تحريم الخمر من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل

حديث: تحريم الخمر من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل

عن ابن عمر قال: خطب عمر على منبر رسول الله ﷺ فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء، العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل، والخمر ما خامر العقل.
وثلاثٌ وددتُ أن رسول الله ﷺ لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهدا: الجدُّ، والكلالةُ، وأبواب من أبواب الربا.
قال: قلتُ: يا أبا عمرو، فشيء يُصنع بالسّند من الأرز؟ قال: ذاك لم يكن على عهد النبي ﷺ، أو قال: على عهد عمر.
وفي رواية: «الزبيب» مكان «العنب».

متفق عليه: رواه البخاري في الأشربة (٥٥٨٨)، ومسلم في التفسير (٣٠٣٢: ٣٢) كلاهما من طريق أبي حيان التيمي، عن الشعبي، عن ابن عمر قال فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يحكي لنا لحظة تاريخية فارقة في تاريخ الإسلام، ويفيض بحكمة وورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
دعنا نتناول شرح هذا الحديث النبوي الشريف جزءاً جزءاً، معتمدين على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. شرح المفردات
● خطب عمر على منبر رسول الله ﷺ: أي ألقى خطبة أمام الناس.
● نزل تحريم الخمر: أي أنزل الله تعالى الآيات التي حرمت فيها الخمر تحريماً قاطعاً.
● ما خامر العقل: الخمر هو كل ما *غَطَّى* العقل وسَتَرَه وأفسده، من الفعل (خامر) أي غطى وستر.
● وددت: تمنيت.
● لم يفارقنا: لم يمت ويفارق الدنيا.
● يعهد إلينا عهداً: يبين لنا بياناً واضحاً لا لبس فيه.
● الجد: والد الأب.
● الكلالة: من مات وليس له ولد ولا والد (أي لا فرع ولا أصل).
● أبواب من أبواب الربا: بعض المسائل الدقيقة والمتشابهة في باب الربا.
● يُصنع بالسند من الأرز: السند هي بلاد (باكستان والهند اليوم)، أي شراب يتخمر من الأرز.
### ثانياً. شرح الحديث
ينقسم الحديث إلى شقين رئيسيين:
الشق الأول: إعلان تحريم الخمر وتحديد ماهيتها
في هذا الجزء، يخبرنا الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب خطب في الناس على منبر النبي ﷺ (وهو مكان عالٍ للخطابة وإبلاغ الأمور المهمة) ليعلن حكماً إلهياً عظيماً، وهو تحريم الخمر تحريماً قاطعاً بعد أن كانت محرمة على التدريج.
ثم بين عمر رضي الله عنه مصادر الخمر الأساسية التي كانت معروفة في ذلك الزمان، وهي:
1- العنب (أو الزبيب في رواية أخرى، والزبيب هو العنب المجفف).
2- التمر.
3- الحنطة (القمح).
4- الشعير.
5- العسل.
ثم أعطى عمر رضي الله عنه تعريفاً شرعياً جامعاً للخمر، فقال: "والخمر ما خامر العقل". وهذا تعريف قاطع ومُحكم، لأنه لا يقتصر على هذه الأنواع الخمسة، بل يشمل *كل شراب أسكر*، سواء كان مصنوعاً من هذه المواد أو من غيرها كالأرز والذرة والباذنجان وغيرها، ما دام أنه يغطي العقل ويذهب به. وهذا من فقه عمر العميق رضي الله عنه، حيث جعل العلة هي الإسكار، فكل ما أسكر من شراب فهو حرام.
الشق الثاني: تمني عمر رضي الله عنه بيان بعض المسائل الدقيقة
هنا يعبر عمر بن الخطاب عن مشاعره الورعة وحبه الشديد للبيان النبوي الواضح، فيقول: "ثلاث وددت أن رسول الله ﷺ لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهدا" أي: ثلاثة أمور كنت أتمنى لو أن النبي ﷺ عاش بيننا أكثر حتى يبينها لنا بياناً شافياً لا غموض فيه. وهذه الأمور هي:
1- الجد (والد الأب): والمقصود هنا هو حكم الجد في الميراث عندما يجتمع مع الإخوة. هذه مسألة معقدة وقع فيها اجتهاد بين الصحابة، وكان عمر يتمنى لو أن النبي ﷺ فصل فيها تفصيلاً يزيل الخلاف.
2- الكلالة: وهي كما عرفنا من مات وليس له ولد ولا والد. وقد نزلت آيات في القرآن بشأنها (سورة النساء)، ولكن بعض التفاصيل كانت تحتاج إلى مزيد بيان من النبي ﷺ.
3- أبواب من أبواب الربا: الربا من أعظم المحرمات، وفيه أنواع وأحكام دقيقة ومتشابهة، كان عمر يتمنى لو أن النبي ﷺ بينها جميعاً حتى لا يقع أحد في شبهة.
ثم يسأل الراوي (وهو أبو سلمة بن عبدالرحمن) التابعي الجليل أبا عمرو (وهو عبدالله بن قيس الأساري) عن شراب يصنع من الأرز في بلاد السند، فيجيبه: "ذاك لم يكن على عهد النبي ﷺ، أو قال: على عهد عمر". هذه الإجابة ذكية، فهي تشير إلى أن هذا الشراب المستجد يدخل تحت التعريف العام الذي وضعه عمر رضي الله عنه: "ما خامر العقل". فما دام أنه يسكر فهو خمر محرم، حتى لو كان من مادة لم تكن معروفة في زمن النبي ﷺ.
### ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر
1- حكمة التحريم التدريجي: تحريم الخمر لم يكن دفعة واحدة، بل نزل على مراحل، مما يدل على حكمة التشريع الإسلامي ومراعاته للنفوس البشرية وتأهيلها لترك المعاصي.
2- الاجتهاد في تطبيق النصوص: عمر رضي الله عنه لم يقتصر على المواد المذكورة، بل استنبط العلة (الإسكار) وحرم كل ما achievesها، وهذا أصل عظيم من أصول الفقه (قاعدة: العلة موجودة في غير المنصوص عليه).
3- ورع الصحابة وشدة حرصهم: تمني عمر لو أن النبي ﷺ بين له هذه المسائل دليل على شدة ورعه وخوفه من الوقوع في الخطأ في الدين، مع أنه كان من أعلم الصحابة وأجرأهم على القضاء والفتوى.
4

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأشربة (٥٥٨٨)، ومسلم في التفسير (٣٠٣٢: ٣٢) كلاهما من طريق أبي حيان التيمي، عن الشعبي، عن ابن عمر قال فذكره. والرواية الأخرى لهما أيضا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 34 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تحريم الخمر من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل

📜 حديث: تحريم الخمر من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تحريم الخمر من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تحريم الخمر من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تحريم الخمر من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية