كل مسكر خمر وكل مسكر حرام

حديث: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام

عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «كل مسكر خمر، كل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يُدمنها لم يتُبْ لم يشربها في الآخرة».

متفق عليه: رواه مسلم في الأشربة (٢٠٠٣: ٧٣) من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر من خطر المسكرات ويبين عقوبة مدمنها. وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله، معتمداً على كبار شراح الحديث.
الحديث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ».
رواه الإمام مسلم في صحيحه.

أولاً. شرح المفردات:

● مُسْكِر: كل شراب أو مادة تغيب العقل وتُذهبه، سواء كان من العنب أو غيره.
● خَمْر: في الأصل هي ما يُتخذ من عصير العنب، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم وسع المعنى هنا.
● يُدْمِنُهَا: أي يعتاد على شربها ويواظب عليه، فهو مدمن لها لا يفارقها.
● لَمْ يَتُبْ: لم يتب إلى الله توبة نصوحاً تَقْبَلُها شروط التوبة المعروفة (الإقلاع، الندم، العزم على عدم العودة).
● لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ: أي حُرِمَ منها في الجنة، حيث إن الخمر من نعيم الجنة لأهلها، كما قال تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} [الصافات: 45].

ثانياً. شرح الحديث:

ينقسم الحديث إلى ثلاث جمل رئيسية،每句 تحمل تحذيراً وعبرة:
1- «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ»:
هنا يوسع النبي صلى الله عليه وسلم مفهوم "الخمر" الشرعي. فليس التحريم مقصوراً على ما خمر من العنب فقط، بل يشمل كل ما أسكر من أي مادة كانت، سواء كان من الحبوب كالبيرة، أو من الثمار، أو كان مخدراً أو دواءً إذا كان غايته الإسكار. وهذا قاعدة عظيمة تُحَرِّم كل المسكرات والمخدرات المعاصرة بأسمائها المختلفة.
2- «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»:
هذه الجمة تؤكد حكم الأولى وتقرره. فالحرمة ليست للاسم، بل للوصف وهو "الإسكار". فما أسكر كثيره فقليله حرام. وهذا تحريم قاطع لا لبس فيه، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة.
3- «وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ»:
هنا بيان للعاقبة الوخيمة للمدمن الذي يموت على هذه المعصية. والعقوبة من جنس العمل:
● في الدنيا: حُرِمَ من لذة العقل والصحة والمال والوقار.
● في الآخرة: يُحْرَم من نعيم الجنة الذي فيه خمر لا يصدع الرأس ولا يُذهب العقل، كما قال تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} [الصافات: 47]. وهذا الحرمان من نعيم الجنة هو عقوبة له على تعلقه بنعيم محرم زائل في الدنيا.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- شدة تحريم المسكرات والمخدرات: الحديث يضع قاعدة كلية تحرم كل ما يغيب العقل ويُذهبه، مما ينسحب على جميع أنواع المخدرات والمشروبات الكحولية في عصرنا.
2- خطر الإدمان والموت على المعصية: التحذير من الاستمرار في المعصية وعدم المبادرة إلى التوبة، فإن الموت على الإدمان من غير توبة يؤدي إلى حرمان العبد من نعيم الجنة.
3- العدل الإلهي: العقوبة في الآخرة من جنس الذنب. من تعلق بخمر الدنيا المحرمة، حُرِمَ خمر الآخرة المباحة الطيبة.
4- الحث على التوبة: الحديث يحث كل من وقع في هذه المعصية أن يبادر إلى التوبة النصوح قبل أن يفاجئه الموت وهو على تلك الحال.
5- سعة رحمة الله: الحرمان من شرب الخمر في الآخرة خاص بمن مات مدمنًا غير تائب. أما من تاب تاب الله عليه، وغفر له ذنبه، وهو من أهل الجنة ينعم بما فيها.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل من أصول تحريم الخمر، وقد أجمع علماء المسلمين على تحريم كل مسكر.
- بعض الفقهاء يستدل بهذا الحديث على أن تارك التوبة من الكبائر تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، لكن صاحب هذه المعصية التي مات عليها بغير توبة قد توعد بحرمان خاص من نعيم الجنة.
- ينبغي للمسلم أن يحذر من التساهل في هذا الأمر، وأن يعلم أن شرب المسكرات من الكبائر التي تهلك صاحبها في الدنيا والآخرة.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا وإياك من كل ما يغضبه، وأن يوفقنا للتوبة النصوح قبل الموت.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (٢٠٠٣: ٧٣) من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال .. فذكره.
ورواه البخاري في الأشربة (٥٥٧٥) من طريق مالك، عن نافع، به مقتصرا على الشطر الثاني بلفظ: «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حُرمها في الآخرة». وهو في الموطأ في الأشربة (١١).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 44 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام

📜 حديث: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية