نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

حديث: نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

عن عائشة قالت: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء، والحنتم، والنقير والمزفت. وفي رواية: «المزفت» بدل «المقير».

صحيح: رواه مسلم في الأشربة (١٩٩٥: ٣٨) عن يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، حدثنا إسحاق بن سويد، عن معاذة، عن عائشة فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عائشة قالت: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء، والحنتم، والنقير والمزفت. وفي رواية: «المزفت» بدل «المقير».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.

الحديث بلفظيه:

روى الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ". وفي رواية أخرى: "والمُقِير" بدل "المُزَفَّت".

1. شرح المفردات:

* الدُّبَّاء: (بضم الدال وتشديد الباء) هو القرع، ويُقصد هنا الأوعية التي كانت تُتَّخَذ من قشوره بعد تجفيفها لتحفظ فيها السوائل كاللبن والماء.
* الحَنْتَم: (بفتح الحاء وسكون النون) هي جِرار خضراء كانت تُصنع من الطين وتُحرق، وكانت معروفة في الجاهلية، وغالبًا ما تُستخدم لشرب الخمر.
* النَّقِير: (بفتح النون وكسر القاف) هو أصل النخلة يُنقر (يُحفر) في وسطه ليتخذ وعاءً يُخزَّن فيه التمر أو يُشرب فيه.
* المُزَفَّت: (بضم الميم وفتح الزاي وتشديد الفاء) هو الوعاء الذي طُليَ بالقار (الزفت) من الداخل لمنع تسرب السوائل. وكان هذا الطلاء يساعد على تخمر العصير وتحوله إلى خمر بسرعة.
* المُقِير: (بضم الميم وكسر القاف) هو وعاء من الجلد يُدبغ بالقار (الزفت) أيضًا، فمعناه قريب من "المزفت".
فالروايتان متقاربتان في المعنى، وكلاهما يدل على النهي عن الأوعية المطلية بمادة سريعة التفاعل تساعد على تخمر المحتويات.

2. شرح الحديث:

نهى النبي ﷺ عن استخدام هذه الأوعية الأربعة لِخَزْنِ الْعَصَائِرِ الَّتِي قَدْ تَتْخَمَّرُ وَتَصِيرُ خَمْرًا، كعصير العنب والتمر ونحوهما.
الحكمة من النهي:
لم يكن النهي لذات هذه الأوعية، بل لما تؤول إليه من后果. فقد كانت هذه الأوعية - بسبب طبيعتها المسامية أو طلائها - تُسْرِعُ في عملية تخمُر العصائر وتحولها إلى خمر، وهي مادة محرمة بإجماع المسلمين. فكان النهي وقايةً من الذريعة المؤدية إلى المحرم.
هل النهي للتحريم أم للكراهة؟
جمهور العلماء على أن النهي هنا للتحريم، لأنه وسيلة مؤكدة إلى إيجاد الخمر، والوسائل لها أحكام المقاصد. وقيل للكراهة التنزيهية إذا لم يكن القصد منها حفظ ما يتخمر.
ماذا نستخدم إذن؟
أرشد النبي ﷺ إلى استخدام الأوعية الآمنة التي لا تساعد على التخمر، كـ الظُّرُوفِ الأُخْرَى التي ذكرها في أحاديث أخرى، مثل:
* الْأَوَانِي (القدور والكؤوس) المصنوعة من غير هذه المواد.
* الْأَسْقِيَةِ (القِرب) الجلدية إذا لم تُطْلَ بالزفت.
* الْحِسَاءِ (أوعية من الجلد غير المدبوغ بالقار).

3. الدروس المستفادة منه:

1- سد الذرائع: من أعظم الدروس في هذا الحديث أن الشريعة الإسلامية لا تحرم المحرم فقط، بل تحرم كل وسيلة وطريق يوصل إليه. وهذا من كمالها وحرصها على صيانة المجتمع.
2- الوقاية خير من العلاج: نهى النبي ﷺ عن هذه الأوعية وقبل أن يقع الناس في شرب الخمر، مما يدل على أهمية الوقاية ومنع أسباب الفتنة قبل وقوعها.
3- حكمة التشريع: النهي ليس تعبديًا محضًا لا معنى له، بل له حكمة ظاهرة وهي منع التخمر، مما يدل على أن أحكام الشريعة مبنية على المصالح والحكم.
4- مراعاة الوسائل والأسباب: يُعلّمنا الحديث أن ننظر إلى عواقب الأمور ونتائجها، فلا نغتر بكون الشيء في ظاهره مباحًا إذا كان يؤدي في الغالب إلى محظور.
5- العناية بالصحة: حيث إن تخمر هذه العصائر في مثل هذه الأوعية ينتج مواد ضارة بالصحة، فالشريعة تحرص على صحة البدن كما تحرص على صحة الروح.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا النهي خاص بما إذا كان المراد حفظ العصائر التي يجوز شربها ولكنها قابلة للتخمر. أما إذا كان الوعي لحفظ شيء آخر لا يتخمر (كالماء أو الحبوب) فلا بأس باستخدام هذه الأوعية عند جمهور العلماء، لأن العلة (التخمر) منتفية.
* في عصرنا الحاضر، ينطبق هذا المعنى على كل وعاء أو طريقة حفظ تُسَرِّعُ في فساد المادة أو تحويلها إلى مادة مسكرة أو ضارة. فيجب تجنبها سدًا للذريعة.
* الحديث دليل على عظمة النبي ﷺ وشمول رسالته، حيث تناول قضايا تتعلق بالحياة اليومية والصحّة العامة والوقاية الاجتماعية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (١٩٩٥: ٣٨) عن يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، حدثنا إسحاق بن سويد، عن معاذة، عن عائشة فذكرته.
والرواية الأخرى من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن إسحاق بن سويد به.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 66 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

📜 حديث: نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية