حديث: ينبذ في النقير والمزفت والدباء والحنتمة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كل مسكر خمر وكل خمر حرام

عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ أن يُنبذ في النقير، والمزفت، والدبّاء، والحنتمة، وقال: «كل مسكر حرام».

حسن: رواه النسائي (٥٥٨٨، ٥٥٨٩)، وابن ماجه (٣٤٠١)، وأحمد (٩٥٣٩، ١٠٥١٠)، وصحّحه ابن حبان (٥٤٠٨) كلهم من طرق عن محمد بن عمرو، ثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ أن يُنبذ في النقير، والمزفت، والدبّاء، والحنتمة، وقال: «كل مسكر حرام».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحاً وافياً، معتمداً على كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة:

الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله ﷺ أن يُنبذ في النقير، والمزفت، والدبّاء، والحنتمة، وقال: «كل مسكر حرام».
(رواه الإمام مسلم في صحيحه)


1. شرح المفردات:


● يُنْبَذُ: النَّبْذ هو نقع التمر أو الزبيب أو نحوهما في الماء حتى يتحول إلى شراب حلو قبل أن يصل إلى مرحلة الإسكار (يصبح نبيذاً). والإنباذ هو عملية صنعه.
● النَّقِير: هو إناء صغير يُصنع من جذع النخلة، حيث يُنقر (يُحفر) فيه ليوضع فيه الشيء.
● المُزَفَّت: هو الوعاء الذي طلي داخله بالزفت (القار) لمنع تسرب السوائل. وكانوا يفعلون ذلك بالجلود والأوعية الخشبية.
● الدُّبَّاء: هو القرع اليابس (اليقطين)، وكانوا يتخذون من قشرته اليابسة وعاءً.
● الحَنَتَمَة: هي الجرة الخضراء المصنوعة من الفخار، والتي لم تُحرق بالنار جيداً فتبقى فيها رطوبة ومسام.


2. شرح الحديث:


ينقسم شرح هذا الحديث إلى قسمين:
أولاً: النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية الأربعة:
نهى النبي ﷺ عن صنع النبيذ (المنقوع الذي سيصبح شراباً) في هذه الأوعية الخاصة. والحكمة من هذا النهي تعود إلى طبيعة هذه الأوعية نفسها:
● النقير: هو من الخشب وبه مسام، مما يساعد على تخمر السائل بسرعة بسبب تفاعله مع الهواء.
● المزفت: طلاء الزفت يسخن بسرعة تحت الشمس، مما يسرع عملية التخمر وتحول الشراب إلى مسكر.
● الدباء: قشرة القرع رقيقة ومسامية، وتتفاعل مع السائل مما يسرع تخمره.
● الحنتمة: الفخار الأخضر غير المشوي جيداً له خصائص كيميائية تساعد على تخمر السائل بسرعة شديدة.
فالنهي هنا ليس لأن الأوعية نفسها محرمة، ولكن لأنه وسيلة وذريعة قوية تؤدي بسرعة إلى تحول الشراب الحلو (النبيد) إلى شراب مسكر (خمر). والشريعة الإسلامية تسد الذرائع الموصلة إلى المحرمات. فنهى عنها النبي ﷺ سداً للباب ومنعاً لأي شبهة أو فرصة لشرب المسكر.
ثانياً: القاعدة العامة: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»:
هذه الجملة هي أساس الحكم وعلته. فهي قاعدة شرعية كبرى لا استثناء فيها. فكل شراب أو مادة تذهب العقل وتُسكر، سواء كان أصله من العنب أو التمر أو الشعير أو أي شيء آخر، فهو حرام بجميع أنواعه وأشكاله، قليله وكثيره.
فالنهي عن الأوعية كان إجراءً وقائياً، ولكن الحكم النهائي والمطلق هو تحريم ذات المادة المسكرة، بغض النظر عن وعائها أو أصلها.


3. الدروس المستفادة منه:


1- سد الذرائع: من أعظم مقاصد الشريعة سد كل باب يوصل إلى الحرام. فليس الحرام هو الفعل المحرم فقط، بل كل ما كان وسيلة إليه ويسهل الوقوع فيه.
2- الحكمة التشريعية: أوامر الله تعالى ونواهيه مليئة بالحكم والمصالح للعباد، سواء علموها أم لم يعلموها. النهي عن هذه الأوعية كان لحماية الناس من تلقاء أنفسهم.
3- التحذير من الخمر: الحديث يؤكد على خطورة الخمر وكل مسكر، ويبين حرص الشريعة على صيانة العقل الذي هو من أعظم النعم.
4- العموم والشمول: قاعدة «كل مسكر حرام» شاملة لكل زمان ومكان، وهي تنسخ أي عادات أو تقاليد سابقة على الإسلام. فلا حجة لأحد بوجود مشروب مسكر في ثقافة ما، فحكم الله فيه واضح.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على تحريم كل وعاء يساعد في تسريع التخمر والإسكار، ولو لم يكن من هذه الأوعية الأربعة، تطبيقاً لعلة النهي.
- الحديث دليل على أن النهي عن الخمر ليس خاصاً بنبيذ العنب فقط، بل يعم كل ما يسكر من أي مادة كانت.
- هذا النهي كان تدريجياً في بداية الإسلام، ثم جاء التحريم القاطع والمطلق، كما في هذا الحديث وغيره، ليُزال أي لبس في المسألة.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على فهم سنّة نبيه ﷺ والعمل بها، وأن يجنبنا كل ما يغضبه ويضرنا في ديننا ودنيانا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٥٥٨٨، ٥٥٨٩)، وابن ماجه (٣٤٠١)، وأحمد (٩٥٣٩، ١٠٥١٠)، وصحّحه ابن حبان (٥٤٠٨) كلهم من طرق عن محمد بن عمرو، ثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
واقتصر النسائي وأحمد في الموضع الأول على قوله: «كل مسكر حرام».
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو هو: ابن علقمة بن وقاص الليثي فإنه حسن الحديث.
وأبو سلمة هو: ابن عبد الرحمن بن عوف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 47 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ينبذ في النقير والمزفت والدباء والحنتمة

  • 📜 حديث: ينبذ في النقير والمزفت والدباء والحنتمة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ينبذ في النقير والمزفت والدباء والحنتمة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ينبذ في النقير والمزفت والدباء والحنتمة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ينبذ في النقير والمزفت والدباء والحنتمة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب