حديث: قبر أمي سألت ربي الاستغفار فلم يأذن لي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أبوي النبي ﷺ -

عن بريدة قال: لما فتح رسول الله ﷺ مكة أتى جذْم قبر، فجلس إليه، فجعل كهيئة المخاطب، وجلس الناس حوله، فقام وهو يبكي، فتلقاه عمر - وكان من أجرأ الناس عليه - فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما الذي أبكاك؟ قال: «هذا قبر أمي، سألت ربي الزيارة فأذن لي، وسألته الاستغفار فلم يأذن لي، فذكرتها، فرقّت نفسي فبكيت».
قال: فلم يُر يوم كان أكثر باكيًا منه يومئذ.

صحيح: رواه ابن أبي شيبة (١١٩٣٠) عن محمد بن عبد الله الأسدي، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه فذكره.

عن بريدة قال: لما فتح رسول الله ﷺ مكة أتى جذْم قبر، فجلس إليه، فجعل كهيئة المخاطب، وجلس الناس حوله، فقام وهو يبكي، فتلقاه عمر - وكان من أجرأ الناس عليه - فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما الذي أبكاك؟ قال: «هذا قبر أمي، سألت ربي الزيارة فأذن لي، وسألته الاستغفار فلم يأذن لي، فذكرتها، فرقّت نفسي فبكيت».
قال: فلم يُر يوم كان أكثر باكيًا منه يومئذ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف:

نص الحديث:


عن بريدة رضي الله عنه قال: لما فتح رسول الله ﷺ مكة أتى جذْم قبر، فجلس إليه، فجعل كهيئة المخاطب، وجلس الناس حوله، فقام وهو يبكي، فتلقاه عمر - وكان من أجرأ الناس عليه - فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما الذي أبكاك؟ قال: «هذا قبر أمي، سألت ربي الزيارة فأذن لي، وسألته الاستغفار فلم يأذن لي، فذكرتها، فرقّت نفسي فبكيت». قال: فلم يُر يوم كان أكثر باكيًا منه يومئذ.


1. شرح المفردات:


● جذْم قبر: أي أثر قبر قديم، أو قبر منخفض ومتهدم.
● كهيئة المخاطب: كمن يخاطب شخصًا، أي كان يتكلم مع من في القبر.
● أجرأ الناس عليه: أي أكثرهم جرأة في سؤاله والتحدث معه بحب وأدب.
● رقّت نفسي: أي رق قلبها وحنت، فثارت فيها مشاعر الشوق والحزن.


2. شرح الحديث:


وقع هذا الموقف العظيم بعد فتح مكة، حينما انتصر الإسلام وأظهر الله دينه. فذهب النبي ﷺ إلى قبر أمه السيدة آمنة بنت وهب، التي توفيت وهو صغير في السن. فجلس عند القبر وهو في هيئة من يخاطب من فيه، ثم انفعل وبكى بشدة حتى إن الصحابة بكوا لبكائه.
وسبب بكائه ﷺ أنه تذكر أمه وطلب من ربه أن يأذن له في الاستغفار لها، لكن الله لم يأذن له بذلك؛ لأنها ماتت على الشرك في الجاهلية، والاستغفار للكفار غير جائز. أما الزيارة فقد أذن الله له بها تعظيمًا لشأنه وتكريمًا له.


3. الدروس المستفادة:


● عظم حق الأم: فقد بكى النبي ﷺ لأمه رغم وفاتها منذ سنوات طويلة، مما يدل على بر الوالدين حتى بعد موتهما.
● الرحمة والشفقة: كان النبي ﷺ رحيمًا شديد العطف، حتى على من ماتوا على غير الإسلام.
● عدم جواز الاستغفار للكفار: وهذا أصل عقدي مهم؛ فالله لا يغفر الشرك به، والاستغفار لغير المسلمين لا يجوز.
● البكاء من خشية الله وتذكر الموت: البكاء خوفًا من الله ورحمة بالخلق من صفات الصالحين.
● حب الصحابة للنبي ﷺ: حيث تأثروا لبكائه وبكوا لبكائه، وهذا من كمال إيمانهم وحبهم له.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالعقيدة والأحكام.
- فيه دليل على أن زيارة القبور مشروعة للاعتبار والاتعاظ، كما أن الدعاء للموتى المسلمين من أعظم القربات.
- كما يبين الحديث أن النبي ﷺ كان يمتثل لأمر ربه تمام الامتثال، فلم يستغفر لأمه مع شدة حبه لها لأنه يعلم حكم الله في ذلك.
أسأل الله أن يرزقنا بر الوالدين في الحياة وبعد الممات، وأن يجمعنا بالنبي ﷺ في جنات النعيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي شيبة (١١٩٣٠) عن محمد بن عبد الله الأسدي، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه البيهقي في الدلائل (١/ ١٨٩) من وجه آخر عن محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا سفيان بإسناده ولفظه: انتهى النبي ﷺ إلى رسم قبر فجلس، وجلس الناس حوله كثير، فجعل يحرك رأسه كالمخاطب. قال: ثم بكى، فاستقبله عمر فقال: ما يُبكيك يا رسول الله؟ قال: «هذا قبر آمنة بنت وهب، استأذنت ربي في أن أزور قبرها فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فأبى عليّ. وأدركتني رقتها فبكيت» قال: فما رأيت ساعة أكثر باكيًا من تلك الساعة.
تابعه محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه. انتهى.
قال الأعظمي: وحديث محارب بن دثار رواه أحمد (٢٣٠٠٣) وابن حبان (٥٣١٠) مطولًا والحاكم (١/ ٣٧٦) مختصًرا.
وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
وأصله في صحيح مسلم (٩٧٧) بدون ذكر زيارة قبر أم النبي ﷺ.
وبمعناه رواه الإمام أحمد (٢٣٠١٧) عن حسين بن محمد، حدثنا أيوب بن جابر، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: خرجت مع النبي ﷺ حتى إذا كنا بودان قال: «مكانكم حتى آتيكم فانطلق» ثم جاء وهو ثقيل فقال: «إني أتيت قبر أم محمد فسألت ربي الشفاعة فمنعنيها».
وأيوب بن جابر ضعيف، ورُوي عن أخيه محمد بن جابر وهو ضعيف أيضًا.
وفي الباب ما رُوي أيضًا عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «إني نهيتكم عن زيارة القبور، وإنه قد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه. فزوروها تذكركم».
رواه ابن أبي شيبة (١١٩٣١) عن يزيد بن هارون، عن حماد بن زيد، حدثنا فرقد السبخي، حدثنا جابر بن يزيد، حدثنا مسروق، عن ابن مسعود، فذكره.
وفيه فرقد بن يعقوب السبخي مختلف فيه والغالب عليه الضعف.
وأما جابر بن يزيد الذي روى عن مسروق، وعنه فرقد السبخي فقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سئل عنه أبو زرعة فقال: ليس هو جابر الجعفي ولا يعرف. الجرح والتعديل (٢/ ٤٩٨).
ولكن رواه البيهقي في الدلائل (١/ ١٨٩ - ١٩٠) من وجه آخر من حديث عبد الله بن وهب قال: أخبرنا ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود قال: «خرج رسول الله ﷺ ينظر في المقابر، وخرجنا معه فأمرنا، فجلسنا، ثم تخطّى القبور حتى انتهى إلى قبر منها، فناجاه طويلا، ثم ارتفع نحيب رسول الله ﷺ باكيًا، فبكينا لبكاء رسول الله ﷺ ثم إن رسول الله ﷺ أقبل إلينا، فتلقاه عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله! ما الذي أبكاك؟ لقد أبكانا وأفزعنا، فجاء فجلس إلينا، فقال: أفزعكم بكائي؟ فقلنا: نعم يا رسول الله! فقال: إن القبر الذي رأيتموني أناجي فيه - قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي فيه، واستأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي فيه، ونزل عليّ ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] حتى ختم الآية: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة، فذلك الذي أبكاني.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٢٨٠): «غريب ولم يخرجوه».
وهذا الحكم الصادر من النبي ﷺ لا ينافي قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥) [الإسراء: ١٥].
فإن أهل الفترة يمتحنون في العرصات يوم القيامة. فيكون منهم من يجيب، ومنهم من لا يجيب. فيكون هؤلاء المسمون من جملة من لا يجيبون.
وقد ذكرت بعض الشيء في كتاب القدر، وأذكر الأشياء الأخرى في تفسير الآية الكريمة وفي أهوال يوم القيامة إن شاء الله تعالى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 29 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قبر أمي سألت ربي الاستغفار فلم يأذن لي

  • 📜 حديث: قبر أمي سألت ربي الاستغفار فلم يأذن لي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قبر أمي سألت ربي الاستغفار فلم يأذن لي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قبر أمي سألت ربي الاستغفار فلم يأذن لي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قبر أمي سألت ربي الاستغفار فلم يأذن لي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب