حديث: لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النقص في كمال الإيمان بالمعاصي

عن ابن أبي أوفى، عن النّبيّ ﷺ قال: «لا يشربُ الخمرَ حين يشربها وهو مؤمن، ولا يزني حين يزني وهو مؤمن، ولا ينتهبُ نُهبةً ذات شرف -أو سرفٍ-
وهو مؤمن».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٩١٠٢)، والبزّار -كشف الأستار (١١١) - كلاهما من حديث شعبة، عن فراس، عن مدرك بن عُمارة، عن ابن أبي أوفي، فذكر الحديث.

عن ابن أبي أوفى، عن النّبيّ ﷺ قال: «لا يشربُ الخمرَ حين يشربها وهو مؤمن، ولا يزني حين يزني وهو مؤمن، ولا ينتهبُ نُهبةً ذات شرف -أو سرفٍ-
وهو مؤمن».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبيه الكريم.
الحديث الشريف:
عن ابن أبي أوفى، عن النبي ﷺ قال: «لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ -أَوْ سَرَفٍ- وَهُوَ مُؤْمِنٌ».


1. شرح المفردات:


* الخمر: كل ما خامر العقل وغطاه من المسكرات، سواء كانت من العنب أو غيره.
* حين يشربها: في اللحظة التي يكون فيها فاعلاً للشرب.
* وهو مؤمن: أي كامل الإيمان، أو أن إيمانه في تلك اللحظة ناقص غير تام.
* ينتهب: ينهب، والنهب هو الأخذ عنوة وقهرًا بغير حق.
* نهبة: ما يُنهب ويُسلب غصبًا.
* ذات شرف: ذات قيمة ومكانة عالية، أو أنها تثير صيحة واستنكارًا (من الشرف بمعنى العلو والمكانة، أو من الشَّرَف بمعنى الصياح والضجيج).
* سرف: بمعنى الإسراف والبذخ، أي أنها نهبة كبيرة أو ثمينة.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث جملة من الكبائر العظيمة التي تناقض كمال الإيمان وتنافي حقيقته، وهي: شرب الخمر، والزنا، والنهب. ويقرر ﷺ حقيقة عظيمة، وهي أن الشخص الذي يقترف هذه الذنوب العظيمة في لحظة اقترافها لا يجتمع في قلبه كمال الإيمان وحب الله وخشيته مع إصراره على معصيته هذه. فالإيمان يمنع صاحبه من الوقوع في هذه المهالك، فإذا وقع فيها دل ذلك على ضعف إيمانه ونقصانه في تلك اللحظة بالذات، حتى يتوب ويستغفر.
فالحديث لا يعني أن فاعل هذه الكبائر قد خرج من الملة بالكلية وكفر كفراً مخرجاً من الإسلام، بل هو مؤمن بنقص إيمانه، كما قال أهل العلم: "معناه لا يفعل هذه المعاصي مع كمال الإيمان، فإذا فعلها نقص إيمانه، ولم يخرج من الإيمان بالكلية".


3. الدروس المستفادة منه:


1- بيان عِظَم هذه الذنوب: ذكر الحديث ثلاثة من كبائر الإثم والفواحش، مما يدل على خطورتها وشدة تحريمها، وأنها من الأمور التي تهز كيان الإيمان في النفس.
2- العلاقة بين الإيمان والعمل: الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فالعمل الصالح ثمرة للإيمان ويزيده، والعمل السيء دليل على ضعف الإيمان وينقصه. فالمؤمن الكامل الإيمان تستحي نفسه من الله فلا يقترف هذه الذنوب.
3- تحذير شديد من الاستهانة بالذنوب: الحديث يزرع في قلب المسلم رقابة داخلية تمنعه من الاقتراب من مواطن المعصية، لأنه يعلم أن فعلها يناقض كمال إيمانه الذي يسعى إليه.
4- الفرق بين أصل الإيمان وكماله: فاعل الكبيرة لا يخرج من الإسلام مالم يستحلّها، ولكنه يكون ناقص الإيمان، مستحقاً للوعيد والعذاب إن لم يتب، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبيرة.
5- ذم الظلم وأكل أموال الناس بالباطل: حيث قرن النبي ﷺ النهب – وهو من أشد أنواع الظلم – بشرب الخمر والزنا، مما يدل على عظم جرمه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* مصدر الحديث: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 5578)، ومسلم في صحيحه (رقم 57).
* النهي عن التكفير: يستفاد من الحديث أيضاً النهي عن التكفير المطلق لمرتكب الكبيرة من المسلمين، فالنبي ﷺ نفى عنه كمال الإيمان في لحظة الفعل فقط، ولم يقل "وهو كافر".
* معنى "ذات شرف": اختلف الشراح في تفسيرها، فقيل: يعني أن صاحبها يَشْرُف بها (أي يعلو ويتباهى بها)، أو أنها تثير ضجة وصياحاً (شَرَفاً) لكونها كبيرة، أو أنها ذات قيمة وشرف في نفسها. وجاء في رواية أخرى "ذات سرف" أي أنها نهبة مسرفة في عظمها وقيمتها.
* التوبة تجب ما قبلها: هذا الحديث لا يعني اليأس من رحمة الله، بل هو تحذير للعاصي ليرتدع. فإذا تاب العاصي تاب الله عليه، وأتم له إيمانه، وغفر ذنبه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٩١٠٢)، والبزّار -كشف الأستار (١١١) - كلاهما من حديث شعبة، عن فراس، عن مدرك بن عُمارة، عن ابن أبي أوفي، فذكر الحديث.
قال البزار: «لا نعلمُ له طريقًا عن ابن أبي أوفى إلّا هذا الطّريق».
قال الأعظمي: ليس كما قال، بل له طرق عن مدرك بن عُمارة، وهذا أصحُّها. وإسناده حسن من أجل مدرك بن عمارة وهو ابن عقبة بن أبي مُعيط الأمويّ من رجال «التعجيل»: «روي عن أبيه وله صحبة، وروي عن عبد اللَّه وهو ابن أبي أوفي. روى عنه فراس الخارفي، ويونس بن أبي إسحاق، وليث بن أبي سُليم وغيرهم، وذكره ابن حبان في: الثقات«وقال: «عِداده في أهل الكوفة». وقال غيره: يقال: إن له صحبة وهو غلط» انتهى.
ومثله لا بأس بتحسين حديثه إذا كان له شواهد صحيحة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 18 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن

  • 📜 حديث: لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب