إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإن هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتُنفقنّ كنوزهما في سبيل الله».

متفق عليه: رواه البخاري في فرض الخمس (٣١٢١) ومسلم في الفتن (٢٩١٩) كلاهما من حديث جرير، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة فذكره واللفظ للبخاري.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ التي تخبر عن غيب مستقبلي، وقد تحقق كما أخبر الصادق المصدوق ﷺ. وإليك الشرح المفصل:

الحديث بلفظه:

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِنْ هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقُنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
(رواه البخاري في صحيحه، ومسلم، واللفظ للبخاري)

1. شرح المفردات:

● هَلَكَ: مات، أو زال مُلْكُه وانتهت دولته.
● كِسْرَى: لقب ملوك الفرس (الإمبراطورية الساسانية)، وكانوا من أعظم قوى العالم وقتها.
● قَيْصَرُ: لقب أباطرة الروم (الإمبراطورية البيزنطية)، وهم القوة العظمى الأخرى.
● فَلَا كِسْرَى/قَيْصَرَ بَعْدَهُ: أي لن يكون هناك ملك بهذا اللقب العظيم أو لن تقوم لهم دولة كما كانت.
● وَالَّذِي نَفْسِي بِييدِهِ: قَسَمٌ من النبي ﷺ يؤكد صدق ما يخبر به، وهو من أعظم الأيمان.
● لَتُنْفَقُنَّ: اللام لام القسم، و"تُنْفَقُنَّ" فعل مضارع مؤكد بنون التوكيد الثقيلة، أي لتُنفقنَّ حتمًا.
● كُنُوزُهُمَا: كنوزهما جمع كنز، وهو المال المدخر الكثير الذي كان عند هاتين الإمبراطوريتين.
● فِي سَبِيلِ اللَّهِ: يشمل جميع أوجه الخير والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله.

2. شرح الحديث:

يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن أمر غيبي سيقع في المستقبل، وهو:
● زوال مُلْكِ أعظم إمبراطوريتين: هما إمبراطورية الفرس (كسرى) وإمبراطورية الروم (قيصر). وكانت هاتان الإمبراطوريتان تمثلان القوى العظمى في ذلك الزمان، وكان الناس يظنون أنهما لا تُقهران.
● انقراض سلالة الحكم: قوله ﷺ: «فلا كسرى بعده» «فلا قيصر بعده» يعني أن نظام الحكم الإمبراطوري الوراثي سينتهي، ولن يعود هناك ملك يُلقب بـ "كسرى" أو "قيصر" يحكم تلك البلاد بتلك العظمة والسطة السابقة. وهذا تحقق بالفعل، فلم تقم للإمبراطورية الفارسية قائمة بعد هزيمتهم على يد المسلمين، وانتهى لقب "كسرى". وكذلك إمبراطورية الروم (البيزنطية) استمرت ولكنها ضعفت وتقلصت حتى سقطت على يد المسلمين، وانتهى لقب "قيصر" فيها.
● الوعد الإلهي بفتح كنوزهما: يقسم النبي ﷺ بنفسه -وهو لا يقسم إلا على أمر عظيم- أن كنوز هذين الملكين ستنفق في سبيل الله. وهذا يعني أن المسلمين سيفتحون هذه البلاد ويستولون على خزائنها وأموالها، وينفقونها في الجهاد وفي مصالح المسلمين العامة، طاعة لله وابتغاء مرضاته.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- صدق نبوة محمد ﷺ: هذا الحديث من أعظم معجزاته ﷺ، فقد أخبر عن غيب مستقبلي وتحقق حرفيًا في عهد أصحابه رضي الله عنهم. ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه هُزمت الإمبراطورية الفارسية وفتح المسلمون بلادهم، واستولوا على كنوزها. وكذلك تقدم الجيش الإسلامي لفتح بلاد الروم.
2- عزة الإسلام والمسلمين: الحديث بشارة بنصرة الإسلام وعلوِّ كلمته على أعظم قوتين في الأرض آنذاك. وهو يغرس الثقة في قلوب المؤمنين بأن المستقبل للإسلام، وأن أموال الطغاة ستكون غنيمة للمتقين.
3- سنة الله في زوال الدول: الحديث يبين أن الدول والقوى، مهما بلغت من القوة والظهور، فإنها إلى زوال، خصوصا إن كفرت بالله وعتت عن أمره. {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.
4- الحث على الإنفاق في سبيل الله: الوعد بإنفاق الكنوز في سبيل الله يحث المسلمين على بذل أموالهم في طاعة الله، ويبشرهم بأن أموال الكفار ستكون في يدهم ينفقونها في الخير.
5- التوكل على الله والثقة بنصره: كان الحديث بمثابة تشجيع للمسلمين الأوائل وهم في حالة ضعف، بأن المستقبل لهم، مما زاد في ثباتهم وتوكلهم على الله.

4. معلومات إضافية:

● تحقق الوعد: تحقق هذا الوعد النبوي العظيم في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث فتح المسلمون بلاد فارس في معركة القادسية ونهاوند، وفتحوا大部分 بلاد الشام ومصر من الروم. وأُحضرت كنوز كسرى إلى عمر رضي الله عنه في المدينة، فوزعها على المسلمين.
- قصة إحضار تاج كسرى وكنوزه إلى عمر ومقولته المشهورة عندما رأى كل ذلك المال: "إن قوماً أدوا هذا لأمناء".
- الحديث يدل على أن نصر الله للمؤمنين لا يتعلق بالكث

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فرض الخمس (٣١٢١) ومسلم في الفتن (٢٩١٩) كلاهما من حديث جرير، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة فذكره واللفظ للبخاري.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 8 من أصل 103 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

📜 حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية