كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا

حديث: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا

عن ابن عباس قال: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول: من يعيرُني تِطوافًا؟ تجعله على فرجها وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كله. فما بدا منه فلا أحلّه فنزلت هذه الآية: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١].

صحيح: رواه مسلم في التفسير (٣٠٢٨) من طرق عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم بن البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.
### الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، وهو من رواية الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حبر الأمة وترجمان القرآن.
### 1. شرح المفردات
● تَطُوفُ بِالْبَيْتِ: تؤدي منسك الطواف حول الكعبة المشرفة.
● عُرْيَانَةً: بدون ما يستر العورة، وهي سافرة.
● تَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي تِطْوَافًا؟: تطلب من يعيرها ثوبًا لتستر به نفسها أثناء الطواف.
● تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا: تضع ذلك الثوب المستعار على عورتها.
● الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ: كانت تتلفظ بهذه الكلمات، ومعناها أنها إن بدا شيء من جسدها أثناء الطواف بغير قصد، فإنه يحرم عليها.
● فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ: أي ما ظهر من جسدها بغير قصد فلا تحله (أي لا تحله لناظر، أو تعتبره حلالاً للنظر).
● فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: أي بسبب هذا الحادث نزلت الآية الكريمة.
### 2. شرح الحديث
يصف هذا الحديث حال بعض النساء في الجاهلية قبل الإسلام، حيث كن يطُفن بالكعبة وهن عاريات، لا ستر على عوراتهن، وذلك بسبب اعتقاد فاسد كان سائدًا بينهم. فقد كانوا يعتقدون أن الطواف بثياب قد ارتكبوا فيها الذنوب والمعاصي لا يجوز، وأنه يجب الطواف في ثياب جديدة لم يُعصَ الله فيها، أو بلا ثياب على الإطلاق إذا لم يجدوا ثيابًا طاهرة من المعاصي في نظرهم الباطل.
فلما جاء الإسلام وشرع الله تعالى الطواف بالبيت الحرام، كان من أول ما نزل من التشريعات الأمر بالسترة والتحذير من التعري، فنزلت الآية الكريمة: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، أي: البسوا ثيابكم التي تسترون بها عوراتكم وتتزينون بها عند كل صلاة وعبادة، ومنها الطواف.
فالآية نزلت لتصحيح هذا المنكر العظيم، ولتأمر المؤمنين بلباس الزينة والستر عند القيام بالعبادات، خاصة في المساجد ومواضع الذكر والطواف.
### 3. الدروس المستفادة منه
● تحريم التعري والتبَرُّج: الحديث دليل واضح على تحريم كشف العورة، وأن ستر الجسم فريضة شرعية، خاصة في أماكن العبادة.
● بيان حكمة التشريع: كثير من الأحكام الشرعية نزلت لتصحيح أخطاء وعبادات باطلة كانت في الجاهلية.
● الرد على المعتقدات الفاسدة: الإسلام ينهى عن الغلو في الدين، والاعتقاد بأن العبادة لا تصح إلا بثياب خاصة أو بحالة معينة، بل يأمر بالطهارة والستر المعتاد.
● عظمة القرآن: القرآن الكريم جاء مهيمنًا على الشرائع السابقة، مصححًا للأخطاء، ومبينًا الهدى من الضلال.
● التيسير ورفع الحرج: الإسلام لم يوجب على الناس ثيابًا جديدة للطواف، بل أمرهم بلباسهم المعتاد الذي يستر العورة، مما ييسر على الناس ويرفع عنهم الحرج.
### 4. معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث من أدلة أهل العلم على وجوب ستر العورة في الصلاة والطواف، وأن العورة يجب تغطيتها.
- العورة في الإسلام لها حرمة عظيمة، وكشفها من الكبائر إلا للزوج أو للمحارم.
- الآية التي نزلت {خُذُوا زِينَتَكُمْ} فيها أمر باللباس الحسن النظيف عند الصلاة والعبادة، وهو من كمال الأدب مع الله تعالى.
- هذا الحديث يبين جانبًا من جوانب الرحمة الإلهية، حيث نزل القرآن ليهدي الناس ويخرجهم من الظلمات إلى النور.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في التفسير (٣٠٢٨) من طرق عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم بن البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
قال ابن إسحاق: وقد كان قريش - لا أدري قبل الفيل أم بعده - ابتدعت رأى الحُمس رأيًا رأوه وأرداوه، فقالوا: نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة، وولاة البيت، وقطان مكة وسكانها، فليس لأحد
من العرب مثل حقنا، ولا مثل منزلتنا، ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا، فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظّمون الحرم، فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمتكم، وقالوا: قد عظّموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم. فتركوا الوقوف على عرفة، والإفاضة منها، وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم عليه السلام ويرون لسائر العرب أن يقفوا عليها، وأن يفيضوا منها، إلا أنهم قالوا: نحن أهل الحرم، فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحُمس، والحُمس أهل الحرم، ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكن الحل والحرم مثل الذي لهم، بولادتهم إياهم، يحل لهم ما يحل لهم، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم.
وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك.
فكان لغير الحُمس أن لا يطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في لباس الحُمس، فإن لم يجدوا منها شيئًا طافوا بالبيت عراة، فكانت المرأة إذا اتفق طوافها لذلك وضعت يدها على فرجها وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كلّه وما بدا منه فلا أحله.
قال ابن إسحاق: فكانوا كذلك حتى بعث الله محمدًا ﷺ وأنزل عليه القرآن ردًا عليهم فيما ابتدعوه فقال: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٩٩] أي جمهور العرب من عرفات. سيرة ابن هشام (١/ ١٩٩ - ٢٠٣).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 47 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا

📜 حديث: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية