس كل مسلم بالضرورة مؤمنًا الإيمان الكامل.
- فيه بيان لعظم مسؤولية الحاكم والمسؤول في توزيع الأموال والمنح، وأن عليه أن يراعي المصالح الكلية وليس فقط الاستحقاقات الفردية.
- جواز سؤال العالم عن الحكمة من أفعاله إذا بدا خلاف الأولى، ولكن بأدب واحترام.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يردنا إلى الحق ردًا جميلاً، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الإيمان (٢٧)، ومسلم في الإيمان (١٥٠) كلاهما من حديث الزهري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن سعد. . . فذكر مثله.
قال الزّهريّ: «نرى أنّ الإسلام الكلمة، والإيمان العمل» ذكره ابن حبان في صحيحه (١٦٣).
والإسلام إذا أطلق إطلاقًا حقيقيًّا شرعيًّا فيرادف الإيمان، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [سورة آل عمران: ١٩]، وكقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [سورة آل عمران: ٨٥].
وإذا أطلق إطلاقًا لغويًّا فيرادف الانقياد والاستسلام أي خوفًا من السّيف، كقوله تعالى: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [سورة الحجرات: ١٤].
وفيه ردٌّ على غلاة المرجئة في اكتفائهم في الإيمان بنطق اللسان.
وفيه ترك القطع بالإيمان الكامل لمن لم ينص عليه، وأما منع القطع بالجنّة فلا يؤخذ من هذا صريحًا. انظر للمزيد «فتح الباري» (١/ ٧٩).
وفي الباب ما روي عن أنس قال: كان رسول اللَّه ﷺ يقول: «الإسلام علانية، والإيمان في القلب» قال: ثم يشير إلى صدره ثلاث مرات. قال: ثم يقول: «التقوى هاهنا، التقوى هاهنا».
رواه الإمام أحمد (١٢٣٨١)، وأبو يعلى (٢٩٢٣)، والبزار -كشف الأستار (٢٠) - كلهم من طريق علي بن مسعدة، حدثنا قتادة، عن أنس. . . فذكر مثله.
قال البزار: تفرد به علي بن مسعدة.
قال الهيثمي في «المجمع» (١/ ٥٢): رواه أحمد، وأبو يعلى بتمامه، والبزار باختصار، ورجاله رجال الصحيح ما خلا علي بن مسعدة، وقد وثقه ابن حبان وأبو داود الطيالسي وأبو حاتم وابن معين، وضعفه آخرون».
قلت: ضعّفه البخاريّ، وأبو داود، والنسائيّ، والعقيليّ، وابن عدي، وغيرهم.
ولم أجده في النسخة المطبوعة من الثقات لابن حبان، ولم ينسبه إليه الحافظ ابن حجر في التهذيب، بل ذكره ابن حبان في المجروحين (٦٨٤) وقال: «كان ممن يخطئ على قلة روايته، وينفرد بما لا يتابع عليه، فاستحق ترك الاحتجاج به لِما لا يوافق الثقات من الأخبار«ثم أورد الحديث المذكور.
فلعل الحافظ الهيثمي ﵀ التبس عليه برجل بآخر؛ والحاصل أنه ضعيف.
وأما قوله: «التقوى ههنا«فهو ثابت في حديث آخر رواه أبو هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضُكم على بيع بعض، وكونوا
عباد اللَّه إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذُلُه ولا يحقره، التقوى ههنا«ويشير إلى صدره ثلاث مرات». ثم ذكر بقية الأحاديث.
رواه مسلم في كتاب البر والصلة (٢٥٦٤)، وسيأتي في موضعه كاملًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 43 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبّه الله

  • 📜 حديث: يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبّه الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبّه الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبّه الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبّه الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب