حديث: أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في ذكر الأوعية التي نهي أن ينتبذ فيها

عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال لوفد عبد القيس: «أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير، - والحنتم: المزادة المجبوبة - ولكن اشرب في سقائك وأوكِه».
وفي لفظ: «والحتم والمزادة المجبوبة».

صحيح: رواه مسلم في الأشربة (١٩٩١: ٣٣) عن نصر بن علي الجهضمي، أخبرنا نوح بن قيس، حدثنا ابن عون، عن محمد (هو ابن سيرين)، عن أبي هريرة قال فذكره.

عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال لوفد عبد القيس: «أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير، - والحنتم: المزادة المجبوبة - ولكن اشرب في سقائك وأوكِه».
وفي لفظ: «والحتم والمزادة المجبوبة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تحوي تشريعاً مهماً في جانب الطهارة والعناية بالصحة، وهو جزء من توجيهات النبي ﷺ لوفد عبد القيس عندما قدموا عليه مسلمين.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● أنهاكم: أنهاكم = أنهاكم وأمنعكم.
● الدباء: هو القرع (اليقطين)، والمقصود هنا الأواني المصنوعة من القرع المجفف.
● الحنتم: جمع حنتمة، وهي الأواني الخضراء المصنوعة من الفخار أو الخزف، وكانت تُطلَى بالزفت (القار) من الداخل.
● النقير: هو إناء يصنع من جذع النخلة ينقر (يحفر) من داخله.
● المقير: هو إناء يُطلى من داخله بالقار (الزفت) ليحفظ السوائل من التسرب.
● المزادة المجبوبة: المزادة هي القربة الكبيرة من الجلد، و"المجبوبة" أي المطلية بالقطران أو المادة التي تحفظها من التسرب وتغير طعم الماء.
● سقائك: هو القربة أو الوعاء الجلدي الذي لم يُطْلَ بالقطران أو الزفت.
● أوكه: أي اربط فمها وشد رأسها بخيط أو غيره حتى لا يدخل فيها الهواء أو الحشرات.

ثانياً. شرح الحديث:


لما قدم وفد عبد القيس على النبي ﷺ، نهاهم عن استخدام أربعة أنواع من الأوعية لشرب الخمر أو حفظ السوائل عموماً، وهي:
1- الدباء (القرع المجفف): لأنه إذا جف وتغيرت رطوبته يصبح مسامياً، ويتشرب السائل ويصعب تنظيفه، وقد يتعفن.
2- الحنتم (الأواني الخزفية المطلية بالزفت): لأن الزفت مادة سوداء قابلة للتفاعل مع السوائل، خاصة إذا كانت مسكرة، فتُغير طعمها وتجعلها ضارة.
3- النقير (جذع النخلة المنقور): لأنه خشب مسامي يتشرب السوائل، ويتعفن بداخله، ويصبح مرتعاً للجراثيم.
4- المقير (الأواني المطلية بالزفت): مثل الحنتم، والزفت مادة سامة إذا تفاعلت مع السوائل.
ثم بين النبي ﷺ البديل الأمثل فقال: "اشرب في سقائك" أي في الأوعية الجلدية النظيفة غير المطلية بمواد ضارة، "وأوكه" أي اربط فمها جيداً حتى لا تتلوث.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- النهي عن كل ما يضر بالصحة: النهي عن هذه الأوعية لأنها إما مسامية تتشرب السوائل وتتعفن، أو لأنها مطلية بمواد سامة كالزفت، وهذا من باب سد الذرائع للحفاظ على الصحة.
2- العناية بنظافة الطعام والشراب: الإسلام دين النظافة، وهذا الحديث يؤكد على أهمية اختيار الأوعية المناسبة التي لا تؤثر على طبيعة الشراب أو الطعام.
3- التوجيه إلى البديل النافع: لم ينه النبي ﷺ فقط، بل وجه إلى البديل الصحي وهو استخدام القِرب الجلدية غير المطلية بالزفت، مع التأكيد على إحكام إغلاقها.
4- مراعاة الظروف الصحية والبيئية: هذه الأوعية كانت شائعة في ذلك الزمن، فنهاهم عنها لأنها ضارة، مما يدل على أن الإسلام يتكيف مع البيئة ويضع التشريعات المناسبة.
5- أن الإسلام يهتم بالتفاصيل الدقيقة: حتى نوع الإناء الذي يشرب منه المسلم يدخل في اهتمام الشريعة، مما يدل على شمولية الإسلام وكماله.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يدخل في باب "الطب النبوي"، فقد أثبت العلم الحديث أن المواد التي كانت تستخدم في طلاء هذه الأوعية (كالقار أو الزفت) تحتوي على مواد مسرطنة ضارة بالصحة.
- النهي هنا ليس تحريماً مطلقاً، بل هو نهي تحذيري لما فيه من ضرر، فإذا زال الضرر زال النهي.
- الحديث يدل على أن الأصل في الأوعية الإباحة ما لم تكن ضارة، والأفضل استخدام ما كان نظيفاً وغير مؤثر في الطعم أو الرائحة.
- يستفاد من الحديث أيضاً أهمية الاستشارة في الأمور الصحية، فقد سأل الوفد النبي ﷺ عن أفضل ما يشربون فيه، فدلهم على ما فيه صلاحهم.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا للعمل بسنة نبيه ﷺ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (١٩٩١: ٣٣) عن نصر بن علي الجهضمي، أخبرنا نوح بن قيس، حدثنا ابن عون، عن محمد (هو ابن سيرين)، عن أبي هريرة قال فذكره. واللفظ الآخر لأبي داود (٣٦٩٣) من هذا الوجه.
وقوله في لفظ مسلم»والحنتم المزادة المجبوبة«قال النووي: «هكذا هو في جميع النسخ ببلادنا، وكذا نقله القاضي - يعني عياضا - عن جماهير رواة صحيح مسلم ومعظم النسخ، قال: ووقع في بعض النسخ: والحنتم والمزادة المجبوبة، قال: وهذا هو الصواب، والأولى تغيير ووهم، قال: وكذا ذكره النسائي «وعن الحنتم وعن المزادة المجبوبة» وفي سنن أبي داود: «والحنتم والدباء والمزادة المجبوبة». شرح مسلم للنووي (١٣/ ١٥٨).
قوله: «والمزادة» هو الظرف الذي يُحمل فيه الماء كالراوية والقربة ونحوهما والمراد بها هنا القرية.
وقوله: «المجبوبة» هي التي قطع رأسها فصارت كهيئة الدن، وأصل الجب: القطع، فيقطع رأسها حتى لا تكون لها رقبة توكى.
وقيل: هي التي قطعت رقبتها وليس لها عزلاء - أي فم من أسفلها - يتنفس الشراب منها، فيصير شرابها مسكرا ولا يُدرى به، بخلاف السقاء المتعارف فإنه يظهر فيه ما اشتدّ من غيره لأنها تنشقّ بالاشتداد القوي.
وقوله: «ولكن اشرب في سقائك وأوكه» قال النووي: قال العلماء: معناه أن السقاء إذا أوكئ أُمِنَت مفسدة الإسكار؛ لأنه متى تغير نبيذه واشتد وصار مسكرا شق الجلد الموكى فما لم يشقه لا يكون مسكرا بخلاف الدباء والحنتم والمزادة المجبوبة والمزفت وغيرها من الأوعية الكثيفة فإنه
قد يصير فيها مسكرا ولا يعلم«اهـ شرح مسلم (١٣/ ١٥٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 69 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير

  • 📜 حديث: أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب