متى وجبت لك النبوة؟ قال وآدم بين الروح والجسد

حديث: متى وجبت لك النبوة؟ قال وآدم بين الروح والجسد

عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول اللَّه، متى وجبت لك النبوة؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد».

صحيح: رواه الترمذيّ (٣٦٠٩) عن أبي همام الوليد بن شجاع بن الوليد البغدادي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر الحديث مثله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول اللَّه، متى وجبت لك النبوة؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث التي تُبيّن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وعلوّ قدره عند الله تعالى. وسأشرحه لكم وفق النقاط المطلوبة، مستندًا إلى كبار شرّاح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول اللَّه، متى وجبت لك النبوة؟ قال: «وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالجَسَدِ».

1. شرح المفردات:

* وَجَبَتْ: ثبتت واستقرت واقتضتها المشيئة الإلهية الأزلية.
* النُّبُوَّة: هنا يُقصد بها اصطفاء الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم واختياره له لتلك المنزلة العظيمة في علم الله الأزلي، وليس بدء تلقي الوحي الذي كان في غار حراء.
* بَيْنَ الرُّوحِ وَالجَسَدِ:形容 الحالة التي كان عليها سيدنا آدم عليه السلام حين خُلِق جسدُه ونُفخَت فيه الروح، فهو لم يصبح إنسانًا حيًا كاملًا بعد، بل في تلك اللحظة الفاصلة بين اكتمال الخَلق ونفخ الروح.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يسأل الصحابة الكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزمن الذي ثبتت فيه نبوته واختياره لهذه الرسالة الخاتمة. فيجيبهم النبي صلى الله عليه وسلم جوابًا عجيبًا يُظهر تقديره في علم الله تعالى، فيقول إن الله تعالى قد اختاره واصطفاه لنبوته ورسالته قبل أن يُخلق آدم عليه السلام بألوف السنين، بل وقبل أن تُنفخ الروح في جسد أبينا آدم، وهو أول البشر.
فالمعنى: أن مقام النبوة والرسالة كان مكتوبًا له ومقدرًا في اللوح المحفوظ منذ الأزل، قبل وجود أي بشر على وجه الأرض.

3. الدروس المستفادة منه:

1- علوّ منزلة النبي صلى الله عليه وسلم وسبق اختياره: يُبيّن الحديث المكانة السامية التي تبوأها النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه، فهو مختار من قبل أن يخلق العالم، مما يوجب على المسلمين محبته وتوقيره واتباعه حق الاتباع.
2- إثبات علم الله الأزلي وقدرته السابقة: الحديث دليل على سعة علم الله تعالى وإحاطته بكل شيء، وأنه قدّر المقادير قبل خلق الخلائق.
3- الرد على من طعن في نبوته: فيه ردّ بليغ على من زعم أن النبوة أمر طارئ أو أنه صلى الله عليه وسلم ادعاها بنفسه، فهي هبة ومنّة إلهية قديمة.
4- التفكر في عظيم نعمة الله بالأمة: فاختيار الله لهذا النبي الكريم هو من أعظم النعم على البشرية جمعاء، فهو النبي الذي أرسله الله رحمة للعالمين.
5- التواضع النبوي: مع هذه المنزلة العظيمة، كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعًا لله ولعباده، فلم يغتر بهذا المقام، بل ظل عبدًا لله وشكورًا.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* مصدر الحديث: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، والحاكم في المستدرك، وقال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ". وهو حسن.
* الفارق بين "النبوة" و"الرسالة" في هذا السياق: المقصود هنا أصل الاصطفاء والاختيار للنبوة في علم الله تعالى، وليس بدء الوحي والتكليف بالبلاغ الذي كان في غار حراء. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان نبيًا وهو آدم بين الروح والجسد (أي مُختارًا لهذا المقام)، وأُرسل رسولاً بعد أن نزل عليه الوحي بـ "اقرأ".
* من كلام العلماء: يقول الإمام المناوي في "فيض القدير": "أي كنت نبيًا ولا نبي غيري حينئذٍ في العلم أو في اللوح، أو كنت معدودًا في الأنبياء... فمعناه وجبت لي النبوة في الأزل".
* حكمة السؤال والجواب: سأل الصحابة عن وقت وجوب النبوة له ظنًا منهم أنه قد يكون عند البعثة، فجاءهم الجواب بما هو أعظم مما تصوّروا ليزيدهم يقينًا بعظمة نبيهم وصدق رسالته.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٣٦٠٩) عن أبي همام الوليد بن شجاع بن الوليد البغدادي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر الحديث مثله.
قال الترمذيّ: «حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة، لا نعرفه إلا من هذا الوجه».
ومن هذا الوجه، أخرجه الآجري في الشريعة (٩٤٦) وفيه «بين خلق آدم ونفخ الروح فيه» ورواه أيضًا من وجه آخر عن الوليد بن مسلم (٩٤٦) وأخرجه الحاكم (٢/ ٦٠٩) من هذا الوجه شاهدا الحديث ميسرة الفجر.
ومعنى هذا الحديث إن اللَّه قدَّر نبوة محمد ﷺ قبل أن يخلق آدم قضاءً، ثم ولد ولادة طبيعية من بطن أمه، وبعد أن بلغ أربعين سنة نُبّئ، فمن زعم أنه خلق قبل آدم، أو كان نبيا عند ولادته فقد خالف النصوص الصريحة الصحيحة.
وقد رُوي أيضًا عن ابن عباس إلا أنه ضعيف ولفظه:
قيل: يا رسول اللَّه متى كُتبت نبيا؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد».
رواه البزار - كشف الأستار (٢٣٦٤) عن محمد بن عُمارة بن صبيح، ثنا نصر بن مزاحم، ثنا قيس، عن جابر، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: فذكر الحديث.
وفيه جابر وهو ابن يزيد الجعفي كذبوه، وفي التقريب: «ضعيف رافضي»، وبه أعله الهيثمي في «المجمع» (٨/ ٢٢٣).
وأما ما روي: «وكنت نبيا وآدم بين الماء والطين» فهو حديث موضوع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «هذا باطل نقلا وعقلا، فإن آدم ليس بين الماء والطين، بل الطين ماء وتراب، ولكن كان
بين الروح والجسد. فهذا ونحوه فيه علم اللَّه بالأشياء قبل كونها. وكتابته إياه، وإخباره بها». مجموع فتاواه (١٨/ ٣٩٩) وأورد الحافظ ابن القيم في إعلام الموقعين (٤/ ٢٧٤) وقال: العوام يروونه: بين الماء والطين. قال شيخنا: هذا باطل وفي الباب أيضًا حديث العرباض بن سارية: «إني عند اللَّه لخاتم النبيين، وإن آدم عليه السلام لمنجدل في طينته» وسيأتي في باب وجوب الإيمان بأن النبي ﷺ لخاتم النبيين.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 709 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: متى وجبت لك النبوة؟ قال وآدم بين الروح والجسد

📜 حديث: متى وجبت لك النبوة؟ قال وآدم بين الروح والجسد

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: متى وجبت لك النبوة؟ قال وآدم بين الروح والجسد

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: متى وجبت لك النبوة؟ قال وآدم بين الروح والجسد

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: متى وجبت لك النبوة؟ قال وآدم بين الروح والجسد

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية