حديث: خصلتان محبوبتان عند الله الحلم والاناة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في بيان الأمور الجامعة التي يدخل بها المسلم الجنة

عن أبي سعيد الخدريّ قال: إنّ أناسا من عبد القيس قدموا على رسول اللَّه ﷺ، فقالوا: يا نبيَّ اللَّه، إنّا حيٌّ من ربيعة وبيننا وبينك كفار مضر، ولا نقدر عليك إلا في أشهر الحرم فمرْنا بأمر نأْمُرُ به مَنْ وَراءَنا وندخل به الجنّة، إذا نحن أخذنا به فقال رسول اللَّه ﷺ: «آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: اعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصّلاة، وآتوا الزّكاة، وصُوموا رمضان وأعطوا الخمس من الغنائم، وأنهاكم عن أربع: عن الدُّبّاء، والحَنْتَم، والمزفَّت والنّقِير». قالوا: يا نبي اللَّه، ما علمُك بالنّقير؟ قال: «بلي جِذعٌ تنقرونه فتقذفون فيه من القُطَيْعاء -قال سعيدٌ: أو قال من التمر-، ثم تصبُّون فيه من الماء، حتى إذا سكن غلَيانُه شربتموه، حتى إنّ أحدكم -أو إنَّ أحدهم- ليضربُ ابنَ عمِّه بالسّيف» قال: وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك. قال: وكنتُ أَخْبأُها حياءً من رسول اللَّه ﷺ. فقلتُ: ففيم نشرب يا رسول اللَّه؟ قال: «في أَسْقِية الأَدَم التي يُلاثُ على أفواهها». قالوا: يا رسول اللَّه،
إنّ أرضنا كثيرةُ الجِرْذان، ولا تبقى بها أسقية الأَدَم. فقال نبيُّ اللَّه ﷺ: «وإن أكلتها الجرذانُ، وإن أكلتها الجرذانُ، وإن أكلتها الجرذان» قال: وقال نبيُّ اللَّه ﷺ لأشج عبد القيس: «إنّ فيك لخصلتين يحبُّهما اللَّه الحِلْم والأَنَاة».

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٨) عن يحيى بن أيوب، حدثنا ابنُ عليّة، حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: حدّثنا من لقي الوفدَ الذين قدموا على رسول اللَّه ﷺ من عبد القيس.

عن أبي سعيد الخدريّ قال: إنّ أناسا من عبد القيس قدموا على رسول اللَّه ﷺ، فقالوا: يا نبيَّ اللَّه، إنّا حيٌّ من ربيعة وبيننا وبينك كفار مضر، ولا نقدر عليك إلا في أشهر الحرم فمرْنا بأمر نأْمُرُ به مَنْ وَراءَنا وندخل به الجنّة، إذا نحن أخذنا به فقال رسول اللَّه ﷺ: «آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: اعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصّلاة، وآتوا الزّكاة، وصُوموا رمضان وأعطوا الخمس من الغنائم، وأنهاكم عن أربع: عن الدُّبّاء، والحَنْتَم، والمزفَّت والنّقِير». قالوا: يا نبي اللَّه، ما علمُك بالنّقير؟ قال: «بلي جِذعٌ تنقرونه فتقذفون فيه من القُطَيْعاء -قال سعيدٌ: أو قال من التمر-، ثم تصبُّون فيه من الماء، حتى إذا سكن غلَيانُه شربتموه، حتى إنّ أحدكم -أو إنَّ أحدهم- ليضربُ ابنَ عمِّه بالسّيف» قال: وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك. قال: وكنتُ أَخْبأُها حياءً من رسول اللَّه ﷺ. فقلتُ: ففيم نشرب يا رسول اللَّه؟ قال: «في أَسْقِية الأَدَم التي يُلاثُ على أفواهها». قالوا: يا رسول اللَّه،
إنّ أرضنا كثيرةُ الجِرْذان، ولا تبقى بها أسقية الأَدَم. فقال نبيُّ اللَّه ﷺ: «وإن أكلتها الجرذانُ، وإن أكلتها الجرذانُ، وإن أكلتها الجرذان» قال: وقال نبيُّ اللَّه ﷺ لأشج عبد القيس: «إنّ فيك لخصلتين يحبُّهما اللَّه الحِلْم والأَنَاة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وفيه وصايا جامعة من النبي صلى الله عليه وسلم لقوم عبد القيس عندما قدموا عليه يسألون عن أمور الدين. وإليك الشرح الوافي للحديث:

أولاً. شرح المفردات:


● عبد القيس: قبيلة من ربيعة كانت تسكن في البحرين.
● كفار مضر: قبائل مضر التي كانت تقطن بين المدينة ومنطقة عبد القيس وتحول دون وصولهم إلا في أشهر الحرم.
● أشهر الحرم: هي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
● الدُّباء: القرع الذي يُنحت ويُتخذ وعاءً.
● الحَنْتَم: الجرار الخضراء.
● المزفَّت: الأوعية المطلية بالزفت أو القار.
● النّقِير: جذع النخل يُنقر ويُتخذ وعاءً.
● القُطَيْعاء: نوع من التمر الرديء.
● أسقية الأدم: هي القرب المصنوعة من الجلد.
● يُلاثُ على أفواهها: أي تُربط وتُشد على أفواهها.
● الحِلْم: ضبط النفس عند الغضب.
● الأَنَاة: التأني وعدم العجلة في الأمور.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن وفداً من قبيلة عبد القيس قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، وشكوا له أن بينهم وبينه قبائل كافرة تحول دون لقائهم إلا في الأشهر الحرم التي يُكف فيها الناس عن القتال. فسألوه أن يأمرهم بأمور يعملون بها ويأمرون بها من وراءهم من قومهم، ويدخلون بها الجنة. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأربع ونهاهم عن أربع.
فالأمر بالأربع: هي أركان الإسلام الأساسية: الشهادة والصلاة والزكاة وصوم رمضان، وأضاف إليها إعطاء الخمس من الغنائم.
والنهي عن الأربع: هي عن الانتباذ في أوعية معينة (الدباء والحنتم والمزفت والنقير) لأنها كانت تتخمر بسرعة وتصير خمراً.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم طريقة الانتباذ المشروعة وهي في القرب الجلدية (أسقية الأدم) التي تربط على أفواهها. وعندما احتجوا بكثرة الجرذان في أرضهم التي تقرض هذه القرب، أكد النبي صلى الله عليه وسلم على النهي عن تلك الأوعية حتى لو أكلتها الجرذان (ولو أكلتها الجرذان).
وفي نهاية الحديث أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على أحدهم (أشج عبد القيس) بخصلتين حميدتين هما الحلم والأناة.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1. حرص السلف على الخير وسؤالهم عن ways الوصول إلى الجنة.
2. بيان النبي صلى الله عليه وسلم لأصول الإسلام وفروعه عندما يُسأل عن ذلك.
3. تحريم الخمر وسد الذرائع المؤدية إليها، ومن ذلك النهي عن الانتباذ في الأوعية التي تسرع في تخمر العصير.
4. وجوب الاستسلام لأمر الله ورسوله حتى لو تعارض مع بعض المصالح الدنيوية، كما في أمرهم بعدم استخدام الأوعية المحرمة حتى لو أكلت الجرذان القرب الجلدية.
5. فضل الحلم والأناة وأنهما من الصفات المحبوبة عند الله تعالى.
6. أهمية تبليغ العلم ونشره، كما طلبوا أن يأمرهم بأمر يأمرون به من وراءهم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- الحديث أصل في سد الذرائع، حيث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأوعية التي تسبب سرعة تخمر العصير حتى لا يؤدي ذلك إلى شرب الخمر.
- فيه دليل على أن الخمر محرمة سواء كانت قليلة أم كثيرة، لأن هذه الأوعية كانت تتخمر فيها العصير سريعاً فيصير خمراً.
- قوله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله" يدل على فضل الحلم والأناة، وهما من صفات عباد الله الرحمن.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (١٨) عن يحيى بن أيوب، حدثنا ابنُ عليّة، حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: حدّثنا من لقي الوفدَ الذين قدموا على رسول اللَّه ﷺ من عبد القيس. قال سعيد (ابن أبي عروبة): وذكر قتادة أبا نضرة، عن أبي سعيد في حديثه هذا: «أنّ ناسًا من عبد القيس» فذكره.
ورواه من وجه آخر عن ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، قال: حدثني غيرُ واحد لقي ذاك الوفد. وذكر أبا نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ: أنّ وفد عبد القيس لما قدموا على رسول اللَّه ﷺ بمثل حديث ابن عليّة، غير أنّ فيه: «وتَذيفُون فيه من القُطَيْعاء أو التمر والماء» ولم يقل: «قال سعيد: أو قال: من التمر».
ورواه من طريق أبي عاصم وعبد الرزّاق، قال عبد الرزّاق: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو قزعة، أنّ أبا نضرة أخبره وحسنًا أخبرهما، أنّ أبا سعيد الخدريّ أخبره: أنّ وفد عبد القيس لما أتوا نبي اللَّه ﷺ قالوا: يا نبيّ اللَّه، جعلنا اللَّه فداءك، ماذا يصلح لنا من الأشربة؟ فقال: «لا تشرَبوا في النّقير». قالوا: يا نبي اللَّه، جعلنا اللَّه فداءك، أو تدري ما النّقير؟ قال: نعم الجِذْع يُنقرُ وسطه، ولا في الدّبّاء، ولا في الحنتمة، وعليكم بالموكَى».
وقوله: «إنّ أبا نضرة وحسنًا أخبرهما«قال ابن الصّلاح في صيانة صحيح مسلم (ص ١٥٩ - ١٦١): «إحدى المعضلات، ولا عضال ذلك وقع فيه تغييرات من جماعة واهمة، فمن ذلك: رواية أبي نعيم الأصبهاني الحافظ في مستخرجه على كتاب مسلم بإسناده: أخبرني أبو فزعة، أنّ أبا نضرةَ وحسنًا أخبرهما أنّ أبا سعيد الخدريّ، وهذا يلزم منه أن يكون أبو قزعة هو الذي أخبر أبا نضرة وحسنًا عن أبي سعيد، فيكون أبو قزعة هو الذي سمع من أبي سعيد ذلك. وذلك منتفٍ، واللَّه أعلم.
ومن ذلك: أنّ أبا عليّ الغسّاني صاحب «تقييد المهمل» ردّ رواية مسلم هذه، وقلّده في ذلك صاحب «المُعِلمِ»، ومن شأنه تقليده فيما يذكره من علم الأسانيد، مع أنه لا يسمّيه ولا ينصفه، وصوّبهما في ذلك القاضي أبو الفضل عياض بن موسى، فقال أبو عليّ: الصّواب في الإسناد عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو قزعة، أن أبا نضرةً وحسنًا أخبراه، أنّ أبا سعيد أخبره. وذكر أنه إنما قال: «أخبره» ولم يقل: «أخبرهما»؛ لأنّه ردّ الضّمير إلى أبي نضرة وحده، وأسقط الحسن لموضع الإرسال، فإنّه لم يسمع من أبي سعيد الخدريّ ولم يلْقَه، وذكر أنّه بهذا اللّفظ الذي ذكره خرّجه أبو عليّ بن السّكن في «مصنّفه» بإسناده قال: وأظنُّ هذا من إصلاح ابن السَّكن.
وذكر الغسّاني أيضًا: أنه رواه كذلك أبو بكر البزّار في «مسنده الكبير» بإسناده وحكى عنه، وعن عبد الغني بن سعيد الحافظ: أنّهما ذكرا أنّ حسنًا هذا هو الحسن البصريّ.
وليس الأمر في ذلك على ما ذكروه، بل ما أورده مسلمٌ في هذا الإسناد هو الصواب، وكما أورده رواه أحمد بن حنبل، عن روح بن عبادة، عن ابن جريج.
وقد انتصر له الحافظ أبو موسى الأصبهانيّ، وألّف في ذلك كتابًا لطيفًا تبجّح فيه بإجادته وإصابته، مع وهم غير واحد من الحفّاظ فيه.
فذكر: أنّ حسنًا هذا هو الحسن بن مسلمٌ بن ينّاق الذي روى عنه ابن جريج غير هذا الحديث، وأن معنى هذا الكلام: أنّ أبا نضرة أخبر بهذا الحديث أبا قزعة وحسن بن مسلم كليهما، ثم أكّد ذلك بأن أعاد فقال: أخبرهما أن أبا سعيد أخبره -يعني أبو سعيد أبا نضرة- وهذا كما تقول: إن زيدًا جاءني وعمرًا جاءاني فقالا: كذا وكذا.
وهذا من فصيح الكلام، واحتجّ على أنّ حسنًا فيه هو الحسن بن مسلم: بأنّ سلمة بن شبيب وهو ثقة، رواه عن عبد الرزّاق، وعن ابن جريج، قال: أخبرني أبو قزعة، أنّ أبا نضرة أخبره، وحسن بن مسلم أخبرهما، أنّ أبا سعيد أخبره. الحديث. رواه أبو الشيخ الحافظ في كتابه «المخرّج على صحيح مسلم».
وقد أسقط أبو مسعود الدمشقي وغيره، ذكر حسن أصلًا من الإسناد؛ لأنّه مع إشكاله لا مدخل له في رواية الحديث.
وذكر الحافظ أبو موسى ما حكاه أبو علي الغسّاني في كتابه «تقييد المهمل» في ذلك، وبيّن بطلانه، وبطلان رواية من غيّر الضمير في قوله: «أخبرهما» وعبر ذلك من تغيير، ولقد أجاد وأحسن، واللَّه أعلم، انتهى كلام ابن الصّلاح.
ونقل هذا الكلام النووي في شرح مسلم وأقرّه.
قوله: «أشج عبد القيس» اسمه منذر بن عائذ كما قال الترمذي، وهو المنذر بن عائذ بن المنذر ابن الحارث القصري -بمفتوحتين- صحابي نزل البصرة ومات بها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 35 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خصلتان محبوبتان عند الله الحلم والاناة

  • 📜 حديث: خصلتان محبوبتان عند الله الحلم والاناة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خصلتان محبوبتان عند الله الحلم والاناة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خصلتان محبوبتان عند الله الحلم والاناة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خصلتان محبوبتان عند الله الحلم والاناة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب