من يحلف عند المنبر على يمين آثمة وجبت له النار

حديث: من يحلف عند المنبر على يمين آثمة وجبت له النار

عن أبي هريرة قال: أشهد لسمعت النبي ﷺ قال: «ما من عبد، أو أمة، يحلف عند هذا المنبر على يمين آثمة، ولو على سواك رطْب إلا وجبت له النار».

صحيح: رواه ابن ماجه (٢٣٢٦) وأحمد (٨٣٦٢) وصحّحه الحاكم (٤/ ٢٩٧) كلهم من حديث أبي عاصم الضحاك بن مخلد، قال: حدثنا الحسن بن يزيد بن فرّوخ، قال: سمعت أبا سلمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أشهد لسمعت النبي ﷺ قال: «ما من عبد، أو أمة، يحلف عند هذا المنبر على يمين آثمة، ولو على سواك رطْب إلا وجبت له النار».

1. شرح المفردات:

* عبد أو أمة: يشمل الرجل والمرأة، أي كل مسلم.
* عند هذا المنبر: يشير إلى منبر النبي ﷺ في المسجد النبوي، وهو مكان عظيم الشرف ومكان نزول الوحي. والمراد التحذير من الحلف الكاذب في أي مكان، وذكر المنبر للتهويل والتعظيم.
* يمين آثمة: اليمين هي القسم، و"آثمة" أي كاذبة، معصية لله، فيها إثم.
* سواك رطْب: السواك هو عود يستخدم لتنظيف الأسنان. والرطب الطري الجديد. والمقصود شيء تافه وقليل القيمة، لا يُعتد به.
* وجبت له النار: أي استحق دخول النار، وأصبحت لازمة له بسبب هذا الجرم العظيم.

2. شرح الحديث:

يُحذّر النبي ﷺ في هذا الحديث تحذيرًا شديدًا من خطر الحلف الكاذب، حتى ولو كان على أمر صغير وحقير لا قيمة له في أعين الناس كعود سواك.
* عموم التحذير: قوله ﷺ: «ما من عبد، أو أمة» يشمل الجميع دون استثناء، مما يدل على عظم هذه الجريمة.
* شدة الوعيد: الوعيد هنا هو استحقاق النار، وهو وعيد عظيم لا يُصدر إلا على ذنب عظيم. وهذا يدل على أن الكذب في اليمين من الكبائر.
* صغر المادة لا يُصغّر من الذنب: قوله ﷺ: «ولو على سواك رطْب» يؤكد أن حجم الشيء الذي يُحلف عليه كاذبًا لا يخفف من جرم اليمين الكاذبة. فالكذب هو الكذب، والإثم هو الإثم، سواء كان على أمر عظيم أو على شيء تافه. وهذا يحطم التبرير الذي قد يتذرع به البعض بأن الأمر "بسيط".
المعنى الإجمالي: أيّما رجل أو امرأة يحلف بالله كاذبًا متعمدًا - حتى لو كان القسم على شيء حقير لا قيمة له - فإن هذا الفعل يستوجب غضب الله وعقابه، ويستحق صاحبه دخول النار إن لم يتب إلى الله تعالى توبة نصوحًا.

3. الدروس المستفادة منه:

1- تحريم اليمين الكاذبة وتحذير شديد منها: فهي من كبائر الذنوب التي تورد صاحبها المهالك، وتستوجب عقاب الله وعذاب النار.
2- عدم الاستهانة بالذنوب: لا ينبغي للمسلم أن يستصغر أي معصية، فصغر المعصية في عين العبد لا يعني صغرها عند الله تعالى. فرب معصية استهان بها صاحبها كانت سببًا في هلاكه.
3- الصدق منجاة: يجب على المسلم أن يتخلق بخلق الصدق في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله وأيمانه. فالصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة.
4- التوبة النصوح: من وقع في هذه المعصية العظيمة فعليه أن يبادر إلى التوبة إلى الله تعالى، ويندم على ما فعل، ويعزم على عدم العودة إليها أبدًا، ويُكثر من الاستغفار والعمل الصالح.
5- التورع عن الحلف مطلقًا: ينبغي للمسلم أن يتورع عن الحلف إلا في حال الضرورة القصوى، وأن يخشى الله في كل كلمة ينطق بها.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* الفرق بين اليمين الغموس وغيرها: هذا النوع من اليمين يسمى "اليمين الغموس" لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار. وهي أشد أنواع الأيمان إثمًا لأنها كذب مختلق يُقصد به اغتصاب حقوق الآخرين أو التستر على الباطل.
* كفارة اليمين: كفارة اليمين (إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) هي لليمين المنعقدة التي حنث فيها صاحبها (أي حلف على فعل شيء ثم لم يفعله، أو على ترك شيء ثم فعله)، أما اليمين الكاذبة (الغموس) فلا كفارة لها إلا التوبة الصادقة والندم والاستغفار، لأنها أساسًا لم تُبن على نية صادقة بل على كذب واعتداء.
* الوعيد لا يعني الحتمية: قوله ﷺ «وجبت له النار» هو وعيد على فعل المعصية، ولكن من تاب تاب الله عليه. فمشيئة الله فوق كل شيء، ورحمته وسعت كل شيء. فالتوبة تمحو الذنب.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقنا للصدق في الأقوال والأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٣٢٦) وأحمد (٨٣٦٢) وصحّحه الحاكم (٤/ ٢٩٧) كلهم من حديث أبي عاصم الضحاك بن مخلد، قال: حدثنا الحسن بن يزيد بن فرّوخ، قال: سمعت أبا سلمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول فذكر الحديث. وإسناده صحيح.
والحسن بن يزيد بن فروخ هو أبو يونس القوي كما أكده ابن ماجه، وكذلك قال الحاكم وصحح إسناده. ولكثرة عبادته سمي القوي وهو مجمع على توثيقه، روى له ابن ماجه وحده من أصحاب السنة، وممن يسمي الحسن بن يزيد أربعة غير من ذكر، وأكثرهم مجاهيل.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 49 من أصل 103 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يحلف عند المنبر على يمين آثمة وجبت له النار

📜 حديث: من يحلف عند المنبر على يمين آثمة وجبت له النار

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من يحلف عند المنبر على يمين آثمة وجبت له النار

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من يحلف عند المنبر على يمين آثمة وجبت له النار

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من يحلف عند المنبر على يمين آثمة وجبت له النار

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية