حديث: ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب صفة من يبرُّ الله قسمه

عن حارثة بن وهب، قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعّف، لو أقسم على الله لأبرّه، وأهل النار: كل جوّاظ عُتُلّ مستكبِر».

متفق عليه: رواه البخاري في الأيمان والنذور (٦٦٥٧) ومسلم في الجنة (٢٨٥٣) كلاهما من طريق شعبة، حدثني معبد بن خالد، أنه سمع حارثة بن وهب، فذكره.

عن حارثة بن وهب، قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعّف، لو أقسم على الله لأبرّه، وأهل النار: كل جوّاظ عُتُلّ مستكبِر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرسم لنا معالم الشخصية التي ترضي الله تعالى وتدخل الجنة، ويحذرنا من صفات أهل النار. وقد رواه الإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم، وغيرهما.

أولاً. شرح المفردات:


● ألا أدلكم: ألا أرشدكم وأعرفكم.
● كل ضعيف متضعّف: الضعيف: هو الذي لا منعة له في الناس، ولا جاه ولا سلطان. والمتضعّف: هو الذي يتعمد التواضع ويختاره، ولا يتكبر على الناس.
● لو أقسم على الله لأبرّه: أي لو حلف على شيء يسأل الله فيه حاجة، فإن الله يحقق قسمه ويستجيب دعاءه؛ لصدقه وإخلاصه.
● جوّاظ: قال العلماء في解释ه وجوه، وأشهرها:
- الذي يجمع المال ويجمعه ويبخل به (من الجَزْظِ، وهو جمع المال).
- أو: الغليظ الجافي في تعامله مع الناس.
- أو: المختال في مشيته، المتكبر.
● عُتُلّ: هو الشخص الغليظ الشديد في طبعه، القاسي القلب، الذي لا يرحم أحداً، السيّئ الخلق.
● مستكبِر: المتكبر على الناس، المتعالي عليهم، الذي يرى نفسه أفضل منهم.

ثانياً. شرح الحديث:


يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بسؤال استنكاري ليجذب انتباه السامعين، فيقول: «ألا أدلكم على أهل الجنة؟» أي: ألا أخبركم بالصفة التي إذا توفرت في شخص فهو من أهل الجنة؟
ثم يبين هذه الصفة فيقول: «كل ضعيف متضعّف»، أي: ذلك الإنسان الذي هو ضعيف في ظاهره، لا مال له ولا جاه ولا سلطان يمنعه من الظلم، وهو مع هذا التواضع يختار أن يكون متواضعاً مُتَضَعِّف» بصيغة المفاعلة التي تدل على اختياره لهذا الفعل)، لا يتعالى على أحد، ولا يطلب الرياسة، بل يزهد في الدنيا ويتواضع لله وللناس.
هذا الإنسان الذي جمع بين ضعف الحال واختيار التواضع، يكون من المقربين عند الله تعالى، حتى إنه «لو أقسم على الله لأبرّه»، أي لو حلف على شيء متعلق بأمر من أمور الدنيا أو الآخرة – وهو لا يحلف إلا على حق – فإن الله تعالى يحقق له ما حلف عليه؛ تكريماً له ورفعة لدرجته، لصدق إيمانه وإخلاصه وتواضعه.
ثم ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم للطرف المقابل فيقول: «وأهل النار: كل جواظ عتل مستكبر». فهذا الشخص هو نقيض الأول تماماً، فهو:
● جواظ: كثير المال، بخيل به، أو جافٍ في معاملته.
● عتل: قاسي القلب، غليظ الطبع، يؤذي الناس بلسانه ويده.
● مستكبر: متعالٍ على الناس، يحتقرهم ويرى نفسه فوقهم.
هذه الصفات الثلاث (الشح والقسوة والكبر) هي من أخطر أمراض القلوب التي تقود صاحبها إلى النار، والعياذ بالله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التواضع من أعظم أسباب دخول الجنة: الحديث يربط بشكل واضح بين التواضع الاختياري وبين الفوز بالجنة. والتواضع هو خفض الجناح للمؤمنين وعدم الترفع عليهم.
2- الضعف الظاهري ليس عيباً: بل قد يكون نعمة من الله إذا اقترن بالتواضع والإيمان، فهو يصرف صاحبه عن الكبر والطغيان.
3- الاستجابة الإلهية مرتبطة بالقلب: استجابة الله لدعاء العبد أو تحقق قسمه مرتبط بصلاح قلبه وتقواه، وليس بمكانته الدنيوية.
4- تحذير شديد من صفات الهلاك: جمع المال والبخل به (الجَوَاظ)، وقسوة القلب (العُتُلّ)، والتكبر على الخلق (المستكبر) – هي صفات متلازمة تقود إلى النار.
5- مقياس القيمة عند الله يختلف عن مقياس الناس: الناس ينظرون إلى الجاه والمال والقوة، ولكن الله ينظر إلى القلوب والأخلاق والتقوى. فذلك الضعيف المتواضع أعظم قدراً عند الله من ذي الجاه المتكبر.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تُعرف بـ "أحاديث الصفات"، أي التي تصف فئة من الناس بصفات تدل على مصيرهم في الآخرة.
- ينبغي للمسلم أن يجاهد نفسه ويتخلى عن صفات الكبر والقسوة والبخل، وأن يحرص على اكتساب خلق التواضع والرحمة والسخاء.
- التواضع لا يعني الذلة أو المهانة، بل هو الخضوع للحق وقبوله من أي أحد، واللين مع الناس.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الضعفاء المتضعفين، وأن يقينا صفات الجواظ العتل المستكبر، وأن يدخلنا جنات النعيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأيمان والنذور (٦٦٥٧) ومسلم في الجنة (٢٨٥٣) كلاهما من طريق شعبة، حدثني معبد بن خالد، أنه سمع حارثة بن وهب، فذكره.
قوله: «كل ضعيف» أي فقير.
«متضعّف» أي الناس يستضعفونه ويحتقرونه.
«لو أقسم على الله لأبرّه» أي لو حلف يمينًا على شيء أن يقع طمعًا في كرم الله بإبراره لأبرّه وأوقعه لأجله.
«الجوّاظ»: هو المختال في مشيته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 12 من أصل 103 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف

  • 📜 حديث: ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب