اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين

حديث: اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين

عن أبي القموص زيد بن علي قال: قال حدثني أحد الوفد الذين وفدوا على رسول الله ﷺ من عبد القيس قال: وأهدينا له فيما يهدى نوطا أو قربة من تعضوض أو برني، فقال: «ما هذا؟ «قلنا: هذه هدية. قال: وأحسبه نظر إلى تمرة منها فأعادها مكانها وقال: «أبلغوها آل محمد قال: فسأله القوم عن أشياء حتى سألوه عن الشراب فقال: «لا تشربوا في دباء، ولا حنتم، ولا نقير، ولا مزفت، اشربوا في الحلال الموكى عليه»، فقال له قائلنا: يا رسول الله! وما يدريك ما الدباء والحنتم والنقير والمزفت؟ قال: «أنا لأدري ماهيه أي هجر أعز؟» قلنا: المشقر، قال: «فوالله لقد دخلتها وأخذت إقليدها»، قال: وكنت قد نسيت من حديثه شيئا، فأذكرنيه عبيد الله بن أبي جروة، قال: «وقفتُ على عين الزارة»، ثم قال: «اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين» إذ بعض قومنا لا يسلموا حتى يخزوا ويوتروا قال: وابتهل وجهه ههنا من القبلة حتى استقبل القبلة، وقال: «إن خير أهل المشرق عبد القيس».

صحيح: رواه أحمد (١٧٨٢٩)، وأبو داود (٣٦٩٥) كلاهما من طريق عوف (هو ابن جميلة)، عن أبي القموص، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو القموص زيد بن علي عن أحد وفد عبد القيس الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع بيان مفرداته ومعانيه والدروس المستفادة منه.

أولاً. شرح المفردات:

● النوط أو القربة: وعاء من جلد يُخزَّن فيه السمن أو العسل أو التمر.
● التعضوض أو البرني: أنواع من التمر، فالتعضوض هو التمر الرديء، والبرني هو التمر الجيد.
● الدباء: القرع اليابس الذي يُتخذ وعاءً للشراب.
● الحنتم: جرار خضراء كانت تُصنع في مصر وتُستخدم للخمر.
● النقير: جذع النخلة الذي يُنقر ويُتخذ وعاءً.
● المزفت: الوعاء الذي طُلي بالزفت (القار) ليمنع تسرب السوائل.
● الحلال الموكى عليه: الوعاء المباح الذي يُربط فمه بالخيط أو الخيش ليمنع دخول الحشرات.
● هجر: منطقة في البحرين.
● المشقر: موضع معروف في هجر.
● إقليدها: مفتاحها أو خزائنها، كناية عن قوة حصانتها.
● عين الزارة: عين ماء مشهورة في منطقة هجر.
● غير خزايا ولا موتورين: أي غير مُذلين ولا مُنقَصين (من الخزي والوتْر).
● ابتهل وجهه: أي توجه بوجهه إلى القبلة بخشوع ودعاء.

ثانيًا. شرح الحديث:

1- قصة الهدية:
عندما قدّم وفد عبد القيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية من التمر (نوعيه الرديء والجيد)، نظر النبي إلى تمرة من النوع الرديء (التعضوض) وردها مكانها، وقال: «أبلغوها آل محمد»، أي أن الهبة لا تُرد، لكنه أراد أن يُعلّمهم أن هداياهم مقبولة، لكن الأفضل أن يختاروا الجيد في الهدية، خاصة إذا كانت لأهل بيته.
2- تحريم الشرب في أوعية معينة:
سأل الوفد النبي عن الشراب (والمقصود به الخمر أو ما يشابهها من المسكرات)، فنهاهم عن الشرب في أربعة أوعية:
● الدباء والحنتم والنقير: لأن هذه الأوعية كانت تستخدم غالبًا للخمر، فنهى عن استخدامها حتى لا تكون ذريعة للشرب المحرم.
● المزفت: لأنه يُستخدم لحفظ الخمر ويمنع فسادها، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقطع كل وسيلة تؤدي إلى المحرم.
وأمرهم أن يشربوا في "الحلال الموكى عليه"، أي الأوعية المباحة التي تُغطى وتحفظ من التلوث.
3- دليل علم النبي بالمناطق البعيدة:
تعجب أحد الوفد من علم النبي بالدباء والحنتم وغيرها، فقال النبي: «أنا لأدري ماهيه أي هجر أعز؟»، أي أنه يعرف مناطقهم جيدًا، بل إنه أخبرهم أنه دخل "المشقر" (أحد حصون هجر) وأخذ مفتاحها، وهذا من إخباره بالغيب الذي أطلعه الله عليه، أو كناية عن قوة الإسلام وانتشاره.
4- الدعاء لعبد القيس:
دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعبد القيس بقوله: «اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين»، ومدحهم بأنهم خير أهل المشرق، لأنهم أسلموا دون إكراه أو هزيمة في الحرب، بل اختاروا الإسلام طواعية.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- قبول الهدية وعدم ردها:
النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهدية ولم يردها، لكنه نبه على اختيار الجيد في الهدية، خاصة إذا كانت لأهل البيت.
2- سد الذرائع إلى المحرمات:
النهي عن الشرب في أوعية الخمر حتى لا تكون وسيلة إلى شرب المسكرات، وهذا من حكمة التشريع الإسلامي في منع كل ما يؤدي إلى الحرام.
3- العلم النبوي الواسع:
الحديث يدل على علم النبي صلى الله عليه وسلم بالبلدان والأمم، وهو من دلائل نبوته، حيث أخبر بأمور غيبية عن مناطق بعيدة.
4- فضل عبد القيس:
مدح النبي صلى الله عليه وسلم لعبد القيس يدل على فضل من يسلم طواعية دون إكراه، وأن الله يغفر لهم ويثيبهم.
5- التوجه إلى القبلة في الدعاء:
ابتهال النبي إلى القبلة عند الدعاء يدل على استحباب استقبال القبلة عند الدعاء ليكون أرجى للإجابة.

رابعًا. معلومات إضافية:

● وفد عبد القيس: كان من أشهر الوفود التي قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عددهم أربعين رجلاً، وقد أسلموا وحسن إسلامهم.
● الحديث رواه الإمام أحمد في المسند، والبيهقي في السنن الكبرى، وهو حديث صحيح بشواهده.
والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧٨٢٩)، وأبو داود (٣٦٩٥) كلاهما من طريق عوف (هو ابن جميلة)، عن أبي القموص، فذكره. واللفظ لأحمد، وأما أبو داود .. فذكره مختصرا، وإسناده صحيح.
وفي الباب عن بعض وفد عبد القيس قالوا: قدمنا على رسول الله ﷺ، فاشتد فرحهم بنا ... الحديث بطوله. وفيه فقال رسول الله ﷺ: «لا تشربوا في الدباء، والحنتم، والنقير، وليشرب أحدكم في سقاء يُلاث على فيه».
رواه أحمد (١٥٥٥٩) عن يونس بن محمد، ثني يحيى بن عبد الرحمن العصري، ثنا شهاب بن عباد، أنه سمع بعض وفد عبد القيس .. فذكروه.
وفيه يحيى بن عبد الرحمن العصري لم يوثقه غير ابن حبان، ولذلك قال الحافظ في التقريب «مقبول» يعني حيث يتابع. ولم أجد له متابعا على هذا الإسناد، ويشهد لبعضه حديث أبي سعيد وغيره.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله العبدي قال: «كنتُ في الوفد الذين أتوا رسول الله ﷺ من عبد القيس، قال: ولست منهم، وإنما كنت مع أبي، قال: فنهاهم رسول الله ﷺ عن الشرب في الأوعية التي سمعتم الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت».
رواه أحمد (٢٣٧٥٤) ومن طريقه الطبراني في الكبير (٢/ ٢٨٨) عن الحارث بن مرة الحنفي أبي مرة، حدثنا نفيس، عن عبد الله بن جابر العبدي قال .. فذكره.
وفي إسناده نفيس هذا ذكره ابن حبان في الثقات (٧/ ٥٤٦)، ولم يذكر في الرواة عنه سوى
الحارث بن مرة الحنفي فهو مجهول عند جمهور أهل العلم، وهو من رجال التعجيل (١١١٠).
وأما قول الهيثمي في المجمع (٥/ ٥٩): «رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات» فبناء على توثيق ابن حبان كما سبق ذلك مرارًا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 70 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين

📜 حديث: اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية