حديث: بناء قريش للكعبة وخروج الحية منها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في وضعه ﷺ الحجر الأسود عند بناء الكعبة وهو في خمس وثلاثين سنة

عن أبي الطفيل قال: كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرضم ليس فيها مدر، وكانت قدر ما يقتحمها العناق، وكانت غير مسقوفة، إنما توضع ثيابها عليها، ثم يُسدل سدلًا عليها، وكان الركن الأسود موضوعًا على سورها، باديا، وكانت ذات ركنين كهيئة هذه الحلقة، فأقبلت سفينة من أرض الروم، حتى إذا كانوا قريبًا من جدة انكسرت السفينة، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها، فوجدوا روميًا عندها، فأخذوا الخشب، أعطاهم إياها، وكان السفينة تريد الحبشة، وكان الرومي الذي في السفينة نجارًا، فقدموا بالخشب، وقدموا بالرومي، فقالت قريش: نبني بهذا الخشب بيت ربنا، فلما أن أرادوا هدمه، إذا هم بحيّة على سور البيت، مثل قطعة الجائز سوداء الظهر، بيضاء البطن، فجعلت كلما دنا أحد من البيت ليهدمه، أو يأخذ من حجارته
سعت إليه فاتحة فاها، فاجتمعت قريش عند الحرم، فعجّوا إلى الله، وقالوا: ربنا! لم نُرع، أردنا تشريف بيتك وترتيبه، فإن كنت ترضى بذلك، وإلا فما بدا لك فافعل، فسمعوا خوارًا في السماء، فإذا هم بطائر أعظم من النسر، أسود الظهر وأبيض البطن والرجلين، فغرز مخالبه في قفا الحية، ثم انطلق بها يجرها، وذنبها أعظم من كذا وكذا، ساقط حتى انطلق بها نحو أجياد، فهدمتها قريش، وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي، تحملها قريش على رقابها، فرفعوها في السماء عشرين ذراعًا، فبينا النبي ﷺ يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة، إذ ضاقت عليه النمرة، فذهب يضع النمرة على عاتقه، فبدت عورته من صغر النمرة، فنودي يا محمد! خمّر عورتك، فلم ير عريانًا بعد ذلك، وكان بين الكعبة وبين ما أنزل الله عليه ﷺ خمس سنين، وبين مخرجه وبنائها خمس عشرة سنة.

حسن: رواه عبد الرزاق (٩١٠٦) عن معمر، عن عبد الله (يعني ابن عثمان بن خُثيم، عن أبي الطفيل قال: فذكره.

عن أبي الطفيل قال: كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرضم ليس فيها مدر، وكانت قدر ما يقتحمها العناق، وكانت غير مسقوفة، إنما توضع ثيابها عليها، ثم يُسدل سدلًا عليها، وكان الركن الأسود موضوعًا على سورها، باديا، وكانت ذات ركنين كهيئة هذه الحلقة، فأقبلت سفينة من أرض الروم، حتى إذا كانوا قريبًا من جدة انكسرت السفينة، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها، فوجدوا روميًا عندها، فأخذوا الخشب، أعطاهم إياها، وكان السفينة تريد الحبشة، وكان الرومي الذي في السفينة نجارًا، فقدموا بالخشب، وقدموا بالرومي، فقالت قريش: نبني بهذا الخشب بيت ربنا، فلما أن أرادوا هدمه، إذا هم بحيّة على سور البيت، مثل قطعة الجائز سوداء الظهر، بيضاء البطن، فجعلت كلما دنا أحد من البيت ليهدمه، أو يأخذ من حجارته
سعت إليه فاتحة فاها، فاجتمعت قريش عند الحرم، فعجّوا إلى الله، وقالوا: ربنا! لم نُرع، أردنا تشريف بيتك وترتيبه، فإن كنت ترضى بذلك، وإلا فما بدا لك فافعل، فسمعوا خوارًا في السماء، فإذا هم بطائر أعظم من النسر، أسود الظهر وأبيض البطن والرجلين، فغرز مخالبه في قفا الحية، ثم انطلق بها يجرها، وذنبها أعظم من كذا وكذا، ساقط حتى انطلق بها نحو أجياد، فهدمتها قريش، وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي، تحملها قريش على رقابها، فرفعوها في السماء عشرين ذراعًا، فبينا النبي ﷺ يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة، إذ ضاقت عليه النمرة، فذهب يضع النمرة على عاتقه، فبدت عورته من صغر النمرة، فنودي يا محمد! خمّر عورتك، فلم ير عريانًا بعد ذلك، وكان بين الكعبة وبين ما أنزل الله عليه ﷺ خمس سنين، وبين مخرجه وبنائها خمس عشرة سنة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع الذي رواه أبو الطفيل رضي الله عنه، معتمدًا في ذلك على كُتب أهل السنة والجماعة المعتمدة:

أولًا:

شرح المفردات:
● الرَّضْم: الحجارة غير المُهندمة التي تُرص بعضها فوق بعض دون طين أو مادة لاصقة.
● المَدْر: الطين الذي يُلصق بين الحجارة في البناء.
● يَقْتَحِمُها العَنَاق: العناق هي الشاة الصغيرة، أي أن ارتفاعها كان بقدر ما تقفزه الشاة.
● تُسَدَّل سَدْلًا: أي تُغطَّى وتُعلَّق الثياب عليها من فوق.
● الجَائِز: جذع الشجرة أو العود الغليظ.
● سَعَتْ إليه: أي أسرعت نحوه.
● فاتحةً فَاهَا: فتحت فمها استعدادًا للعض.
● عَجُّوا إلى الله: رفعوا أصواتهم بالدعاء والاستغاثة.
● خُوَارًا: صوتًا يشبه صوت الحمار أو البقرة.
● مخالبه: أظافره المعقوفة.
● نَمِرَة: إزار من صوف مخطط.
● خَمِّرْ عَوْرَتَكَ: استر عورتك.


ثانيًا. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث حال الكعبة المشرفة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف أعادت قريش بناءها، وما صاحب ذلك من أحداث عجيبة:
1- وصف الكعبة قبل البناء:
كانت الكعبة مبنية بحجارة مرصوصة بعضها فوق بعض دون طين، غير مسقوفة، وكان ارتفاعها قليلاً، وكان الركن الأسود ظاهرًا غير مغطى، وكان لها ركنان يشبهان الحلقة في شكلهما.
2- سبب إعادة البناء:
تحطمت سفينة رومية قرب جدة، فخرجت قريش لأخذ خشبها، وكان فيها نجار رومي، فقرروا استخدام هذا الخشب لبناء الكعبة وتجديدها تشريفًا لبيت الله تعالى.
3- الحية العظيمة وعلامة الرضا:
عندما همّت قريش بهدم الكعبة للبناء، ظهرت حية عظيمة تمنعهم من الاقتراب، فدعوا الله تعالى أن يبين لهم رضاه عن عملهم، فأرسل الله طائرًا عظيمًا أخذ الحية وذهب بها، فكان ذلك علامة على رضا الله عن عزمهم الصادق.
4- مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم في البناء:
شارك النبي صلى الله عليه وسلم في حمل الحجارة وهو شاب، وكان يرتدي إزارًا (نمرة) ضاق عليه أثناء العمل، فانكشفت عورته، فناداه الله تعالى من السماء بأن يسترها، فلم يَعُدْ بعدها يعري نفسه أبدًا.
5- التوقيت الزمني:
كان هذا البناء قبل البعثة النبوية بخمس سنوات، وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم بعد بنائها بخمس عشرة سنة.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- شرف الكعبة وعناية الله بها:
فإن الله تعالى يحفظ بيته حتى من يعظّمه ويقصد الخير فيه، كما حدث مع قريش عندما منعتهم الحية ثم أذن الله لهم بعد دعائهم.
2- قبول العمل بالإخلاص:
قريش نَوَتْ تشريف البيت، فقبل الله نيتها وأزال العائق، فالإخلاص شرط لقبول العمل.
3- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم:
مشاركته في البناء مع قومه يدل على تواضعه وحرصه على التعاون في الخير.
4- ستر العورة وأهمية الحشمة:
الأمر الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم بستر عورته يؤكد على وجوب ستر العورة والتحلي بالحياء.
5- التفاؤل بالخير والاستعانة بالله:
عندما استغاثت قريش بالله، استجاب لهم، مما يدل على أهمية اللجوء إلى الله في كل أمر.


رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح الإسناد.
- كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم عند بناء الكعبة خمسًا وثلاثين سنة.
- في هذا البناء وقعت حادثة التحكيم الشهيرة عندما اختلفت قريش فيمن يضع الحجر الأسود، فحكموا أول داخل عليهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم، فحكم بأن يوضع الحجر في ثوب وتحمل كل قبيلة طرفًا منه، ثم وضعه بيده الشريفة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد الرزاق (٩١٠٦) عن معمر، عن عبد الله (يعني ابن عثمان بن خُثيم، عن أبي الطفيل قال: فذكره.
وأخرجه الإمام أحمد (٢٣٨٠٠، ٢٣٧٩٤) والحاكم (٤/ ١٧٩) عن عبد الرزاق طرفا منه وإسناده حسن من أجل عبد الله بن عثمان فإنه حسن الحديث.
وأبو الطفيل عامر بن واثلة من صغار الصحابة لم يدرك بناء الكعبة لأنه ولد عام أحد يقول: «أدركت ثماني سنين من حياة رسول الله ﷺ وولدتُ عام أحد».
رواه أحمد (٢٣٧٩٩) فهو من مراسيل الصحابة وهي صحيحة، وقد صحّحه الحاكم، وصحّحه أيضًا الذهبي في السيرة (١/ ٧٦ - ٧٧).
وقوله: وكان بين بناء الكعبة وبين ما أنزل الله عليه ﷺ خمس سنين، هذا هو المشهور بين أهل السير والتواريخ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 42 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بناء قريش للكعبة وخروج الحية منها

  • 📜 حديث: بناء قريش للكعبة وخروج الحية منها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بناء قريش للكعبة وخروج الحية منها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بناء قريش للكعبة وخروج الحية منها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بناء قريش للكعبة وخروج الحية منها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب