حديث: التي أمر بها رسول الله حين حرمت الخمر أن تكسر دنانها
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب تفسير الخمر التي نزل تحريمها
صحيح: رواه الدارقطني (٤٦٥٢)، وأحمد بن منيع في مسنده - كما في المطالب العالية (١٨٢٥) - من طريق حسين بن محمد، ثنا شيبان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن عبد الله بن أبي الهذيل .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا وفق منهج أهل السنة والجماعة:
الحديث:
عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: كان عبد الله (يقصد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما) يحلف بالله إن التي أمر بها رسول الله ﷺ حين حُرمت الخمر أن تُكسر دنانُه، وأن تكفأ: لِمن التمر والزبيب.
1. شرح المفردات:
● يَحلِفُ بالله: يقسم بالله تعالى تأكيدًا على صحة ما يرويه.
● حُرِّمَتِ الخمر: أي نزل تحريم الخمر وتحويلها من الإباحة إلى الحرمة.
● تُكسر دِنانُه: الدنان جمع "دَنّ" وهو الإناء الكبير الذي يُخَزَّن فيه الشراب، والمقصود تكسير هذه الأواني.
● تُكفأ: تُقلب وتُسكب على الأرض لإهدار محتوياتها.
● لِمن التمر والزبيب: أي الخمر المصنوعة من التمر والزبيب، وهي أنواع الخمر المعروفة في ذلك الوقت.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث يرويه عبد الله بن أبي الهذيل عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حيث يحلف ابن عمر بالله أن رسول الله ﷺ حين حُرِّمت الخمر أمر بتكسير دنانها (أوعيتها) وإراقتها (سكبها على الأرض). والمقصود بالخمر هنا: ما كان معتادًا عند العرب من خمر التمر والزبيب.
السياق التاريخي:
تحريم الخمر لم يكن دفعة واحدة، بل كان على مراحل، وآخر آية نزلت في التحريم هي قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة: 90).
فلما نزلت، أمر النبي ﷺ بإتلاف الخمر الموجودة آنذاك، سواءً بسكبها أو تكسير أوعيتها.
لماذا التكسير والإراقة؟
- إعلانًا للبراءة منها وقطعًا لأي تعلق بها.
- منعًا لأي احتمال أن يستخدمها أحد بعد تحريمها.
- تطبيقًا عمليًّا لأمر الله تعالى باجتناب الرجس.
3. الدروس المستفادة:
1- الامتثال الفوري لأمر الله ورسوله: الصحابة رضي الله عنهم لم يتأخروا في تنفيذ الأمر، بل بادروا إلى إتلاف الخمر فور تحريمها.
2- الحسم في الأمور المحرمة: ليس هناك مجال للمساومة في المحرمات، بل يجب القطع معها بشكل كامل.
3- التأكيد على تحريم الخمر: الخمر من الكبائر، وهي رجس من عمل الشيطان، ويجب اجتنابها بكل أشكالها.
4- أهمية التوثيق والحلف للتقوية: مثل حلف ابن عمر رضي الله عنهما يؤكد حرص الصحابة على نقل السنة بدقة وتأكيد صحتها.
5- التضحية بالمكاسب الدنيوية لأجل الطاعة: الخمر كانت ذات قيمة مادية، لكنهم فضلوا طاعة الله على متاع الدنيا.
4. معلومات إضافية:
- الخمر محرمة إجماعًا، وهي أم الخبائث، وهي سبب لكثير من المفاسد الاجتماعية والاقتصادية والصحية.
- من حكمة الإسلام التدرج في التحريم، حيث نزلت آيات تتحدث عن مضار الخمر قبل التحريم القاطع.
- يجب على المسلم أن يبتعد عن كل ما يؤدي إلى الحرام، فلا يشرب الخمر ولا يبيعها ولا يشارك في إنتاجها أو نقلها.
- هذا الحديث يدل على عظمة الصحابة رضي الله عنهم في تطبيقهم العملي للإسلام، حيث لم يترددوا في تنفيذ أمر النبي ﷺ فور نزوله.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يباعد بيننا وبين المعاصي والمنكرات. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده صحيح. عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه. وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي البصري.
وحسين بن محمد هو المروزي.
وقوله: «دِنانه«جمع الدن وهو وعاء كبير.
قال أبو عبيد: «جاءت في الأشربة آثار كثيرة بأسماء مختلفة عن النبي ﷺ وأصحابه، وكلٌّ له تفسير.
فأولها: الخمر وهي ما غلي من عصير العنب واشتد، فهذا ما لا خلاف في تحريمه بين المسلمين، وإنما الاختلاف في غيره.
ومنها: السكر وهو نقيع التمر الذي لم تمسه النار، أو هو النيئ من ماء الرطب إذا غلى واشتد، وقذف بالزبد. وفيه يروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «السكر خمر».
ومنها: البتع وهو نبيذ العسل.
ومنها: الجعة وهو نبيذ الشعير.
ومنها: المزر وهو من الذرة.
ومنها: الفضيخ وهو ما افتضخ من البسر من غير أن تمسه النار.
وقال: فإن كان مع البسر تمر، فهو الذي يسمى الخليطين، وكذلك إن كان زبيبا وتمرا فهو مثله.
ومن الأشربة: المنصف وهو أن يطبخ عصير العنب قبل أن يغلي حتى يذهب نصفه وقد بلغني أنه يسكر، فإن كان يسكر فهو حرام، وإن طبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فهو الطلاء، وإنما سمي بذلك؛ لأنه شبه بطلاء الإبل في ثخنه وسواده، وبعض العرب يجعل الطلاء الخمر بعينها، يروى أن عبيد بن الأبرص قال في مثل له:
هي الخمر تكنى الطلاء كما الذئب يكنى أبا جعدة.
قال: وكذلك الباذق، وقد يسمى به الخمر، والمطبوخ، وهو الذي يروى فيه الحديث عن ابن عباس أنه سئل عن الباذق فقال: «سبق محمد الباذق وما أسكر فهو حرام». وإنما قال ابن عباس ذلك؛ لأن الباذق كلمة فارسية عربي فلم يعرفها. ثم قال: وهذه الأشربة المسماة عندي كلها كناية عن اسم الخمر، ولا أحسبها إلا داخلة في حديث النبي ﷺ: «إن ناسا من أمتي يشربون الخمر باسم يسمونها به». قال: ومما يبينه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «الخمر ما خامر العقل». انظر: السنن الكبرى (٨/ ٢٩٥).
ومن الأشربة: نقيع الزبيب وهو اسم للنيئ من ماء الزبيب المنقوع في الماء حتى خرجت حلاوته من غير طبخ واشتد وقذف بالزبد.
ومنها: الجهوري وهو الطلاء الذي يلقى فيه الماء حتى يرق ويعود إلى المقدار الذي كان في الأصل، ثم طبخ بأدنى طبخة وصار مسكرا.
فالمسكر كله حرام من أي نوع كان، فإنه هو الخمر المحرمة في القرآن والسنة والإجماع، وهو
مذهب أهل الحجاز من الصحابة التابعين، وذهب إليه من الفقهاء أئمة الفتوى بالأمصار: مالك والليث والشافعي وأحمد والأوزاعي وأبو ثور وإسحاق وداود وغيرهم. وهو الذي تشهد به الآثار الثابتة عن النبي ﷺ وتشهد به اللغة في معنى الخمر، وهو الذي لم يعرف الصحابة غيره حين نزول القرآن بتحريمها. انظر للمزيد: المنة الكبرى (٧/ ٣٥٥ - ٣٥٦).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 41 من أصل 147 حديثاً له شرح
- 16 من شرب الخمر وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا
- 17 من مات من أمتي وهو يشرب الخمر
- 18 من ترك الصلاة سكرًا فكأنما سلب الدنيا وما عليها
- 19 لا تشرب المسكر ولا تسقيه أخاك المسلم
- 20 أعظم الكبائر شرب الخمر
- 21 من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة
- 22 مدمن الخمر لا يدخل الجنة
- 23 لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر
- 24 اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر
- 25 يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف
- 26 يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها
- 27 يسمونها بغير اسمها فيستحلونها
- 28 يشربون الخمر في آخر الزمان يسمونها بغير اسمها
- 29 الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة
- 30 حرمت الخمر فأكفئوها
- 31 حرمت علينا الخمر حين حرمت
- 32 ما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر
- 33 تحريم الخمر وما بالمدينة منها شيء
- 34 تحريم الخمر من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل
- 35 إن من العنب خمرًا ومن التمر خمرًا
- 36 نهى رسول الله عن خاتم الذهب
- 37 هذا آخر العهد بالخمر
- 38 تحريم النبيذ للعجوز الكبيرة التي لا تأكل الطعام
- 39 لا تطعموا الغبيراء
- 40 خمرتنا يومئذ الفضيخ وحرمت يوم حرمت
- 41 التي أمر بها رسول الله حين حرمت الخمر أن تكسر...
- 42 تحريم كل شراب مسكر
- 43 إن شرابا يصنع بأرضنا يقال له: المزر من الشعير، وشراب...
- 44 كل مسكر خمر وكل مسكر حرام
- 45 نهيتكم عن الظروف وإن الظروف لا يحل شيئا ولا يحرمه
- 46 ما أسكر فهو حرام
- 47 ينبذ في النقير والمزفت والدباء والحنتمة
- 48 كل مسكر حرام وكل مسكر خمر
- 49 معنى كل مسكر حرام
- 50 اشرب ولا تشرب مسكرًا
- 51 كل ما أسكر فهو حرام
- 52 تحريم المسكرات
- 53 اشربوا ما لا يسفّه أحلامكم ولا يُذهب أموالكم
- 54 نهى رسول الله عن كل مسكر ومفتر
- 55 ما أسكر كثيره فقليله حرام
- 56 كل مسكر حرام وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه...
- 57 ما اسكر كثيره فقليله محرم
- 58 عن قليل ما أسكر كثيرُه
- 59 كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام
- 60 وجوب اخراج خمس الغنائم في الاسلام
- 61 عليكم بأسقية الأدم التي يلاث على أفواهها
- 62 نهي النبي عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت
- 63 في أسقية الأدم التي يلاث على أفواهها وإن أكلتها الجرذان
- 64 لا تشربوا في النقير ولا في الدباء ولا في الحنتمة
- 65 نهي النبي ﷺ عن الانتباذ في الدباء والنقير والمزفت والحنتم
معلومات عن حديث: التي أمر بها رسول الله حين حرمت الخمر أن تكسر دنانها
📜 حديث: التي أمر بها رسول الله حين حرمت الخمر أن تكسر دنانها
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: التي أمر بها رسول الله حين حرمت الخمر أن تكسر دنانها
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: التي أمر بها رسول الله حين حرمت الخمر أن تكسر دنانها
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: التي أمر بها رسول الله حين حرمت الخمر أن تكسر دنانها
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








