حرمة قتل من اعلن اسلامه بعد القتال

حديث: حرمة قتل من اعلن اسلامه بعد القتال

عن المقداد بن الأسود أنه قال لرسول الله ﷺ: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار، فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة، فقال. أسلمتُ لله. أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله ﷺ: «لا تقتله». فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي، ثم قال ذلك بعد ما قطعها، فقال رسول الله ﷺ: «لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠١٩)، ومسلم في الإيمان (٩٥) من طرق عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن المقداد بن الأسود .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه:

الحديث:

عن المقداد بن الأسود أنه قال لرسول الله ﷺ: "أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار، فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمتُ لله. أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله ﷺ: «لا تقتله». فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي، ثم قال ذلك بعد ما قطعها، فقال رسول الله ﷺ: «لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال»."

1. شرح المفردات:

● لاذ مني بشجرة: احتمى بها واستتر خلفها.
● أسلمت لله: دخلت في الإسلام واخضعت لله تعالى.
● بمنزلتك: بحالتك ووضعك.
● كلمته التي قال: أي كلمة الشهادة أو الإعلان عن الإسلام.

2. شرح الحديث:

يصور هذا الحديث الموقف التالي: يتخيل المقداد بن الأسود رضي الله عنه - وهو من الصحابة المجاهدين - أنه في معركة مع كافر، فيقتتلان فيقطع الكافر يد المقداد، ثم يفر الكافر ويختبئ خلف شجرة ويعلن إسلامه قائلاً: "أسلمت لله". عندها يسأل المقداد النبي ﷺ: هل لي أن أقتله بعد أن أعلن إسلامه؟
فأجابه النبي ﷺ بالنفي القاطع: "لا تقتله". فأعاد المقداد السؤال مؤكدًا على شدة الجريمة (قطع اليد) وتوقيتها (بعد الفعل مباشرة)، فأكد النبي ﷺ الحكم وعلله بأمر عظيم.
التعليل النبوي العظيم:
"فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال"
● "فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله": أي أن الكافر إذا أعلن الإسلام ثم قتلته، فأنت قد قتلت مسلماً معصوم الدم، فتصبح أنت القاتل للمسلم (وهو الآن في منزلة المسلم الذي كان لك قبل أن تقتله).
● "وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال": أي أنك بقتلك له بعد إسلامه، ترجع إلى منزلته حين كان كافراً، لأنك عصيت الله تعالى بارتكابك كبيرة قتل المسلم بغير حق.
فهذا التعليل يُظهر أن الإسلام يمحو ما قبله، فمجرد نطق الشهادة أو إعلان الإسلام، حتى لو كان في ساعة القتال وفي لحظة الخوف من القتل، يصبح دمه حراماً ومعصوماً.

3. الدروس المستفادة منه:

1- عصمة دم المسلم: الحديث أصل عظيم في подтверقالعصمة التامة لدم المسلم، الذي لا يحل إلا بإحدى ثلاث: (الزنا بعد الإحصان، أو القصاص في النفس، أو الردة بعد الإسلام).
2- قبول التوبة في أي وقت: الإسلام يجيب الداعي في أي لحظة، حتى لو كان في أشد لحظات العداوة والقتال.
3- العدل والرحمة في الإسلام: يظهر هذا الحديث العدل الإلهي والرحمة النبوية، حيث أن الإسلام لا يشرع القتال انتقاماً أو لشدة العداوة، بل لإعلاء كلمة الله، فإذا أعلن الإنسان الإسلام فقد حقن دمه.
4- التحذير من الاعتداء: الحديث تحذير شديد من الاعتداء على من أظهر الإسلام، وأن ذلك يعد من الكبائر التي تعادل الكفر في الإثم والعقاب.
5- الحكمة من تشريع الجهاد: ليس الجهاد في الإسلام للتشفي أو الانتقام، بل لإزالة barriers التي تحول بين الناس وبين سماع كلمة الله، فإذا تحققت الغاية (وهي الدخول في الإسلام) زال سبب القتال.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأحاديث التي استدل بها الفقهاء على قبول إسلام الكافر في دار الحرب حتى في ساحة القتال.
- ذهب جمهور العلماء إلى أن من نطق بالشهادة في ساحة القتال، يوقف عن قتاله فوراً ويحكم بإسلامه، ويصبح له ما للمسلمين وعليه ما عليهم.
- هذا الحكم يختلف عن حكم المرتد، لأن الكافر الأصلي إذا أعلن الإسلام فقد دخل في الدين، وأما المرتد فهو من كان مسلماً ثم ارتد، وحكمه أشد.
- الحديث يظهر عظيم رحمة الإسلام، حيث يعطي الفرصة للعدو للنجاة بنفسه ودخول الجنة بمجرد نطق كلمة التوحيد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٠١٩)، ومسلم في الإيمان (٩٥) من طرق عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن المقداد بن الأسود .. فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 149 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حرمة قتل من اعلن اسلامه بعد القتال

📜 حديث: حرمة قتل من اعلن اسلامه بعد القتال

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: حرمة قتل من اعلن اسلامه بعد القتال

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: حرمة قتل من اعلن اسلامه بعد القتال

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: حرمة قتل من اعلن اسلامه بعد القتال

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية