حق العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا

حديث: حق العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا

عن معاذ بن جبل قال: كنتُ رِدْف النبيّ ﷺ على حمار يقال له: عُفَيْر. قال: فقال: «يا معاذ، هل تدري حقّ اللَّه على عباده، وما حقُّ العباد على اللَّه؟» قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «فإن حقّ اللَّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحقّ العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا» فقلت: يا رسول اللَّه، أفلا أبشِّر به الناس؟ قال: «لا تبشّرهم فيتكلوا».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٨٥٦)، ومسلم في الإيمان (٣٠/ ٤٩) كلاهما من حديث أبي الأحوص سلام بن سُليم، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن معاذ بن جبل، فذكره، ولفظهما سواء.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحدد أساس العلاقة بين الخالق والمخلوق، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري (رقم 2856) ومسلم (رقم 30) في صحيحيهما.
وفيما يلي شرحه على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:

● رِدْف: الرِّدْف هو الراكب خلف الراكب على الدابة نفسها.
● عُفَيْر: اسم الحمار الذي كان يركبه النبي صلى الله عليه وسلم.
● حق الله على عباده: ما أوجبه الله تعالى على خلقه من الطاعات والعبادات.
● حق العباد على الله: ما تكفّل الله به ووعد به عباده جزاءً على طاعتهم، وهو وعده الصادق الذي لا يُخلف.
● يتكلوا: يعتمدوا على هذا الوعد ويُهملوا العمل ويتساهلوا في أداء الواجبات.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان راكبًا خلف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فبادرَه النبي بسؤال عميق عن أصل الدين وجوهره، ألا وهو: ما الذي أوجبه الله على عباده؟ وما الذي التزم به الله تجاه عباده إذا هم قاموا بهذا الواجب؟
فأجاب معاذ بأدب العالم بأن يقول "الله ورسوله أعلم" عندما لا يعرف الجواب. فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن أساس حق الله على العباد هو توحيده وعبادته وعدم الإشراك به، وأما حق العباد على الله – إذا هم قاموا بهذا التوحيد – فهو أن لا يعذبهم. فطلب معاذ إذن النبي ليبلغ الناس هذه البشارة العظيمة، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن يتكل الناس على هذا الوعد فقط ويتركوا العمل والاجتهاد في العبادة.

3. الدروس المستفادة منه:

● أهمية التوحيد: الحديث يضع التوحيد في قمة الهرم العبادي، فهو أول الحقوق وأعظمها، وهو الأساس الذي تُبنى عليه جميع العبادات.
● سعة رحمة الله: الحديث يبعث على الأمل والطمأنينة، فالله قد تكفل بعدم تعذيب من لم يشرك به، وهذه أعظم بشارة للموحدين.
● الحكمة في الدعوة والتعليم: نهي النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا عن إشاعة هذا الحديث – في هذه الحالة – يعلمنا a lesson في الحكمة ومراعاة أحوال الناس. فخاف النبي أن يفهم بعض الناس هذا الكلام فهمًا خاطئًا فيظن أن مجرد نطق الشهادتين يكفي ليأمن العذاب دون عمل أو جهاد للنفس، فيقعوا في الاتكال والإهمال.
● أدب المتعلم: تأمل أدب معاذ رضي الله حين قال: "الله ورسوله أعلم"، وهو من هو في العلم والفقه، فهذا أدب مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع العلم.
● حرص الصحابة على الخير: حرص معاذ رضي الله عنه على إبلاغ هذه البشارة للناس يدل على غيرة الصحابة على هداية الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تدخل في باب "الترغيب والترهيب". فهو يرغب في التوحيد ويبشر أهله بالأمن من العذاب، وينبه من يهمله أو يشرك بالله إلى الخطر العظيم.
- يجب فهم هذا الحديث في ضوء النصوص الأخرى، فعدم التعذيب مرتبط بعدم الإشراك، لكن هذا لا يعني أن صاحب الكبائر من الموحدين آمن تمامًا من أي عقاب، فقد يعذب على معصيته ثم يخرج من النار بفضل توحيده. فالناجي من الخلود في النار هو الموحد، حتى وإن دخلها بسبب ذنوبه.
- هذا الوعد (حق العباد على الله) هو من فضل الله وجوده، وليس لأحد حق على الله بمجرد نفسه، بل الله هو الذي منَّ بهذا الوعد وكرّم به عباده الموحدين.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الموحدين الذين لا يشركون به شيئًا، وأن يتوفانا على ذلك، وأن يحرم أجسادنا على النار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٨٥٦)، ومسلم في الإيمان (٣٠/ ٤٩) كلاهما من حديث أبي الأحوص سلام بن سُليم، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن معاذ بن جبل، فذكره، ولفظهما سواء.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 46 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حق العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا

📜 حديث: حق العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: حق العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: حق العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: حق العباد على اللَّه أن لا يعذِّب من لا يشرك به شيئًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية